فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه

عبد الوهاب شعبان | صحفي بجريدة الوفد المصرية

الأوقات ستمر، والذي تورط في وقيعة، أو زاد في تجريحه، أو افتأت على شرف الخصومة، حتمًا سيذوق وبال أمره.

خذوا من صروف الدهر عبرًا، ومن تقلباته حذرًا، واعلموا أن كل بلد لم يُنصف فيه إلا أهل الأهواء كان عرضةً للأنواء والابتلاء، فلا تكونوا حطبًا في آتون نتن الروائح، ولا تزيدوا الجراح، ولا تنفخوا في رمادٍ غابر.

أنصح لمن يملكون قلوبًا ابتليت بضمائر حية، الزموا أهدافكم، وأحلامكم الشخصية، واعتنوا بأطفالكم، اغرسوا الحب، والإنصاف، وانشروا في الأجواء روائح العفو، ونسائم الصفح، وامنحوا أسركم، وذويكم فائض الوقت..

علمتني التجارب أن اختيار وقت الكلام أثمن من الكلام، وأن التصدر قبل التأهل مهلكة، وأن بطانات السوء من الدهماء، والغوغاء هي رأس البلاء، وأصل الوباء، لكن التجارب في هذه البقعة من الأرض لا أثر لها، و أغلب الظن أن ثمة يقين راسخ لدى البعض أن التاريخ توقف، ونزف مواعظه، ونضبت دروسه.

على سبيل اليقين كل الذين طلّقوا الحياة العامة في بلادنا، وركزوا في طموحهم الشخصي نجوا، وأنتجوا، وصاروا مشاعل ضوء يهتدي بها الحالمون، وآخرون انجرفوا، فانصرفوا عن التحقق، وتفرغوا لسياقات بلهاء، وتصرفاتٍ خرقاء.

وإن شوارعنا شاهدة على تصدّر اللاقيمة، واستمراء الهزيمة، على أصعدة شرف الخصومة، وأصول القرية التي تراكم عليها التراب، فلا مرثية أكبر من انتكاسة القيم، وتبلد الحوارات، وتعاظم الحمقى ممن لم ينطلقوا إلا أكتاف الطيبين.

بمنتهى الصدق لا شيء يدعوك الآن إلى استعمال المنطق إلا إذا دعيت إلى أناسٍ منطقيين، لذلك الزم حلمك، وطموحك، اصمت قدر المستطاع، واغتنم وقتك فيما ينفع أهلك، وعموم الناس.

هذا لأن معظم السائرين إما وشاة، أو متربصون، لا يمكن لرؤية صائبة أن تلقى بينهم طريقًا، وأنصت قليلًا لن تسمع إلا نعيقًا.. طابت أوقاتكم.

تعليق عبر الفيس بوك