كاتب في جريدة الرؤية

 

أحمد الرحبي

منذ بداية تجربتي المتواضعة في الكتابة، كنت دائمًا ما أجد في كتابة المقالة متعة خاصة، مُتعة لا يكاد يوازيها سوى متعة القراءة ذاتها التي هي معين ومنبع غزير للكتابة كمشروع يحاول صاحبه أن يحقق الإبداع والإضافة فيما يكتب، برغم أنَّ بداية الكتابة لدي التي انطلقت من على أعتاب مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي؛ كانت في إرهاصاتها الأولى مشغولة بكتابة القصة القصيرة، وربما انخراطي في العمل بالمجال الإعلامي والانغماس في معمعة مهام العمل اليومي في هذا المجال؛ هو ما نحى الاهتمام بالكتابة الأدبية جانبًا وجعله يصبح اهتمامًا هامشيًا بدون أن انقطع طبعًا عن كتابة القصة القصيرة، والتي أصدرت فيها مؤخرًا مجموعة قصصية بعنوان ..فستق.. وفي طريقي إلى إصدار مجموعة ثانية، هي حاليًا قيد التنقيح والإعداد للنشر، إلى جانب استعدادي أيضًا حاليًا، لإصدار كتاب في نوع أدبي آخر، هو عبارة عن شذرات ومقاطع أدبية.

 ولعل الاهتمام بالآني والعام والتركيز على الحقائق والتفاصيل الذي يتطلبه دائمًا العمل الإعلامي، هو ما جعلني أقترب أكثر من روح المقالة في كتاباتي، وهو الأمر الذي جعلني أستمر في المواظبة على كتابة المقالة بحب ومتعة طوال فترة التسعينيات من القرن الماضي وحتى الآن بدون انقطاع، حيث كتبت في معظم الصحف العُمانية، كتبت في بعضها بوتيرة أسبوعية متواصلة، وبوتيرة متقطعة في بعضها الآخر، إلى أن استقر بي الحال في الكتابة بشكل أسبوعي في جريدة الرؤية قبل 3 سنوات تقريبًا، في صفحة رؤى والتي كان يشرف على تحريرها في ذلك الحين الكاتب الصديق عبدالله خميس، وهي صفحة كانت ومازالت في الحقيقة، تحمل بين سطورها ثراءً وعمقاً في الطرح من خلال مشاركات عددٍ من الكتاب أصحاب الأسماء المرموقة، فقد تناوب في الكتابة في هذه الصفحة،  عدد من أصحاب الأقلام والكتاب، سواء من داخل السلطنة أو من خارجها، ولقد كان وراء استقطابهم بدون شك، سياسة تحريرية ذكية وواعية: وذلك من خلال التعامل المتساوي مع الآراء على اختلاف توجهاتها، واحتضانها في إطار المساحة أو السقف المتاح للطرح في الجريدة، والتشجيع على التنوع في الآراء والتوجهات، في الصفحة، مما جعل جريدة الرؤية تتميز عن باقي الصحف العمانية بصفحة شاملة جاملة لمختلف الطروحات والآراء، وهو ما أصبح علامة فارقة تعرف بها الرؤية في إطار صحافة الرأي، حيث إن إتاحة مساحة للرأي لم يكن يلاقي كثيراً من الاهتمام في الصحافة العمانية قبل صدور جريدة الرؤية منذ 10سنوات، وهو توجه انطلق في العالم كله، أو تعززت مكانته مواكبة لثورة الاتصال الرقمي وانتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح الخبر في ظل هذا التطور لثورة الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي ليس مهمًا في حد ذاته، ولكن أصبح المهم أو الأكثر أهمية من الخبر، هو القراءة لأبعاده واستشراف التوقعات على ضوئه، حيث أصبح الخبر كمنتج صحفي أو إعلامي، والذي لم يعد تحتكر صناعته غرف الأخبار في القنوات أو الإذاعات، أو في مطابخ التحرير في الصحف، بل أصبح متاحاً بضغطة زر بفضل الميديا الجديدة مع ثورة الإنترنت وانتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، أثناء الدقائق الأولى من وقوع الحدث، فأصبح التحدي للإعلام الجديد هو مُلاحقة الأحداث التي منذ وقوعها سرعان ما تتحول إلى أخبار بائتة، بالتحليل والقراءة المعمقة الهادئة، التي يجد في مضمونها القارئ ما يُشفي غليله، لمعرفة كنه ما يحدث.

لقد استطاعت جريدة الرؤية أن تحقق حضوراً لافتاً، خلال 10 سنوات من عمرها، وأن يكون لها مكانة مميزة في الصحافة العمانية، وإن مضى عقد من الزمان على تجربتها الصحفية الناجحة المختلفة نوعًا ما عن السائد في صحافتنا العمانية، والتي تلهمنا جميعاً كتاباً وقراءً، إن مضي عقد من النجاح على هذه التجربة الصحفية الفذة، يؤهلها بدون شك، للاستمرار والتطور في مشروعها الصحفي، وأن تكون بمستوى التحدي، وهو تحدٍ كبير وصعب في ظل الاستحقاقات التي يفرضها واقع الإعلام البديل والصحافة الإلكترونية، على الصحافة الورقية، والذي جعل كثيراً من الصحف المرموقة في العالم تراجع حساباتها أمامه، إما بالتوقف النهائي عن الصدور، أو بالتقلص والاتجاه إلى الصدور إلكترونيًا، مما يُعد تكيفاً لابد منه برغم صعوبته، للاستمرار.