د. سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
لم تبق إلا أيام معدودات تفصلنا عن انتخابات مجلس الشورى في السلطنة للفترة التاسعة، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي ربما هي الأبرز في مُناقشة الجوانب ذات الصلة ببرلمان عُمان؛ إلى جانب مقالات عديدة نُشرت هنا أو هناك وكلها تصبّ في ذات الاتجاه. ومن خلال هذه المقالة سأحاول التركيز على بعض النقاط التي أرى من وجهة نظري أنّها جد مهمة. فالمتتبع لمسيرة الشورى في عُمان يجد أنّها وصلت إلى مرحلة مُناسبة قياسًا بعمرها الزمني رغم أنّ المجتمع ما زال يتطلع إلى مرحلة متقدمة لفعالية مجلس الشورى في تعاطيه مع الحكومة؛ خاصة وأنّ السلطنة مقبلة على استراتيجية عُمان 2040م. وبالتالي بات اختيار الكفاءات من بين المترشحين الحاليين مطلب ضروري وملحّ. ومع تقديرنا لمن ترشح من أعضاء الفترة الثامنة للدورة الحالية؛ بيد أنّ الناخب لا بد أن تكون له الكلمة الفصل في الاختيار خاصةً بعد تقييم موضوعي لأداء المترشحين خلال الدورات السابقة، ومن لم يكن أداؤه مقنعًا من الأفضل عدم انتخابه مجددًا، وإلا سننظر أربع سنوات أخرى وهي ليست هينة في مسيرة قطار التنمية في عُمان حتى نتدارك الأمر. وفي هذا الصدد أتمنى حقيقةً وجود تشريع يمنع ترشح عضو مجلس الشورى لأكثر من دورتين؛ وذلك ضمانًا لوجود عناصر فاعلة في قبة المجلس. كما أنّ هنالك مؤشرات للمترشحين الجدد سواء من خلال السيرة الذاتية أو اللقاءات المباشرة مع الناخبين أو التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي تشي بمن هو هذا المترشح؟ ومن ثم تكوين فكرة عن الشخص المُناسب للوصول إلى قبة المجلس.
ومن خلال التحضيرات للدورة القادمة يبدو جليًا الوعي المجتمعي بأهمية انتخابات المجلس، وما ستتمخض عنه من نتائج لمصلحة عُمان أولًا وأخيرًا بعيدًا عن المصالح الشخصية الضيقة أو التحزبات بمختلف أنواعها التي لا تخدمنا حتمًا خلال المرحلة المقبلة لمسيرة عُمان. ورغم وجود أصوات تدعو لمقاطعة التصويت لكن هذا ليس خيارًا مناسبًا من وجهة نظري؛ لأنّ الإحجام عن التصويت للكفاءات المترشحة يعني وصول عناصر لا تقدم شيئا يذكر للوطن بقدر سعيها وراء المنفعة الشخصية. وبالتالي كيف لنا أن نلوم ضعف أداء المجلس لاحقًا؛ فقوة المجلس من قوة أعضائه المنتخبين. ولعل الحراك الشبابي، وعرض البرامج الانتخابية للمترشحين، وعقد اللقاءات المباشرة في مختلف ولايات السلطنة لهو دليل على تنامي الوعي المجتمعي إزاء هذه القضية، وهذا كفيل بإيصال أعضاء ذوي كفاءة عالية لتحريك المياه الراكدة في المجلس، وتحقيق طموحات المجتمع. ومن جانب آخر على الحكومة مساعدة هذا الكيان للصمود في وجه التحديات، وإعانته على أداء مهامه تشريعيًا ورقابيًا بصفته الجناح الآخر المكمل لأداء المؤسسات الحكومية. ولا يختلف اثنان على أنّ عُمان تحتاج للكفاءات في تخصصات شتى حتى نضمن التكاملية في الأداء، والتناغم في الطرح، وتاليًا معالجة كافة القضايا العالقة في التعليم والاقتصاد والصحة والجوانب القانونية ونحوها، من أجل دفع عجلة التنمية بخطوات أسرع عما مضى إلى الأمام لبناء حاضر زاهر، ومستقبل مشرق لأجيال عُمان.