حمود بن علي الطوقي
علمني عمِّي الشيخ والأديب والحكيم سيف بن محمد الطوقي رحمه الله مفهوم ودلالة كلمة تاجر وقال لي إن رباعية الحروف التي تتكون منها كلمة تاجر مرتبطة ارتباطا وثيقا ولا يمكن أن تصل إلى مفهوم كلمة تاجر إلا بتحقيق ترابط هذه الأحرف الأبجدية التي تكون كلمة (تاجر) ، فحرف (التاء) يعني التقوى فلابد أن يتصف التاجر بهذه الصفة لأنها أساسية ومهمة وتأتي كلمة (الألف) لتؤكد على أنَّ التاجر التقي لابد أن يكون أميناً فالتقوى والأمانة مرادفان للتاجر الناحج، وبعد ذلك يأتي حرف (الجيم) ويرمز إلى الجرأة فالتاجر يجب أن يكون جريئًا وهذه الصفة تصنع التاجر الناجح وليس المتردد، ثم يأتي الحرف الأخير وهو حرف (الراء) ويعني هنا الربح فالتاجر التقي والأمين والجريء لابد وأن يُحقق الربح في تجارته ويؤمن بأنَّ التجارة الرابحة هي الأساس في نجاح أي مشروع لأي تاجر.
استحضرت هذه الكلمات عن التاجر وما تحمل من دلالات عن صناعة التاجر وأهمية أن نسوق لهذا المصطلح لكي نمكن تجارنا فهم نماذج مشرفة ومشرقة، وهذا الفكر (صناعة التاجر) بدأ منذ بدايات النهضة المباركة عندما مكّن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- التاجر العماني وبرز مجموعة من التجار يحملون شعلة كلمة التاجر ولو لا دعم جلالته وتمكينهم لظلت التجارة بسيطة ومتواضعة ولكن كان جلالة السلطان -حفظه الله- يُريد أن يرى التاجر العماني قد تخطى مرحلة التاجر التقليدي إلى التاجر الذي يشار إليه بالبنان لأن هذا التاجر سوف يساهم في رفد الاقتصاد الوطني ويقود القاطرة بإدارة المشاريع الاقتصادية والحيوية التي تحتاجها البلاد في مختلف المراحل.
فكرة صناعة التاجر لابد وأن تستمر بل علينا أن ندعم هذا الفكر، فنريد من تجارنا أن يكونوا على قدر من المسؤولية في إدارة المشاريع ونعتمد عليهم ولا نستورد التاجر الذي يأتي لكي يبني لنا مجمعًا تجاريًا أو مركزاً ترفيهياً، لا أعني هنا أننا لا نرحب بالاستثمار الأجنبي بل يمكننا أن نصنع التاجر الذي يحل محل الأجنبي ويساهم في البناء والتعمير.
صناعة التاجر يجب أن تكون ضمن أبجدية الحكومة وأعتقد أن الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عليها مسؤولية لصناعة التاجر المؤثر وليس التاجر الذي يحصل على قرض لتنفيذ مشروع ثم يتعثر ويخسر القرض، فكما أسلفنا فإن التاجر لابد وأن يحقق الربح في تجارته.
أتحدث هنا عن صناعة التاجر وأقدم نموذجاً من الشباب العماني الذي آمن بالتجارة وأخلص للتجارة واعتمد ومكّن نفسه حتى أصبح من التجار الذين يديرون استثمارات في قطاعات مختلفة، أعني هنا الدكتور خالد المطاعني رئيس مجلس إدارة مجموعة بي بي إتش الاستثمارية وهي مجموعة عمانية شقت طريقها في عالم التجارة بفكر مُختلف وبرؤية مختلفة تحمل فكرا مفاده أن التنمية لابد وأن تتحقق في أرض الوطن وأن العمل من أجل الوطن رسالة سامية ونبيلة.
الدكتور خالد المطاعني نموذج للتاجر العماني الطموح وخلال لقاء مطول معه لمست تمكنه وإيمانه بفكرة صناعة التاجر، فهو التاجر العصامي الذي بنى نفسه بنفسه دون الدعم من الحكومة وحقق الكثير من الإنجازات بدون الدعم فكيف ستكون حالة تجارته لو حصل على الدعم كما يقدم لغيره من التجار. فالتاجر في نظرة الدكتور خالد المطاعني مثل القائد والقائد يحمل فكرا مستنيرا، وكذلك التاجر. لهذا نجده يروج لفكرة صناعة التاجر كونه أي التاجر من يؤول له المساهمة في البناء والتنمية والتوظيف فهذا واجب وما ينشده من الحكومة أن تكون شريكاً معه في هذا المشروع والمشوار وتكون عوناً له في النجاح.
نموذج التاجر الناجح يمكن أن نلخصه في صاحبنا الدكتور خالد المطاعني وعندما أتحدث عنه فإنه يستحق ذلك فواجبنا ككتاب وصحفيين أن نسترشد بالنماذج العمانية ونقدمها للجمهور، لأن عطاءها وإنجازاتها فرضت نفسها وأصبح يشار إليها بالبنان، فعندما نتحدث عن نجاح التاجر العماني نشعر بالفخر وندعو في نفس الوقت أن نرى مشاريعهم قد حققت الهدف المنشود فنموذج دكتور خالد المطاعني حقًا يستحق الإشادة فمؤسسته استطاعت خلال فترة وجيزة أن تطلق حزمة من المشاريع الاستثمارية في عدة قطاعات لتلبي متطلبات التنمية التي تشهدها السلطنة، فقد أطلق بناء أربعة أبراج سكنية ستوفر نحو ٧٠٠ مسكن من المساكن الاجتماعية الراقية وأطلق عليها أسماء عظماء من عمان منها أبراج المهلب وأبراج الفراهيدي وأيضاً أعلن عن إنشاء المدينة اللوجيستية وأخرى مدينة للعمال والمدينة السكنية الخاصة بالطلاب وأعلن أيضاً عن بناء سوق شعبي بمُواصفات عالمية يتضمن نحو ألف محل وخصص بعض المحلات للمرأة العمانية التي تعمل في الصناعات الحرفية والتقليدية ومحلات أخرى لذوي الاحتياجات الخاصة، وأطلقت أيضاً شركته حديقة مائية ستكون الأولى والأكبر في عمان وستنافس أكبر الحدائق المائية في المنطقة.
هذه وغيرها من المشاريع يقودها شاب طموح سخر ماله ووقته وجهده من أجل أن يساهم في بناء عمان .
نختم هذا المقال لنؤكد أهمية صناعة التاجر العماني وندعو الجهات الحكومية أن تدعم فكرة صناعة التاجر وتقف مع مشاريع التجار وتدعمها بدلاً من أن تعرقلها، فالتاجر شريك في التنمية ويجب أن ينظر إليه بأنه قائد ويحمل شعاع التنمية والتنوير.