"جارديان": الأسواق المالية تنقلب رأسا على عقب في 2019

ترجمة- رنا عبدالحكيم

وصفت صحيفة جارديان البريطانية أن عام 2019 بأنه سيكون شاهدا على أحد أشد الأعوام تقلبا في تاريخ الأسواق المالية، بعد أن سجلت الأسهم في جميع أنحاء العالم رقماً قياسياً.

فمع آخر أيام التداول في أسواق المال، شهدت بورصة وول ستريت، ارتفاع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 25% تقريبًا بعد أن وصل إلى مستويات قياسية دنيا، كما صعد مؤشر ستاندرد آند بوز 500 الأوسع بنسبة 30%، وزاد مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا بنسبة 40%. ويقترب مؤشر فايننشال تايمز "فوتسي 100" في لندن من أعلى مستوى قياسي له، وكذلك الحال بالنسبة لداكس 30 في ألمانيا. وفي آسيا والمحيط الهادئ، ارتفع مؤشر نيكي بنسبة 15%، في حين لا يزال مؤشر إيه إس إكس 200 الأسترالي بالقرب من أعلى نقطة له على الإطلاق التي سجلها في نوفمبر.

لكن أيا من هذه الدول، باستثناء الولايات المتحدة، في حالة جيدة بشكل خاص. وبدلاً من ذلك، يتم دعم أسواق الأوراق المالية في تلك الدول، بتكاليف اقتراض منخفضة للغاية يقودها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتسببت الجولة الأخيرة من خفض أسعار الفائدة في العديد من السيناريوهات الاقتصادية.

وفي الوقت الذي أدى فيه ضعف البيانات الاقتصادية السيئة إلى انخفاض أسعار الأسهم، إلا أنها الآن تصعد بها في ظل توقع المستثمرين المزيد من تدخل البنك المركزي.

وتعلم المستثمرون الدروس المستفادة خلال السنوات العشر الماضية، واعتادوا أن يتوقعوا من البنوك المركزية أن تتصرف في أدنى علامة على حدوث ضائقة اقتصادية. وشهدت الأسواق تذبذبًا خطيرًا في عام 2018 بعد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية. لكن الانعطاف وسط ضغوط شديدة من الرئيس دونالد ترامب، الذي ألقى باللوم على رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في خنق النمو، أعاد الزخم الإيجابي مرة أخرى للأسواق.

وتنازلت الحكومات بشكل متزايد عن الإدارة الاقتصادية القديمة التي تعمل بأسلوب الضخ، تاركة الأمر للبنوك المركزية التي تتمثل أدواتها الوحيدة في تخفيض أسعار الفائدة أو إدخال خطط أخرى مثل التيسير النقدي. وهذه الإجراءات لم تُسهم كثيرا في إنعاش معظم الاقتصادات الغربية الكبرى، لكنها نجحت في إغراق الأسواق المالية بالنقد، مما عزز أسعار الأصول مثل الأسهم والسندات والعقارات.

وقالت إليانور كريج الاقتصادية في ساكسو كابيتال ماركتس في سيدني، إن عامل التهدئة في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والقرار المحتمل لبريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، ساعدا في تعزيز التفاؤل في الأسابيع الأخيرة، لكن العامل المهم حقاً هو سياسة البنوك المركزية. وأضافت أن "الدافع الرئيسي حقاً هو البنوك المركزية وسيولة البنك المركزي... إذ تساعد مجموعة كبيرة من البنوك المركزية في تخفيف الحالة المزاجية، وهناك عائق كبير أمام البنوك المركزية للعودة إلى رفع أسعار الفائدة وتطبيع السياسة النقدية".

وهذا يعني أن المستثمرين كانوا أحرارًا في شراء الأصول على الرغم من التقييمات المرتفعة والآمنة مع العلم بأن السياسة النقدية كانت تضمن الاكتتابات بشكل فعال.

وترى صحيفة جارديان أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة- التي صممت لأول مرة كاستجابة طارئة للأزمة المالية العالمية لكن صارت الآن معيار عالميا- مهيمنة بصورة كبيرة لدرجة أنه لا يمكن رؤية هذا النمط في الأسواق البريطانية والأوروبية واليابانية فحسب، بل في جميع أنحاء العالم.

وتضرب الصحيفة مثالا بالهند، حيث في وقت سابق من هذا الشهر، دفعت المؤشرات محافظ البنك المركزي في البلاد إلى التصريح بإمكانية تقديم المزيد من التسهيلات النقدية العام المقبل، وهو ما ساهم في ارتفاع سوق الأسهم إلى مستوى جديد. وخفض بنك الاحتياطي الهندي الفائدة 135 نقطة أساس هذا العام، لتصل أسعار الفائدة إلى 5.15%، وهو سعر منخفض للغاية من حيث القيمة في الهند. وارتفع مؤشر S&P BSE Sensex في الهند للأسهم الرائدة إلى رقم قياسي بلغ 41352 نقطة. وفي الوقت نفسه، فإن النمو الاقتصادي في أضعف حالاته منذ ست سنوات.

وخفض بنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية على أمل تحسين النمو البطيء. وبالمثل في كوريا الجنوبية وتايلاند؛ حيث أشارت الجهات التنظيمية إلى أن المزيد من التسهيلات النقدية في طريقها، وبات من شبه المؤكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يستمر على ذات المنوال.

ومعظم المتابعين لحركة الأسواق يرون أن سياسة البنوك المركزية أصبحت غير فعالة بشكل متزايد وأنها على وشك النفاد مع اقتراب 2020.

تعليق عبر الفيس بوك