"جارديان": رفض بريطانيا عودة "أطفال داعش" تنصل من المسؤولية الأخلاقية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

تساءلت صحيفة جارديان البريطانية في افتتاحيتها عن أسباب خوف وزيرة داخلية بريطانيا بريتي باتل على خلفية رفضها عودة أطفال مقاتلي تنظيم داعش من البريطانيين إلى المملكة المتحدة، وقالت الصحيفة: "هل هي خائفة من أن يتهمها المحافظون اليمينيون ‘بالتراخي’ في مواجهة الإرهاب؟".

وفي أحدث تصريحات لها، قالت باتل إن الأطفال البريطانيين العالقين في سوريا والبالغ عددهم حوالي 60 طفلا يمثلون "مخاوف أمنية". وساعدت باتل وسلفها ساجيد جافيد في عرقلة خطة إنقاذ الأطفال التي كان من الممكن أن تنهي محنتهم.

وبفضل تدخل قاضٍ في برمنجهام وترحيب من وزارة الخارجية، فقد تم كسر الحاجز الذي أقامته باتل جزئيًا أمام العائدين. وسُمح لمجموعة من الأيتام، وجميعهم من عائلة واحدة على ما يبدو، بالعودة إلى البلاد سرا بعد أن سافر دبلوماسي بريطاني للقاء المسؤولين الأكراد الذين يحتجزونهم. وورد أن والدي الأطفال، اللذين تم نقلهما إلى سوريا في عام 2015 وتوفيا لاحقًا، كانت لهما صلات بداعش.

وترى الجارديان أنه يتعين أن تمثل عملية إعادة هؤلاء الأطفال إلى بريطانيا بداية- وليس نهاية- جهود موسعة لإعادة جميع الأطفال البريطانيين المتضررين في سوريا والعراق. وقالت الصحيفة: "لا يمكن تخيل معاناتهم في الظروف الرهيبة السائدة في معسكرات الاعتقال المؤقتة في شمال شرق سوريا، إن ثمة خطر محدق بأن يصبحوا متطرفين إذا أُجبروا على البقاء لمدة أطول". وأضافت الصحيفة: "لنكن واضحين، نحن لا نتحدث هنا عن الجهاديين الذين يرتدون سترات واقية والذين يساعدون في تدمير حياة البريطانيين، نحن نتحدث عن أطفال تقطعت بهم السبل خارج وطنهم".

من الغريب، من الناحية الأخلاقية والقانونية، أن باتل وآخرين في الحكومة يصرون على منع عودة الأطفال إلى وطنهم. فقد قال مسؤولو وزارة الداخلية الأسبوع الماضي إنه لن يُسمح لعدد إضافي من الأطفال بالعودة في المستقبل المنظور، وأن أي طلبات مقدمة من العائلات أو الجمعيات الخيرية التي تعمل نيابة عنهم سيتم التعامل مع "كل حالة على حدة". ورفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أيضًا الالتزام بإنقاذ الأطفال، معتبراً أن الأمر "صعب للغاية".

في المقابل أظهر دومينيك راب وزير الخارجية البريطاني، قيادة جديرة بالثناء في هذه القضية؛ حيث رفض راب قبول لامبالاة باتل وقسوتها، وجادل راب بأن إعادة هؤلاء إلى الوطن هي "الشيء الصحيح الذي يجب فعله".

ويدرك المطلعون على شمال شرق سوريا أن الوضع العسكري الحالي- رغم أنه ليس خاليًا من المخاطر- لا يمنع القيام بمهام إنقاذ أخرى. وأضافت الصحيفة أن هناك التزامات بريطانيا قانونيًا، ولا يجب السماح لجونسون وباتل بالتهرب منها.

وترتكز صحيفة الجارديان في جدالها بهذه القضية، أن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل، والتي صدقت عليها بريطانيا في عام 1991، تنص على أنه- في جميع الحالات- فإن "المصالح الفضلى للطفل" أساسية، ولكل طفل الحق في "الحياة والبقاء والنمو... أيا كان أصلهم العرقي أو جنسهم أو دينهم... كل ما يفكرون فيه أو يقولونه، بغض النظر عن خلفيتهم العائلية".

وتنص الاتفاقية كذلك على أن "الأطفال الذين عانوا من الإهمال أو سوء المعاملة أو الاستغلال أو التعذيب أو ضحايا الحرب يجب أن يحصلوا على دعم خاص لمساعدتهم على الشفاء"، و"يجب على الحكومات أن تبذل قصارى جهدها لحماية الأطفال المتأثرين بالحرب والنزاعات المسلحة ورعايتهم".

وحثت الجارديان على إعادة النظر في الأسئلة ذات الصلة بما يجب فعله حيال الأمهات البريطانيات الناجيات وأطفالهن في المخيمات السورية. وقالت إن جميع المواطنين البريطانيين الذين انضموا إلى داعش يبلغ عددهم 850 من الذكور والإناث.

واختتم جارديان قائلة إن الزعم بأن النظام القانوني البريطاني لا يمكن أن يتصدى للتحديات الضمنية في عودة هؤلاء "عذر أقبح من ذنب"؛ إذ إن ترك هؤلاء الأشخاص للتعفن والموت لا يمكن أن يعكس سياسة عقلانية أو مسؤولة، بل سوف يخلق ببساطة "مخاوف أمنية" أكبر في المستقبل.

تعليق عبر الفيس بوك