يا صاحبَ الجلالة: إنَّا نُحِبُّكَ كُلَّ هذا الحبِّ

سمير عبد الصمد/ الأردن

 

يحددُ ابنُ خلدون، مؤسس علم الاجتماع صفاتِ القائد بأنها: العلمُ والعدلُ والكفاية. وفي كتابه، السبيل إلى القيادة، يقول الفيلد مونتجمري: إن القائدَ لا بدَّ أن يحملَ أهدافًا عظيمةً ورسالةً ساميةً في الحياةِ، يتصفُ بالشجاعةِ وقوةِ الإرادةِ والعزمِ، يحرصُ على رفع معنوياتِ أتباعِه، ويبثُّ بينهم روحَ الاعتمادِ على الذاتِ.

ويقول: روبرت تاونسند في كتابه، ابتكار القيادة: الفرقُ الجوهريُّ بين القادةِ أنَّ بعضَهم يعتمدُ على القوةِ الـمحضةِ، ويعتمدُ بعضُهم الآخرُ على الفعاليةِ المطلقةِ. ويضيف: مَنْ يعتمدُ على القوةِ فقط يرسِّخُ قيادتَه بالخطابةِ والكلماتِ الرنانة، ومَنْ يعتمدُ على القوةِ والفعاليةِ، يتكلَّمُ ويعملُ في الوقتِ نفسِه، وهو يعملُ وينجزُ أكثرَ مما يتكلم.

          قال الصحفي الكويتي أحمد الجار الله بعد مقابلة أجراها مع صاحب الجلالة: إنني أمامَ رجلٍ يضعُ تجاربَه أمامي، يتحدث عن فلسفةِ حكمِ الشعوبِ وكيف يجبُ أن تكون، ويضيفُ إليها نتائج هذه الرؤى، وهي نتائجُ يلمسها كل مَنْ تطأُ قدماه أرضَ السلطنةِ.

 

هؤلاء هم القادة الناجحون:

هم فعّالون لأنهم مُنجزون، لا لأنهم محبوبون فقط، فالقائد تصنعه إنجازاتُه لا شُهرتُه. وهم يدركون أن القيادةَ ليست مرتبةً أعلى، أو مميزاتٍ أكثر، بل مسؤولياتٍ أكثر. وهم بالتالي مضربُ المثلِ في العطاءِ والقدوةِ الحسنة.

 

سيدي: لهذا نُحبَّك كلَّ هذا الحبِّ.

 

لأنك قلتَ لأهلِ عُمان: "أنَّك ستعيدُ عُمانَ إلى ما كانت عليه من قوةٍ، وأنَّ الظلامَ سينجلي، وأنك ستعمل بأسرع ما يمكن لجعلهم يعيشون سعداء". يومها شحذت هممَ أبناء الوطن ومفكريه، فنهضوا لُحمةً واحدةً لبناء هذا الوطن المعطاء، الذي لم تُنتهكْ سيادتَه طيلةَ تاريخه، ودافع أهلُه عن أرضه في مواجهةِ كلِّ غازٍ وطامع، واليومَ باستطاعة كلِّ عُمانيٍ أن يرفعَ رأسه عاليًا دلالةً على افتخاره واعتزازه بالإنجازاتِ التي تحققت على ثرى هذا الوطن الغالي.

 

قلتَ: "أنا بالنسبةِ لي الإطراءُ الحقيقيُّ هو ما أشاهدُه من عملٍ حَسَنٍ عندما نرى أننا نعمل، وأنَّ نتائجَ عملنا مفيدةٌ، والناسُ تُحسُّ بذلك" وإن ما نشاهده اليوم من إنجازاتٍ في كل عمان الغالية تتحدثُ بلسانِ الواقع عن مآثرك، وتلهجُ بذكر مناقبك، ولسانُ شعبِك رطبٌ بالثناء عليك ليلَ نهار، اتحدت المشاعرُ والقلوبُ على قلب رجلٍ واحدٍ، فامتلأت بالإيمان والإخلاص، فأنت الذي ما فتئتَ تعمل من أجل رخاءِ العمانيين وعزتهم؛ لتحقيق مستوى أفضل لمعيشة المواطن، فنذر العمانيون جميعًا أنفسهم لخدمة ترابِ هذا الوطن الذي جَبَلوا ترابَه بعرقِ الجبين، واختلطت حباتُهُ مع حبَّاتِ الجهد والعرق.  

 

إنا نحبك؛ لأن عظمةَ القيادة امتزجت بمعجزة الإنجازِ بفلسفة الحبِّ، ففجرت طاقاتِ الشبابِ العماني المتشوِّفِ إلى آفاقِ المجد، المؤمنِ بدينه وأمته، القادر ِعلى تسخير قدراته الخلاقة ومواهبه المتعددة، ومهاراته العلمية والفكرية، لخدمة وطنه، والارتقاء بمجتمعه، والمحافظة على هويته المتميزة وتراثه الحضاري الضارب في أعماق التاريخ، أيقظت هممَهم وغرست فيهم روحَ العملِ والإبداع، فنهضوا يبنون هذا البلدَ الأصيلَ على أُسس عصريةٍ تأخذُ بأحدثِ أساليبِ العلم والتقنية، دون أن يتنكرَ لتراثِهِ العريق وأمجاده التليدة، بل سعى دائمًا إلى مزج الحداثة بالأصالة.

 

إنا نحبك؛

لأنك آمنت بأن أفضلَ اُلنُظمِ السياسيةِ هي المستمدَّةُ من خصوصياتِ الشعوبِ ومن تراثِها وثقافتِها وإرثِها الاجتماعي والسياسي. وقد حدد النظامُ الأساسي للدولة خصوصيةَ قِيَمِ النظامِ العُمانيِّ الذي يعدُّ عُمان دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة تامة، تقومُ على نظام إداري سليم يكفلُ العدل والطمأنينة والمساواة للمواطنين، ويضمن الاحترامَ للنظام العام، ورعاية المصالح للوطن؛ لذلك أمرُك مُطاعٌ واحترامُك واجبٌ، وذاتُك مصونةٌ لا تُمسُّ، فأنت رمزُ وحدتِنا الوطنية، والساهرُ على رعايتها وحمايتها، الضامنُ لمنظومة القيمِ العُمانيةِ التي تأصَّلتْ عبر التاريخ.

 

إنا نحبك؛

ونجددُ البيعةَ لمقامكم السامي في كلِّ مناسبةٍ، نعبِّر عن سمو العلاقة بين القائد وشعبه، نصوغ عباراتِ الانتماء مُجددين لكم عهدَ الولاء وميثاقَ المحبة والوفاء، إنها مشاعرُ حبٍ وتقديرٍ فاضت بها الصدورُ والعواطف، فانتقلتْ إلى التعبير الحسِّيِّ عبر المسيراتِ والاحتفالات والهتافاتِ والأناشيد الوطنية.

 

إنا نحبك؛

لأن يدَك الحانية تشدُّ على يد المبدع، وتقدِّرُ إنجازَه وتمنحه طاقةً لا محدودة، وتمسحُ على رأسِ الضعيفِ والعاني فتمنحه شحنةً عظيمةً من الأمل، لأن يدَك الحانيةَ تأخذ بيدِ الكبيرِ فيشعرُ بطمأنينةٍ وراحةٍ بعد أن وهنَ العظمُ واشتعلُ الرأسُ شيبًا، وتدنو من الصغيرِ تبعثُ فيه إرادةَ الرجالِ، وترتقي بأحلامه ليغدو مواطنًا نافعًا.

 

إنا نحبك؛

لأنك تراهنُ على كفاءة الإنسان العُماني وتستثمرُ فيه كلَّ إمكاناته الخلّاقة، وتجعل من العلمِ والعمل أساسًا لحياته، ومن الوفاء والإخلاص شعارًا يزين هاماتِه، فالطموحاتُ العظيمة للأمم والشعوب لا تتحقق صدفةً أو بالاعتماد على الآخرين، وإنما تتحققُ بالاعتماد على النفس والعمل الدؤوب والجهد المبدع.

 

إنا نحبك كلَّ هذا الحبِّ يا سيدي؛

 لأنَّك الصفحةُ الأكثرُ نقاءً وشموخًا في تاريخنا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك