للغة العربية في يومها العالمي

 

 

حوارية بين أيمن وزرقاء اليمامة

د. ريم سليمان الخش | باريس

 

زرقاء اليمامة:

ماذا تريد؟

أيمن:

عزاءً فيه تأبيني

مذْ غادرت ودمي أشلاء مطعون

مذ أُبعدت وأنا أشباح مقبرة

بالليل نادبة تبكي وترثوني.

 

زرقاء اليمامة:

اكتب لها خبرا تلق الجواب لما

يُضنيك مستترا بالغيب مسجونِ.

 

أيمن:

عندي رسائلها أقتات أحرفها

وكيف أبعثها دون العناوين؟

ذابت وذا كبدي آثارُ محْرقَة

إنّي المهدم لكن دون تأمينِ

كم رحت أبحث عن خيلي لأصهلها

جريا على شجنٍ بالشوقِ مشحون

كم أطعمت جسدي للنار صورتها

وسوّرت بأسى عينيَّ من هونِ

لم أخبز السعد مذ ذابت ملامحنا

خبزي السهاد وكأسي حزن مغبون

كانت تقدّم لي أشواقها طبقا

عند اللقاء ومن عشقٍ تُغذّيني

كانت خوابيَ من شهدٍ أضيع بها

والحقل ممتلئٌ بالخوخ والتين

كانت تساعدني في زرعه حبقا

وتغرس التل أشتال الرياحين

خمرا تسيل على روحي وأشربها

حتى الثمالة تسري في شراييني

كانت قصيدة حب جدّ صاخبة

حتى علقنا ببيتٍ غير موزون

ضاعت وخلّت كسير الوزن مكتئبا

والشعر ياللشعر لم يحفل بمسكين

لاشيء يربطني بالحب ثانية

إلا انهمارٌ من الرؤيا يُسلّيني.

 

زرقاء اليمامة:

في عالم ما لقد ظلّت مكوّرة

مازلت تحضنها بين البساتين

مازلت تعجنها شوقا وتخبزها

خبز الوصال على جمر المحبين

مازلت تنظمها دنّا معتقة

كحرف وجدٍ بنشوى الحسّ مخزونِ.

 

أيمن:

ماذا ؟ وكيف ؟ وهل حقا مجسّدة؟

 

زرقاء اليمامة:

في كوكبٍ ما مدارٌ من تخامين !

في بقعة ما ..بعيدا عن مجرّتنا

أرضٌ هناك على درب الحساسين

هناك للدفء أبوابٌ مشرّعة

لاريح تفصل عن نشواه قلبين !

مثل احتمالٍ وإيمان بأنّ لنا

قرائنَ الذات من أسرار تكوين.

 

  أيمن:

 -؟؟؟

 

زرقاء اليمامة:

إنّا احتمالٌ لشحناتٍ مذبذبةٍ

مسارك الآن حظٌ من ملايين

كلّ المسالك في التخمين واقعةٌ

بعالمٍ ما وذا تشخيصُ تخميني

إني أراها كوجه البدر بازغة

وحضرة الليل مزمار الخليلين

على الترائب كالبللور ذائبة

وبحة الناي تسري بين شقين

يارب لحنٍ على أوتار عاشقة

يُصيّر الحسّ اوكسترا التلاحين

لحنا تسيل على أنثى مموسقة

والأذن تلعق ماقد سال في الحين

ياربّ بحرٍ قويّ المدّ متصلٍ

بروضة التوت والعناب والتين

هذا الجمال الذي ماكان دونكما

ومضٌ تجلى كلولو فيك مكنون

 

أيمن:

الحب لوحة رسام وربّتما

في ريشة ما اخنلاط في التلاوين

ماذا ستخبرني الزرقاء ثانية ؟

هل ثمّ حظٌ وفير التمر عرجوني؟

 

زرقاء اليمامة:

حقيقة الأمر أنْ للروح طائرها

يُشعّبُ الحظ تشعيبَ الأفانين

جميع من تركوا ومضا بذاكرتي

كانوا التقاء شعاعٍ منذ دهرين

كانوا اجتماعا على نجمٍ وقد  برقوا

كانوا حروفا على متن الدواوين

لقوة الجذب أسرارٌ ممغنطةٌ:

لحنٌ تآلف إيقاعا ومن حين

 

أيمن:

بين الحروف قوى مازلت أجهلها !!

بعضٌ يُوافقني بعضٌ يُعاصيني

 

زرقاء اليمامة:

كنه الوجود حروفٌ حين صوّرها

تولدَ الكون بين الكاف والنون

 

أيمن:

كم أشتهي سبر بعض من عوالمها

كعالم الصرف بالكيمياء مفتون

لكنّ قلبي ماانفكت جوارحه

عصيّة الغوص في عمق البراهينِ.

 

زرقاء اليمامة:

بعض الحروف إذا ما جُمّعت صعقت

كأنّ ألسنَها نارٌ بِتِنينِ.

 

أيمن:

ماذا عن القلب يازرقا أليس به

حزنٌ يلوّعه يذوي كغسلين !

ألست هائمة بالوجد مشحنة؟

 

زرقاء اليمامة:

إنّي علقتُ بشحنٍ محض مجنون

من ألف عام وهذا الجذب يرسمني

وحيا يُمدّ إلى ماقبل تكويني !

إنّا نولّدُ أمواجا ترددَها

تردد الموت عشقا كالمجانين

حتى القرائن لم تترك غوايتها !

عاد الدقيق وعدنا للطواحين

وأغلب الظنّ أني من وشيعته

توترٌ قادحٌ أعتى البراكين

ذاك التجاذب قد أنهى معالمنا

 

أيمن:

قد يُحدث الجذب تفكيك الموازين

 

زرقاء اليمامة:

بتنا كأخيلة في ريح أتربة

حتى مُزجنا معا هطلا على الطين

لكنّ مهجتنا نبعٌ نفجّرها

بالشعر كالسحر في الأنفاس مقرون

أنْ ليس تجمعنا للشدو أيكتنا

لكننا عبقٌ بين الأفانين

تبلل الغصنُ من غيم يُظللنا

حتى نما حبقٌ للشدو يدعوني.

.....

هامش:

ملاحظة: اعتمدت على مبرهنة الأوتار التي وحدت قوى الطبيعة الأربعة.

تعليق عبر الفيس بوك