تحت سطوة البِـرّ

 

د. أحمد جمعة | مصر

 

الرجال الضائعون

الذين أنفقوا عمرهم تحت قيد الطاعة

خشية العقوق،

لن يصبحوا يوما آباء جيدين؛

لأن لا رصيد لديهم سوى الخشية

ولا سبيل لهم لإنفاقه سوى في أبنائهم

تحت سطوة البر،

هكذا تورّث العبودية في أزياء أنيقة

مطبوع عليها:

"كما تدين تدان"

 

الرجال الذين ضاعت أمانيهم

وفجأة وجدوا أنفسهم في دائرة الأبوة معتلين كراسي الخبرات

ولأنهم يحبون أبناءهم

  • كما زعمهم الدائم دون فهم -

فهم دائما حاولوا إخضاعهم لما يرون

ولم يكن أمرهم شورى بينهم؛

لأن أمانيهم التي أرادوها ضيعها قبل أباؤهم

وهم أرادوا إحياءها في أبنائهم متناسين أن زمانهم قد ولّى

وما يريده أبناؤهم

  • الذين صاروا الآن عاقّين -

ليس ما أرادوه

فالأماني تغيّرها الرؤى.

 

الرجال الذين لم يعد لديهم شيء ليفعلوه

حين أحسوا بالخذلان من أبنائهم

للمرة الثانية

بعد أن خذلوا أنفسهم بخضوعهم قبل لآبائهم

خشية الدّين لا الدِين،

يجلسون الآن على كراسي هزَّازة

يخفون في اهتزازاتها

رعشات الندم التي تهرول في نفوسهم

جالسين خلف الجرائد

ليُخفوا خلفها عيونهم الباكية.

هؤلاء الرجال تحديدًا

هم أكثر المعجبين بعناد أبنائهم وثورتهم؛

لأن الشيء الذي ضيّعوه قبل

تأكدوا من أن أبناءهم

لن يكرروه،

فلذلك فجأة تراهم يضحكون!

تعليق عبر الفيس بوك