ننتظر صُلحا تاريخيا يا سادة الخليج

علي بن سالم كفيتان

alikafetan@gmail.com

بالأمس، طارتْ الطائرة لتختفي في الأفق، حاملةً معها سيد الرجال وسلطان القلوب إلى القارة العجوز، ومعها طارت قلوب كل العُمانيين المخلصين الأوفياء لهذا الرجل العظيم، كم أسعدنا جلالته عندما رعا العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني؛ فنظرات الجنيبي تمنحنا الطمأنينة؛ لأنه رجل اعتاد المشي إلى جانب السلطان، وابتسامة النعماني لم تتغيَّر؛ فالثبات هو سمة من سماتنا رجال نذروا أنفسهم لخدمة عُمان والوفاء لسلطانها، ومن خلفهم جحافل تهتف كل صباح باسم جلالته في ميادين التدريب وساحات المعسكرات؛ فلا خوف على عُمان، وسيعود السلطان سليمًا مُعَافى بإذن الله تعالى.

وفي الرياض، تُعقد غدًا قِمَّة أشقاء على أرض المملكة العربية السعودية، أرض الحرمين ومقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وكلنا ننتظرُ بلهفة صلحًا تاريخيًّا يُزِيل غمامة الخلاف بين الأشقاء، ونراها غير مستعصية؛ لأن الأخوة يظلون أخوة مهما كانت مساحة الجفاء أحيانا؛ فكم أرهقتنا القنوات الفضائية التي تنخر في جسم المجلس وتقلل من شأنه، وكم أزعجتنا المؤامرات الكونية التي استنزفت مواردنا وأرهقت شعوبنا؛ فبعد الرخاء أصبحنا نستجدِي العطاء مِمَّن كانوا بالأمس يقفون على أعتاب دواويننا، ولم نبخل عليهم؛ فكانت أيادي الخير تمنح دون مِنَّة لكل العرب والمسلمين وحتى للمستضعفين والمهمشين في مختلف أرجاء العالم.

سننتظرُ غدًا مصافحات وابتسامات جديدة خالصة ووفية كما تعوَّدنا من حكام الخليج، وسيعود معها النماء والخير إلى كل ربوع جزيرتنا العربية، وسينهض اليمن السعيد من كبوته، وسيواصل رسالته الإنسانية العظيمة، سنُلملِم جراحانا ونعالج نفوسنا التي أثقلتها المحن، وسينتفض العراق ويزيح كل غبار السنين الماضية، سيُلهم الخليج الأمة مجددا، ويطرح لها خيارات لا تخلو من الرحمة، وسيراجع البيت الأبيض سياساته عندما يعود الخليج إلى سابق عهده مناصرا لقضية فلسطين وقضايا المسلمين في بورما وإفريقيا الذين تضربهم الهجرات والمذابح والمجاعات، سنعيد اكتشاف طريق الداعية الكويتي السميط، وسنذهب إلى خلوته في أدغال الغابات لنعيد للناس أملاً جديداً في الحياة؛ فنحن خلقنا لإنقاذ البشرية، ورسالتنا هي النهج المحمدي ولم نخلق لجمع الأموال وسكن القصور والتباهي بامتلاك الحياة الرغيدة؛ فالشظف جبلنا عليه لإيماننا بأنَّ الحياة الدنيا زائلة والآخرة هي الباقية.

نقول.. حفظك الله يا أبو ناصر، وأطال في عمرك، فأنت الباقي لتوحيد الجميع في خليجنا، ونعلم أنَّ الأمر أخذ منك مأخذا صعباً؛ فكنت في المستشفى وفي الديوان وما بينهما ترسم الابتسامة لنا جميعاً، دعونا لك جميعاً من قلوبنا عندما ألمَّت بك وعكة صحية، ومن ثم رأيناك تقف مجددا في مشفاك بالولايات المتحدة، لتسأل بن علوي عن صحة جلالة السلطان، كم أنت عظيم يا صباح الخير، وبإذن الله سنرى غدا حصاد عملك الدؤوب لتجميعنا، وسنحتفل بابتسامتك الغالية علينا، وتأكد أنَّ عُمان كلها معك من سلطانها وحتى أصغر مولود فيها؛ لأنك رجل المحبة السلام.

كانت دورة الخليج لكرة القدم 24 مؤشرا جميلا على عودة اللحمة بيننا، ولكم أن تروا حجم السعادة والتفاعل الكبير معها؛ ففي دوحة الجميع اكتشفتْ الفرق ملاعب مونديالية عالية المستوى، وكرم ضيافة، وحسن استقبال، لا يُجِيده غير أحفاد بن ثاني وشعب قطر الأصيل، رأينا الحشود القطرية في المدرجات تشجع السعودية والبحرين، وتتعاطف مع الإمارات؛ فلا يوجد مكان هناك للحقد؛ فقطر موطن كل من ضام حاله، وهي بوابة المستقبل مثلها مثل باقي عواصم خليجنا الزاهر بإذن الله تعالى.

قبل عدة أشهر، صافحت بن زايد، وكنت شاهدا على قدر محبته لشعبه، وبساطته في الوصول إليهم ليواسيهم أحياناً، ويحتفل معهم في أحيان أخرى، ومهما كان المصاب جلل، فإنَّ أبو خالد قادر على جبر الخواطر وتطييب النفوس؛ لهذا لن نستبعد قيادة دفة المصالحة الخليجية.. سننتظر غدا بفارغ الصبر ونرجو أن لا تخذلونا.