د. ريم سليمان الخش| باريس
يُناديني النضال بكلّ وادِ
ومامنّي الضميرُ على الحيادِ
//
ومن كان الحياد له انتسابا
فمخصيّ الرجولة والرشادِ
//
وما الإيمان عندي حج بيتٍ
إذا كانت دياريَ للأعادي
//
إذا كانت زهور الأرض تكوى
براجمةٍ وتُسحقُ في الوهاد
//
وما قلبي سوى جمرات عشقٍ
لمضطهدٍ ومحرومِ الأيادي
//
طوافي عنده في ألف حجٍ
وتلبيتي بزاديَ والفؤادِ
//
وديني لا يُحدده إمامٌ
إذا كان الإمام على فسادِ
//
مواعظكم تُنفّرني فخلّوا
عمائمكم وحلّوا عن بلادي!!
//
حسينيّ الفؤاد ورثتُ عنه
الترّفعَ والصلابة في العماد
//
وما غير العروبة في عروقي
وما كان انتمائيَ غير ضادِ
//
أيا من تدّعي حبا لطه
وطه ها هنا كالشمس بادِ
//
له نورٌ يشعّ بكلّ قلبٍ
أراد الحبّ نهجا للسوادِ
//
يذودُ عن العدالة شانِئيها
ويدفع عن دمي ظلم الأعادي
//
جوادٌ لا يعزّ عليه بذلٌ
إذا كان التحرر بالمزاد
//
وخير الفعل إيثارٌ سخيّ
به بذلُ الخصاصة من قَتاد
//
حذاري من مغانمَ أو ثراءٍ
حذاري من حريقٍ في الحصاد!!
//
فما نفد اتقاد الجأش إلا
بأطماعٍ وزلّاتِ انقياد
//
وما طوق الثراء سوى غرور
ولا تنجو الخليقة من مَعاد
//
ألا فانفر إلى موت كريم
فتلقَ الله مخضّر المداد
//
تمدّ لك اللصوص حبال غدرٍ
وما بيضٌ إذا مُدّت أيادي!!
//
قبولك في انتفاعٍ خُلّبيٍ
بقاؤك بالضلال بلا سِدادِ
//
وما الإصلاح مرجوّ بحكمٍ
يقوم على التجبّر والفساد!!
//
ويسألني عليّ إذا تعبنا
وقد شحب البريق من السهاد
//
وقد ولّى الربيع على كسوفٍ
يُرنّحُ في شتات وانسداد
//
وبات السرب في الغابات يجري
على خطر المزالق لاصطيادِ
//
ولم يثمر رياض القوم تمرا
يُزيل المُرّ عن ثغر المُراد
//
: نعم تهنا بمعمعة ودُخنا
نعم ضلّ الركاب عن الرشاد
//
تفرّق جهدهم عبثا وضاعوا
كذا ضلّ المسيرُ بدون هادِ
//
ضياعا من تشرذمنا مريرا
ضياع التبر في قعر الرمادِ
//
ومارتل القطيع بدون راعٍ
سوى صيدٍ لكلٍّ بانفرادِ
//
شراراتٌ تُلوّحُ ثم تخبو
ولا يُعطى لها طولُ اتقادِ
//
وقد ظنوا المخاض قريب طلْقٍ
فلم يأتِ المُبشّرُ بالمعاد
//
ألا فاغضض ملامك عن عيوني
فعندي اليوم ما يمحو انتقادي
//
وباعد بين تأبيني وبيني
فما مكّنتُ عجْما من قِيادي
//
عراق الحبّ أعمقنا بيانا
وأقدرنا على دحضِ السواد
//
وأنصعنا بياضا في قلوبٍ
كغيمِ الله ينضحُ بالودادِ
//
لقد شرب المرارة منذ دهر
فأنبتَ نسلَ أبطالٍ شدادِ
//
به زخم الحضارة والمعالي
به عشتار نجمة كلّ شادِ
//
ببابل لم تزل صرحا مشعّا
وأنكيد المغير على الأعادي
//
ووجهك يا حسين يشع نزفا
فلا نرد الحياض بلا جهاد
//
على كلّ الطغاة بكلّ عصرٍ
وهاهي ذي العروبة إذْ تُنادي
//
إذا حلّ الجهاد يدّق طبلا
فدع عنك التعلّق بالوساد
//
سويعات الكفاح ألا اغتنمها
وما فجر انتصارك بالرقاد
//
لئن أزمعت أن تغتال عيشا
يُمتّعُ بالهناءة في احتشادِ
//
فلا تندم على فعلٍ نبيلٍ
وحسب النُبل زادك في المعاد
//
وما لون الحياة بلا كفاحٍ
سوى مللِ البياض بلا اتقاد
//
وخير الخيل أسرعها عُدوّا
وخير القوم فرسان الطِراد
//
أجاويدٌ وقد بُعثوا فصولا
لتغيير الحضيض إلى نجادِ
//
وأنفعهم وأقربهم مكانا
غمامٌ سال نهرا للعباد
//
وما نفعُ الحبيب بقلب صَبّ
يُشرّعُ بالوعود بلا سَداد !!؟
//
فناضل كي يظلّ الحبّ كونا
ولا يفنى بفوّهة الزنادِ
//
إذا ذاقت قلوب الناس عشقا
ومهما طال آلٍ للنفادِ !!
//
ولكنّ الجوى في قلب حرٍّ
نضالٌ في اتقادٍ وازديادِ
//
لعلّ النصرَ يأتي بعد كدٍّ
ويفرحُ إنْ أطلَّ به فؤادي
//
لعلّ الكون يسمع صوت أرضٍ
تُوشّحُ بالترمّلِ والسوادِ.