لا تعشقي شاعراً

 

ثامر سعيد| العراق

 

قد تعشقينَ البحرَ

تحاولينَ مشاكسةَ الأنواءِ

أو تفسرين الأعماقَ بأنفاسِ الغرقى

فتصابينَ بالدّوار .

 

قد تعشقينَ اللغةَ

فتعلقينَ عينَ الخليل بن أحمد

مثل لوحةِ جيوفاني

لتجمعي دموعها لفرحةٍ مفترضةٍ

على خصٍّ في البصرةِ

فتخذلُكِ أحرفُ التمني ,

ثم تنتظرينَ قصيدةَ

تشقُّ قميصَ الليلِ

فيطوّحُكِ بين غصونٍ شائكةٍ

حفيفُها ,

ويبعثرُكِ الشعرُ

مثلما تبعثرُ حبّةُ كرستال

جمجمةَ مدمنٍ مراهقٍ .

 

قد تعشقينَ الأشجارَ

فتتحولينَ إلى هيفيستوس

حين تغادرُها العصافيرُ

قبل أن تعودَ إلى فراخِها

من ساقيةٍ أو بيدر .

 

أو قد تعشقينَ الحدائقَ أيضاً

فيُحرقُكِ عطرٌ يترنحُ

بين برعمينِ

ويذوي على رمادِ تنهدكِ .

 

ربما كنتِ مأخوذةً بأرسطو

فتؤمنينَ ..

بأنكِ كلّما اقترفتِ حروباً

غفوتِ عميقاً على أريكةِ السلام ,

أو مهوسةً بمولانا الرومي

تنقبينَ في الأغصانِ

لتفوزي بما تكتنزه الجذورُ

ثم تحلقين مشرقةً

وكأن الكون طوعَ جنونِكِ .

 

قد تعشقينَ المواويلَ

فتتساقطينَ أنيناً

من ثقوبِ الناياتِ

أو تعشقينَ المطرَ

فتكابدينَ حزنَ السقوفِ الواهنةِ .

 

لكنّكِ ..

يا أوسمَ من طعنةٍ في القلبِ

وأرهفَ من ضلعٍ مكسورٍ

ستصابينَ كلَّ ليلةٍ بالدّوارِ

وتكابدين حزنَ السقوفِ الواهنة

تتساقطين أنيناً من ثقوبِ الناياتِ

وربما تكفرين بعقلِ أرسطو

حين يحدثُكِ عن الحربِ والسلام

أو تنكرين على الروميِّ

حكمتَهُ

فليستْ كلُّ الأشياءِ ممكنةً

لقلبٍ مغروم .

ولأدنى سببٍ

تتحولينَ إلى هيفيستوس

حتى لو غادرَ عصفورٌ شجرةً .

تصيرُ ظنونُكِ دوارةَ ريحٍ

إذا عشقتِ شاعراً

لكنّكِ لن تكفِّي عن التحليق

ويبقى الكونُ طوعَ جنونِكِ .

تعليق عبر الفيس بوك