حمود بن علي الطوقي
أسدل الستار على سباق يعد الأهم بالنسبة للمواطن العماني يجري كل أربع سنوات، ويتنافس في هذا السباق من يرون لديهم الكفاءة والقدرة لخدمة المجتمع من خلال شرف تمثيل الشعب بحجز المقعد في عضوية مجلس الشورى.
السباق للوصول إلى المجلس خلال الفترة التاسعة الجديدة كان الأشد حماسا؛ حيث تنافس المتنافسون من أبناء الوطن وحسمت عملية التصويت والاقتراع النتيجة، وأعلن عن فوز 86 عضوًا هم من اختارهم أفراد الشعب لتمثيلهم في هذه الفترة، وكلهم أمل أن يكونوا عونا لهم ويتحملون الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويتطلعون من الأعضاء إلى تمثيل الشعب أفضل تمثيل.
وحسم أصحاب السعادة وعددهم 86 عضوًا اختيار من يرون الأنسب والأكفأ في رئاسة المجلس وتم اختيار سعادة خالد بن هلال المعولي للمرة الثالثة على التوالي لإدارة دفة المجلس على الرغم من مطالب بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي بأهمية التجديد وإعطاء الفرصة لأعضاء جدد لقيادة المجلس خلال المرحلة المقبلة.
كصحفيين ومراقبين كنا ننظر إلى هذا السباق بنظرة مختلفة حيث ننظر إلى من وصل إلى المجلس عليه مسؤوليات كبيرة ويجب محاسبته في حالة القصور على تأدية عمله باحتراف وموضوعية، وبعد أن انتهى السباق وبدأ العمل الفعلي للأعضاء الذين سيستمر مشوارهم طوال السنوات الأربعة القادمة. وكوني أحد أبناء هذا الوطن الذي يتابع أداء المجلس منذ زمن طويل أحب أن أشارك إخواني أصحاب السعادة بمجموعة من الأفكار وسأركز على موضوع مهم وهو المحافظة على المال العام خاصة أنّه أعطى للمجلس صلاحيات رقابية وتشريعية وهناك موضوعات شتى مدرجة على جدول أعمال الأعضاء والمكتب الفني ولكنّي سأركز على المال العام لأهميته.
كثر الحديث عن الاختلاسات الناتجة عن سوء إدارة المال العام والجشع الذي يصيب أصحاب النفوذ ولن أتحدث عن في هذا المقال عن حادثة اختلاسات وزارة التربية والتعليم حيث يقف الآن المتورطون في هذه القضية أمام العدالة، ولا شك أنّ العدالة ستأخذ حق الشعب وستتم محاسبة هؤلاء الذين سوّلت لهم أنفسهم استغلال منصابهم لاختلاس المال العام. وليست قضية وزارة التربية هي الوحيدة، فقد سبق وقوع حالات مشابهة في أجهزة وشركات حكومية، ولذا نتطلع أنّ يلعب المجلس في دورته الجديدة دورا كبيرا في المحافظة على المال العام بما يملك من صلاحيات وأدوات برلمانية تكون عونا لهم لأداء واجبهم على أكمل وجه.
وكوني سأركز في مقالي على موضوع المال العام سأطرح مجموعة من الأفكار أراها من وجهة نظري مهمة وأجزم أنّ هذه الأفكار وغيرها ليست بجديدة ولكن التذكير بها واجب.
لهذا اقترح على الجهات الحكومية تدوير الوظيفة الحكومية وعدم بقاء الموظف في دائرة الشؤون المالية والمشتريات لأكثر من أربع سنوات والأمر ينطبق أيضا على رئيس مكتب الوزير حتى لا تُوجه أصابع الاتهام إليهم في موضوع الاختلاسات وهو سلوك شنيع ولا يقل عن خيانة الدولة، ولذا يجب مضاعفة العقوبة لكل من تسوّل له نفسه اختلاس المال العام بتطبيق عقوبات مشددة.
وما يجري الآن من محاكمة المتورطين علنا أمر في غاية الأهمية، ويجب أن تنقل عبر وسائل الإعلام في حال ثبوت التهمة والإدانة وعلى المختلس أن يتقبل هذه العقوبة.
أرى أيضا أنّه يجب أن تكون الأحكام والعقوبة ضد المختلس صارمة منها إرجاع المال العام بدون نقصان إضافة إلى عقوبة الحبس والفصل من العمل.
وأعتقد أنه من المناسب غرس ثقافة التوعية بأهمية الرقابة الذاتية وإعطاء الموظف دورة تدريبية قبل التحاقه بالعمل تتركز محاورها على أهمية المحافظة على المال العام مهما كان حجم هذا المال.
ويجب على الموظف الذي يدير دوائر بها معاملات خدمية وتتعلق بدفع رسوم مالية أن يعلن قبل عمله في هذه الوظيفة، ويقدم براءة ذمة مالية ويكشف عن حساباته المالية حتى يكون على حذر من الوقوع ضحية هذا الفعل الشنيع.
هناك أمر آخر أراه مهما لتوعية الناشئة ولابد من استحداث مادة دراسية في المناهج الدراسية بالصفوف الدنيا الحلقة الأولى والثانية عن أهميّة الأمانة في العمل بمختلف أنواعها والعقوبة لمن يخون الأمانة وغرس قيم المواطنة لدى الناشئة.
وكون جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة هو أحد القنوات المهمة والمطلوب منها حماية المال العام فمن المهم استحداث أنظمة أكثر كفاءة للكشف على المتلاعبين مهما كانت درجاتهم الوظيفية ومهما كانت القيمة المالية.
هذا الأمر ليس مقصورا فقط على الجهات الرقابية، فهناك أطراف مجتمعية مهمة ومكملة لغرس ثقافة الأمانة، منها وسائل الإعلام والأسرة والمدرسة ومنابر الجوامع عبر خطب الجمعة والدروس اليومية في المساجد، من أجل تعزيز التوعية.
وختاما.. إنّ التركيز على المحافطة على المال العام يجب أن يتصدر أعمال المجلس الجديد وعلى أصحاب السعادة الأعضاء مسؤولية كبيرة في مشاركة الحكومة بأفكارهم الخلاقة التي من شأنها أن تساهم في القضاء على كل فعل شنيع، وتوجيه البوصلة إلى كل ما يعود بالنفع على العباد والبلاد.