الانتماء القبلي والاختيار العقلاني في "الشورى"

 ناصر بن سلطان العموري

 

انتهت حمى انتخابات مجلس الشورى وظهرت نتائج الفرز ومن هم ممثلي الولايات وقبل كتابة هذا المقال عُقد أول اجتماع تحت قبة مجلس الشورى وتم انتخاب رئيس للمجلس مع نائبين ليمثل ذلك مرحلة جديدة لفترة شورية تاسعة آملين أن تكون رئاسة المجلس على قدر الطموحات الملقاة على عاتقهم في قيادة المجلس وأعضائه لمرحلة مليئة بالعطاء الوطني وكنت ضمن المشاركين في هذه الاحتفائية البرلمانية الوطنية كمنتخب ليس المهم أن الذي رشحته قد حظي بالعضوية أم لا بقدر اقتناعي به وما يقوم به من جهود وما سيقوم به في حال تم انتخابه وكان اختياري قائماً على المنطق والمصلحة العامة وليس على العاطفة والمصلحة الشخصية من خلال الانتخابات التي أشرفت عليها وزارة الداخلية مشكورة وبذلت فيها الجهد الجهيد وإن كان لها مالها وعليها ما عليها ولكن هذا ليس بمضمون المقال الرئيس ولكن لا يمنع من تخصيص فقرة عنه من ضمن طيات المقال ومن باب توصيل الأمانة .

 

 ومن خلال استقرائي للوضع كمواطن بسيط وليس كباحث متخصص أجد أن مسار الانتخابات في أغلب محافظات السلطنة كان مبنياً على عنصر العاطفة قبل العقل والمنطق بل طغت عليه القبلية إلا النذر اليسير من الولايات التي كانت منطقية في اختيارها لمرشحها من باب الأفضل للولاية بغض النظر عن أكثرية قبيلته فالمعيار الأهم هنا هو المصلحة العامة للولاية وبما أننا مجتمع خليجي وهو بطبيعة الحال قبلي بحت فالواجب على الجهات المختصة تغيير هذه الصورة النمطية للمواطن وإشعاره بألا مصلحة فوق مصلحة الوطن أولاً والولاية ثانياً ولا يأتي هذا إلا من خلال الحملات الإعلامية المكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والجامعات وعبر خطب الجمعة والنوادي الأهلية وغيرها، لا ننكر أن هناك من استفاد من أصوات قبيلته وربما كان الأفضل بناء على مقومات شتى ولكن هذا ليس بصفة العمومية فهناك وبشكل أكبر من خسر الترشح مع أنه كان الأجدر بناءً على معايير عدة منها الشهادة العلمية والمبادرات التطوعية وغيرها ولكن جات القبيلة لتنسف كل هذا ولا ننسى أيضًا التكتلات المجتمعية التي انحازت لطرف دون آخر لمجرد المعرفة وإن كانت سطحية... والأفواج التي كانت تأتي في حافلات برفقة مشرفين والتجمعات التي كانت خارج المراكز الانتخابية على الرغم من تعليمات وزارة الداخلية بمنعها لأبلغ دليل على السيطرة القبلية والتكتلات المجتمعية.

كما أنَّ هناك أمراً يجب تصحيحه لدى جمهور كبير من المواطنين وهو فيما يتعلق بدور عضو مجلس الشورى فالكثير من الناس يظنون أنه مسؤول عن الأمور الخدمية للولاية وهذا دور عضو المجلس البلدي أما عضو مجلس الشورى فدوره تشريعي ورقابي فيما يتعلق بمناقشة القوانين والقرارات والأنظمة واللوائح والتقارير التي تقر وتنفذ وتطويعها لكي تكون مسخرة لخدمة المواطن لا أن تكون عائقاً له ... وهنا يأتي دور المجلس وقوة صلاحيته أثناء مناقشته لأصحاب المعالي الوزراء والاطلاع على الخطط والتشريعات والقوانين فالمفروض أن يكون المواطن هو حجر النرد والمستفيد الإيجابي من كل ذلك وهذا ما نأمله من أعضاء الفترة التاسعة لمجلس الشورى فالمواطن لا يريد مشاهدة خطب عصماء على منبر قبة مجلس الشورى بكلمات براقة بقدر ما يريد أفعالا من أجل صالح عمان وقاطنيها.

ومن باب الأمانة الصحفية في الطرح ونتيجة ما وصل لهذا العمود من ملاحظات من جانب عدد من المترشحين للمجلس خلال الفترة التاسعة استهجن العديد منهم عدم صدور بيان من جانب وزارة الداخلية يوضح الملابسات التي حصلت جراء انقطاع خدمات الكهرباء والإنترنت في بعض المراكز الانتخابية والذي أدي بدوره إلى توقف التصويت وتعطيل المواطنين ووقوفهم لساعات طويلة بطوابير الانتظار والغريبة كذلك تأخر النتائج إلى ما بعد منتصف الليل رغم أن النتائج اتضح أنها متوفرة ابتداء من الساعة التاسعة ليلاً؟

ومن مبدأ الشفافية في الطرح ولأن المناسبة تهم كل عمان من أقصاها لأقصاها لماذا لم يتم بث نتائج التصويت الإلكتروني على الهواء مباشرة بقناة تلفزيون سلطنة عُمان مع العلم بوجود شاشة تبث النتائج مباشرة من مكاتب أصحاب السعادة الولاة فلماذا هذا التكتم غير المبرر؟! أليس من حق الشعب العماني أن يعايش تفاصيل هذا الحدث الوطني؟.. هذا بخلاف إذا علمنا أن الكثير من الدول والمتقدمة منها مازالت تنتهج التصويت اليدوي نظرا لمصداقيته وقربه من عموم الناس البسطاء.

ناهيك عن العطل التقني الذي أصاب أجهزة التصويت وظهور وافدين فنيين على شاشات التلفاز وكأنَّ عُمان خلت من الكفاءات الفنية في مجال التقنية ... كلها ملاحظات بدت واضحة للعيان فقط أرجو من وزارة الداخلية عمل لجنة متابعة ومحاسبة لتدارك ما حصل مستقبلاً فالمقصر يجب أن يحاسب والمجتهد يجب أن يكافأ فليس كلهم سواء.

abusultan73@gmail.com