عواصم - الوكالات
أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاتفاق بين تركيا وروسيا على إبعاد المقاتلين الأكراد من منطقة الحدود، ووصف إنشاء "منطقة آمنة" على الحدود بين تركيا وسوريا بأنّه "نجاح كبير"، وفي المقابل ندد مشرعو الاتحاد الأوروبي أمس بالهجوم التركي الذي يستهدف إقامة "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا مما يمهد الطريق أمام فرض عقوبات مالية أوروبية جديدة على أنقرة.
واحتجت حكومات دول الاتحاد الأوروبي على توغل أنقرة لكن هذه الحكومات منقسمة بشأن كيفية الرد عليها. وليس للمشرعين الأوروبيين رأي مباشر في قرارات السياسة الخارجية للتكتل لكن يمكنهم الحد من تمويل الاتحاد المهم لتركيا.
وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان قد اتفقا في سوتشي على نشر قوات شرطة عسكرية روسية للقيام بدوريات مشتركة مع قوات تركية في المنطقة بهدف "تسهيل إزاحة" المقاتلين الأكراد إلى عمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية. ويعني هذا إنشاء "منطقة آمنة"، وهو ما تقول تركيا إنه هدف عمليتها العسكرية الأخيرة في الأراضي السورية.
وفي تغريدة، قال ترامب "نجاح كبير على حدود تركيا وسوريا. تم إنشاء منطقة آمنة. وقف إطلاق النار صامد. المهام القتالية (التركية) انتهت". وأضاف ترامب "الأكراد سالمون وعملوا معنا بشكل لطيف للغاية".
ومن جانبه قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أمس إن بغداد "تتخذ الإجراءات القانونية الدولية كافة" بشأن دخول القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا المجاورة في محاولة فيما يبدو لتأكيد معارضة بلاده لوصول القوات الأمريكية.
وأكّد عبد المهدي في بيان مجددا موقف الحكومة القائل بأنّ القوات الأمريكية المنسحبة من شمال شرق سوريا والتي تحركت صوب العراق غير مسموح لها بالبقاء في البلاد. وأضاف قائلا "أصدرنا بيانا رسميا بذلك ونتخذ الإجراءات القانونية الدولية كافة ونطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالقيام بدورهم في هذا الشأن". وصدر بيان عبد المهدي بعد اجتماعه مع وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الذي وصل إلى بغداد أمس في زيارة لم يعلن عنها من قبل.
ونقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فيرشينين قوله أمس إن موسكو تأمل أن ينسحب الأكراد طوعا من المناطق القريبة من الحدود السورية-التركية بدون إراقة دماء.
وعلى نحو منفصل نسبت وكالة الإعلام الروسية إلى مسؤول بوزارة الخارجية الروسية القول إنّ روسيا على اتصال مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقها مع تركيا بشأن سوريا.
وقال السياسي الألماني المنتمي ليمين الوسط مايكل جاهلر، متحدثا نيابة عن أكبر تجمع سياسي في البرلمان الأوروبي "نطالب تركيا بانسحاب فوري من سوريا". ويدعو مشروع قرار من المتوقع أن يوافق عليه مشرعو الاتحاد الأوروبي اليوم ويحظى بتأييد كل الكتل السياسية في البرلمان لاتخاذ "إجراءات اقتصادية مناسبة ومحددة ضد تركيا".
وتدعو مسودة القرار، التي لا تزال موضوعا لتعديلات طفيفة، لتجميد المعاملة التفضيلية للصادرات الزراعية التركية لدول الاتحاد الأوروبي. ويحث مشروع القرار أيضا على تعليق الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي مع أنقرة، وهو إجراء من شأنه أن يؤثر بالسلب على حجم التبادل التجاري السنوي بين 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وتركيا والذي تقدر قيمته بمبلغ 200 مليار يورو (222.3 مليار دولار).
وعلى الرغم من أنّه ليس للمشرعين الأوروبيين رأي مباشر في العقوبات ذات الصلة بالتجارة فإنّ لهم نفوذا فيما يخص القدرة، مثلا، على خفض التمويل السنوي المقدم لأنقرة، والبالغ نحو 250 مليون يورو، في إطار عمليتها المطولة للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهو خيار تؤيده مجموعة يمين الوسط في المجلس الأوروبي.
كما بوسع البرلمان كذلك عرقلة أي تمويل جديد من الاتحاد الأوروبي لمساعدة أنقرة على التعامل مع ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أراضيها، كثير منهم ترغب تركيا في إعادة توطينهم في "المنطقة الآمنة".
وجاء في نص مشروع القرار، الذي اطلعت رويترز على نسخة منه، أن المجلس "يرفض بشكل قاطع" طموحات تركيا بشأن المنطقة الآمنة ويحث أيضا على فرض عقوبات على المسؤولين الأتراك المسؤولين عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في الهجوم على المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا.
ويطالب النص كذلك مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بإنشاء منطقة أمنية في شمال سوريا بموجب تفويض من الأمم المتحدة.
وحذّرت روسيا قوات وحدات حماية الشعب الكردية السورية من أنّها ستواجه صراعا مسلحا جديدا مع تركيا إذا لم تمتثل لاتفاق روسي تركي يدعو لانسحابها من كامل حدود سوريا الشمالية الشرقية مع تركيا.
وجاء تحذير موسكو قبل فترة وجيزة من الموعد المقرر لبدء إشراف قوات أمنية روسية وسورية على انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب بأسلحتهم من منطقة تمتد 30 كيلومترا على الأقل في عمق سوريا بموجب اتفاق بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان.
وبعد ستة أيام ستبدأ قوات روسية وتركية دوريات مشتركة في قطاع يمتد عشرة كيلومترات في شمال شرق سوريا حيث كانت تنتشر القوات الأمريكية مع الأكراد، حلفائها السابقين.
وتعكس هذه التطورات سرعة وتيرة التغيرات في سوريا منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الشهر سحب قواته من الشمال السوري مما هز التوازن العسكري في منطقة تمثل ربع مساحة البلاد.
ولم يبد قادة المقاتلين الأكراد رد فعل بعد على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود ولم تتضح على الفور كيفية تنفيذ انسحابهم.