مشروع إعلامي من عنق الزجاجة

 

 

عبدالله الراشدي**

** إعلامي

 

البدء في مشروع إعلامي كإصدار صحيفة أو مجلة ليس بالأمر السهل عند التفكير في متطلباته المادية والمعنوية ويحتاج إلى جرأة عالية ومُغامرة في آن واحد، فهو من وجهة نظري مشروع مُغامر إلى حد كبير في كل الأحوال، خصوصًا في ظل الأزمات التي يمر بها العالم خلال العقدين الماضيين من القرن الحالي، وأذكر شخصيًا عندما صدرت جريدة الرؤية في العام 2009 كرابع صحيفة يومية (غير مجانية) ناطقة باللغة العربية في ذلك الوقت بعد كل من صحيفة الوطن وعُمان والشبيبة والزمن كان مفاجئاً لي ولم أعول كثيراً على نجاحه لعدة أسباب أوجزها في التالي:

كان العام السابق لصدورها (2008) عام أزمة اقتصادية خانقة هزت العالم تدحرجت ككرة ثلج من الولايات المُتحدة لتصل إلى أصغر الدول النامية، الأمر الذي يُصاحبه على المستوى الصحفي ارتفاع في أسعار الورق والطباعة وتكلفة تعيين محررين ومراسلين مُقابل تراجع في المعلنين وإحجامهم عن النشر والاقتصاد في الإعلان الذي يُعد شريان الصحف.

 الأمر الثاني أن مشروعا صحفيا وليدا كان قد بدأ في العام 2007 وهو مشروع صحيفة الزمن وبدء يلاقي صدى مجتمعياً، لذلك كنت أرى أنَّ الفرص ضئيلة لاستيعاب مشاريع صحفية ورقية جديدة رغم أن توجه الصحيفة كان مركزا بشكل كبير على الجانب الاقتصادي آنذاك.

الأمر الثالث شهدت تلك الفترة تنامي استخدام قنوات التواصل الاجتماعي من قبل المواطنين في السلطنة، الأمر الذي يُقلل فرص الالتفات للإصدارات الورقية، هذا علاوة عن تراجع مؤشر القراءة عموماً مما جعلني أشك في استمرارية الصحيفة.

إلا أنَّ صحيفة الرؤية رغم ذلك استطاعت أن تشق لها طريقا يُساعدها على الاستدامة والاستمرارية مع إنشائها لعدد من المبادرات الرديفة للمشروع الإعلامي، الأمر الذي يساعدها على تحمل أعباء هذه المهنة، وبعيدا عن الاتفاق مع الصحيفة أم لا في النهج الذي تتبعه في معالجتها للموضوعات وطريقتها في نشر الموضوعات المتعلقة بالمبادرات التي تتبعها واختلاف توجهها الاقتصادي المركّز الذي كان يمكن أن يكون سبقاً محلياً في تأسيس صحافة اقتصادية متخصصة، إلا أنَّ وجود مشروع كصحيفة الرؤية أصبح جزءًا من المنظومة الإعلامية العمانية الذي يستحق التقدير والدعم ليساهم في بناء نظام اجتماعي مثقف يعتمد على إعلامه الرصين في تلقي المعلومة.

كل التوفيق للقائمين على صحيفة الرؤية متمنياً لهم عقدا جديدا حافلا بالنجاح مرصعاً بالقيم الخبرية ومحفوفاً بالمصداقية والشفافية في الطرح تتلمس فيه الصحيفة هموم المجتمع لتنقلها عبر القلم إلى من يعنيه الأمر، كما أبارك للمجتمع الإعلامي في السلطنة وجود مثل هذه المنابر الإعلامية. كل عقد من الزمان وأنتم مرآة لعمان.

 

تعليق عبر الفيس بوك