صديقي البعيد

 

د. أسامة الحاوي | مصر

 

" في أيام لم تبعد عنا بالقدر الكافي لننساها

بتفاصيلها ..

كانت البركة في الوقت عنوان المرحلة ..

كنا نصحو ونصلي ونتناول الإفطار بمضغ وتذوق .. ودفء

وحيداً كنت أتناول الشاي .. تخبرني أمي وكأني كنت أطلبه في بطنها..

ثم المدرسة .. مشياً ..ثم من الحصص سبعاً تفصلهما فسحة واستراحة

ثم العودة وكتّاب نأتي الشيخ فيه شاكرين كرمه لا يأتي لطلبته مازحاً أكتر وقته ..

ثم الصلوات والأذكار والغداء الذي قلّ أن نتناوله دون ضيف يجود علينا بمشاركته

ثم استذكار " لوح " القرآن أولاً وبعده الدروس واللعب والزيارات ومسلسل الثامنة

وحديث الروح بعده ونشرة التاسعة التي كانت تمجّد الحاكم ..كعادتها

ولا يزال في الليلة بركة .. جلسة قرءآن وصلوات ليل وقصص يخبرنا بها الكبار

ملهمة .. وتفوح قيماً وقيمة وحكمة وودّا ..

كانت المشاعر حقيقية .. والذهن صافٍ .. والاستمتاع حتى صميم القلب.. حتى في الفقد والرحيل والمصائب..

اليوم ..

لم يفقد القلب الود ولا الحب ولا يشكك في شعور لكنه فقد المتعة ..

ربما من كثرة المسؤولية ..ربما من تقلبات الزمن والثورات الفكرية والتقنية ..

ربما من اعتياد بعض الألم .. وبعض العجز وبعض التيه

ربما من زهد أصاب الروح بعد تجارب الأبوة والقيادة ..واليتم ..والرحيل المفاجئ

اليوم .. تلتصق أصبحنا بأمسينا ..بأذكار المضطجع..لا زيارات ..لا وقت لأهلك ولا الضيوف .. الواجبات كثرت أضعاف الأوقات ..

لا وقت لتعاتب ولا لتناقش .. ولا حرية أحياناً لتخبر من تحب بدوام ودّك لهم

ليس يأساً ولا تبرأ ..ولكن .. عاونوا إخوانكم على شتاتهم ..

بالنصيحة والعفو والدعاء .. اللهم بركة في العمل والنية والثواب والرزق والذرية "

 

تعليق عبر الفيس بوك