"جارديان": علاقات فرنسا وألمانيا "في حالة يرثى لها".. وماكرون متعجرف

ترجمة- رنا عبدالحكيم

في أوائل ديسمبر، جلس إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل مقابل بعضهما البعض في أحد المطاعم بوسط لندن، لتناول عشاء لمدة ساعتين، لمناقشة العديد من الملفات، لكن دبلوماسيين في باريس وبرلين يقولون إن الأمر سيستغرق أكثر من مأدبة عشاء لإزالة العقبات الهيكلية التي تعترض سبيل العلاقة التي يمكن أن تتحسن بين الطرفين في عام 2020.

وبحسب تقرير لصحيفة جارديان البريطانية، قال مارك ليونارد مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "العلاقة الفرنسية الألمانية هي العلاقة الوحيدة الأكثر أهمية في الاتحاد الأوروبي وهي في حالة يرثى لها". وأضاف "وستزداد الأمور سوءًا قبل أن تتحسن".

وظلت دائمًا فجوة بين أساليب ماكرون البالغ من العمر 41 عامًا، وهو رئيس فرنسي طموح وغير صبور ومتعجرف في بعض الأحيان، وميركل المستشارة الألمانية الحذرة والبراجماتية، مما خلق صعوبة في بناء توافق في الآراء. وضاعفت المواقف الداخلية المختلفة للزعيمين من خلافاتهم الشخصية، مما جعل العلاقة غير مثمرة  أو ما هو أسوأ.

ماكرون، في منتصف فترة ولايته الرئاسية، يشعر بالإحباط بشكل متزايد، ليس فقط مع براجماتية ميركل البطيئة، لكن بسبب سلطتها الضعيفة منذ إعلانها أنها لن ترشح نفسها مرة أخرى عندما تنتهي فترة ولايتها 2021. والأسوأ من ذلك هو أن تحالفها الديمقراطي المسيحي الاشتراكي الكبير منقسم، ويعكف بشكل أساسي على البقاء ويخشى حتى التفكير في انتخابات جديدة في ظل ارتفاع الشعبية للأحزاب المنافسة.

وقال فرانسوا هيسبورغ من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "ألمانيا تعاني من شلل سياسي، غير قادرة على اتخاذ قرار كبير، وستظل كذلك حتى الانتخابات في سبتمبر 2021". وأضاف "من هنا جاء الإحباط الذي يشعر به ماكرون: لدى فرنسا أفكار؛ وألمانيا تضع أصابعها في آذانها".

ويمثل تشكيل الائتلاف الحالي في ألمانيا مشكلة بالنسبة للرئيس الفرنسي، الذي يسعى لإعادة انتخابه في 2022، ويكره الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط) مقترحات ماكرون بشأن تطوير القدرات العسكرية والأمنية للاتحاد الأوروبي، بينما يعارض حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ خططه بشأن منطقة اليورو والتكامل الاقتصادي.

وأضاف ليونارد "ماكرون يراهن بشكل أساسي على بناء علاقة جديدة مع ألمانيا وإصلاح فرنسا والعمل مع برلين لإصلاح أوروبا". وتابع "لقد عين وزراء يتحدثون الألمانية وقضى عامه الأول في جذب الألمان، لكن لم يتحقق شيء. لذلك كانت المشكلة محورية".

وهذا العام، بحسب ليونارد، فإن الرئيس الفرنسي- الذي يسعى حاليًا لدفع تغييرات المعاشات التقاعدية المتنازع عليها في الداخل- لم يتشبث ببرلين، وكان منهجه إطلاق مبادراته ومحاولة بناء علاقات مع بلدان أخرى وإشراك الألمان لاحقا. لم ينهار ماكرون هذه السنة بشكل غير متوقع. وفي الاتحاد الأوروبي لازال يتبع منهج "التصرف أولا والتشاور لاحقا" مما أزعج الكثيرون.

لكن الصورة ليست قاتمة تماما. فبعيدًا عن العناوين الرئيسية، لا يزال العمل الثنائي قائما، ولا تزال برلين وباريس تدفعان إلى الأمام حيثما أمكن، وإن كان ذلك بشكل تدريجي.

وقال دبلوماسي ألماني إن المشكلة في جوهرها مشكلة هيكلية؛ فمعظم الناخبين الفرنسيين يعتقدون أن فرنسا وأوروبا لا تعملان بشكل جيد من أجلهم، لذلك ماكرون "ليس لديه بديل سوى أن يكون عامل تغيير وتعطيل". في حين يعتقد معظم الألمان أن الأمور تسير على ما يرام، لذلك لدى ميركل الضرورة العكسية.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي، كانت العلاقة بين فرنسا وألمانيا، القوة الاقتصادية للقارة وزعيمها الدبلوماسي والعسكري، محرك الاتحاد الأوروبي، فعندما تعمل تتحرك أوروبا إلى الأمام؛ وعندما لا يكون الأمر كذلك، تتوقف أوروبا.

وقال ليونارد إن القرارات الكبرى للاتحاد الأوروبي في عام 2020، مثل ميزانيتها الجديدة، وإصلاحات منطقة اليورو، وحياد الكربون، والضرائب الرقمية، والعلاقات مع روسيا ستكون صعبة حتى لو كانت فرنسا وألمانيا قد اتفقتا واستعدتا للعمل. وأضاف "إذا لم يتمكنوا من ذلك ولم يفعلوا، فسيكون الأمر بالغ الصعوبة للغاية".

تعليق عبر الفيس بوك