في يومه العالمي

 

عبيدلي العبيدلي

دعت وسائل الإعلام العالمي، الإلكترونية منها والتقليدية، إلى ضرورة الابتكار في فعاليات احتفالات "يوم الطفل العالمي"، الذي يصادف 20 نوفمبر من كل عام. وقد جاء ذلك في أعقاب الحرب الكونية الثانية، وتحديدا في العام 1954، عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ موعدا لذاك الاحتفال. وبعده بحوالي 30 سنة، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضا "اتفاقية حقوق الطفل".

 ولربما يعود السبب إلى تنامي اهتمام العالم بحقوق الطفل، هو تزايد الوعي بكون هذا الأخير الأضعف، وعلى كل المستويات، عندما يتعلق الأمر بالقدرة على انتزاع الحقوق الطبيعية، أو الاستمرار في الاستمتاع بتلك المكتسبة.

وقبل الحديث عن حقوق الطفل، لابد من التوقف عند ذلك الواقع المزري الذي يعيشه الطفل الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني، فوفقا لتقرير "نادي الأسير"، قامت "سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 745 طفلاً فلسطينياً تقل أعمارهم عن 18 عاماً، منذ بداية العام الحالي 2019، وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي. (كما) أن السلطات الإسرائيلية تواصل اعتقال 200 طفل فلسطيني في سجونها".

ويقودنا الحديث عن حقوق الطفل في العالم، إلى تناول واقع الطفل العربي في هذه المرحلة من التاريخ العربي المعاصر، حيث تشير الإحصاءات أن " إن مدينتي "القاهرة والإسكندرية في مقدمة المحافظات الأكثر انتشارًا لظاهرة أطفال الشوارع"، كما جاء على لسان المتحدث الرسمي لوزارة التضامن الاجتماع، هناك ".

ولو حاولنا المقارنة بين ما أصبحت تمارسه الدول العربية، بما فيها الشعوب، إذ لا يقتصر الأمر على الحكومات فحسب، تجاه الطفل العربي، فسوف يصاب القارئ بما هو أقسى من خيبة الأمل.

فعلى مستوى الأمية، قبل أن ننتقل للتعليم. فبينما نجد العديد من الدول، تحتفل بالقضاء على آخر أمي من مواطنيها، ممن تجاوزا السبعين من العمر، وليس الأطفال الذي التحقوا جميعا بالمدارس، نكتشف أن الأمية، بمفهومها التقليدي، وحسب الإحصاءات الرسمية العربية، قد "بلغت نسبة الأمية في مجمل الوطن العربي في سنة 2014 حوالي 19% من إجماليّ السكان، وبلغ عدد الأميين نحو 96 مليون نسمة. وكانت قد بلغت النسبة في سنة 2005 حوالي 35% من إجماليّ سكان المنطقة، وبلغ عدد الأميين 70 مليون نسمة، لتعادل النسبة بذلك ضعف المتوسّط العالمي في الأمية تقريباً... ووفق إحصائيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو). وعلى الرُّغم من أن نسبة الأمية في الوطن العربي تشهد تناقصاً مستمراً منذ سبعينيات القرن العشرين، إلا أن أعداد الأميين نفسها لا زالت في ارتفاع. حالياً، يقدر بأن محو الأمية في كامل العالم العربي لن يحصل قبل عام 2050. يقدر عدد الأميين في الوطن العربي اليوم بحوالي 70 إلى 100 مليون نسمة، يُمثلون ما نسبته 27% من سكان المنطقة، وتبلغ نسبة الإناث من الأميين حوالي 60 إلى 80%. بالإجمال، تبلغ نسبة الأمية بين الذكور في الوطن العربي 25%، وبين الإناث 46%".

نحن نتحدث هنا عن الأمية المتعارف عليها في أواخر الحرب الكونية الثانية، ومن فهي لا ترقى إلى ما أصبح يعرف باسم، "أمية الحاسوب"، أو أمية "المعلومات". فالعالم اليوم يوصل حقوق الطفل إلى مستوى "حاسوب لكل طفل"، بعد أن تحول الحاسوب أداة لم يعد في الوسع الاستغناء عنها، لمن يدعي أنه يدافع عن حق الطفل في التعليم.

وإذا وضعنا التعليم جنبا، وبحثنا في واقع الأطفال المشردين، التائهين في الشوارع، تكشف تقارير المرصد الأورومتوسطي، “أن أوضاع الأطفال من اللاجئين في دول الشرق الأوسط لا تقل سوءاً، حيث يضطر العديد من الأطفال اللاجئين إما إلى إخفاء هوياتهم أو إلى الدخول في أسواق العمل المحلية ويتعرضون فيها للاستغلال باعتبارهم عمالة رخيصة، مشيراً إلى وجود قرابة 700 ألف طفل سوري لاجئ في الأردن، ونصف مليون آخر في لبنان، ومن هؤلاء حوالي 375 ألف طفل خارج مقاعد الدراسة. وتُقدّر أعداد الأطفال اللاجئين من سوريا الذين يعملون في الأردن بـ 60 ألفاً على الأقل، فيما تشير تقديرات محلية إلى أن 60%-70% من الأطفال اللاجئين السوريين في لبنان مجبرون على العمل، وبحسب منظمة العمل الدولية، فإن ما يزيد على 85% من هؤلاء يعملون في أعمال "شديدة الخطورة".

وتكشف إحصاءات أخرى عن صورة أسوأ من ذلك بكثير. فقد أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة "أن عدد الأطفال اللاجئين أو المشردين داخل سوريا وصل إلى (ثلاثة ملايين طفل). كما يموت في مصر يوميًا (125) طفل بسبب التلوث وعدم الرعاية الصحية. ويوجد (5) مليون طفل عراقي محرومين من حقوقهم الأساسية ومعرضين للانتهاكات الخطيرة لحقوق الطفل. ونصيب الدول العربية من عمالة الأطفال هو (10) مليون طفل، منهم (2,8 مليون) طفل في مصر وحدها. ويوجد في الدول العربية حوالي (5 مليون) طفل غير ملتحقين بالتعليم الابتدائي، و (4 ملايين) مراهق تقريبًا غير ملتحقين بالتعليم الثانوي".

الصحفي في جريدة الرياض نايف عبد الله الحربي يتحدث عن الاحصائيات في البلاد العربية قائلا، "للأسف لا يوجد إحصائيات واضحة، وأوضح بأن المتسببين في الاضطهاد هم زوج الأم وزوجة الأب 95% والمربين 4% مؤكداً أن 73% من البنات الهاربات من المنازل تعرضن للاضطهاد الجنسي و38% من الأولاد الهاربين من منازلهم تعرضوا للاضطهاد الجنسي و100% من النساء المعرضات للاضطهاد في صغرهن يعمدن إلى الاضطهاد في كبرهن".

يعيش الطفل العربي في مثل الظروف غير الإنسانية، في حين بدأ العالم يتحدث، وهو ما يحز في النفس، ويثير الاشمئزاز، عن تلك الحقوق التي ينبغي ان تعطى للحيوان.

ولمن يريد المزيد في هذا الموضوع، نحيله إلى كتاب " حقوق الحيوان"، لمؤلفه أليف ديفيد ديجراتسيا، الذي قام بترجمته محمد سعد طنطاوي، وتولى مراجعته، َّ ضياء وراد. ومما جاء في مقدمة ذلك الكتاب "حقوق الحيوان هي فكرة تؤكد على أن لبعض، أو لكل الحيوانات غير البشرية الحق في امتلاك حياتهم الخاصة، وتلك أكبر مصالحهم الأساسية".

في يومه العالمي علينا أن نعترف للطفل العربي بأننا ارتكبنا بحقه ما هو أكثر من تقصير في حقوقه، ونسأله العفو والمعذرة، آملين منه قبولهما!!!