بائعةُ المناديل

 

ثامر سعيد| العراق

 

مثل عملةٍ رديئةٍ

تتقرفصُ في جيبِ الوطنِ

في عينيها ، الحزنُ صفصافتانِ

تُخبئانِ الصمتَ والرفيف

ويدُها بيضاءُ

كذاكرةِ طفلةٍ تحدقُ

في الظلام ،

لا أقولُ امرأةً كالنساء

هي نضوحُ الفطرةِ من قارورةِ

المطرِ

وحياةٌ على مصاطبِ الوقتِ

ترثي ذبولَها .

 

مع حماماتِ فائق حسن

تُطلقُ في سماءِ الرصيفِ

مناديلَها

بينما الأرصفةُ تُطلقُ فتيانَها

في الدخان ،

فما أعلى الدخانُ

وما أضيقُ الأرصفة ؟

 

كلّما ضاقتِ الدنيا

لاذتْ دنيا بنصاعتِها

غير مباليةٍ بالنظراتِ المدببةِ

والقططِ المأزومةِ نفسياً

تتجامعُ على مرأى من الفضائيات ،

تتفقدُ علبَها

والظهيرةُ ريشُ مفزوعُ

لتطمئنَ على وحشةِ البياض .

 

وكأيّ سمكةٍ تلبطُ في كفّ

الخوفِ

تضعُ عينَها في عينِ الله

ثم تصرخُ بصمتٍ:

ترحمْ أيّها القديرُ بي

فأنا لَستُ سوى امرأةٍ

توزعُ الوطنَ على جَرحاهُ

وتنسى قوتَ يومِها .

 

المناديلُ أمهاتُ يا دنيا

وآنَ لكِ أن تستجيري بها

لتمسحَ الدماءَ عن حَبِّ الشبابِ

والزغبِ الطفلِ

في صدورِ العابرينَ بأيامِهم

مفترقَ الأحلام .

 

أنتِ لا تعرفينَ مواقيتَ الرصاصِ

أو وجوهَ القنّاصينَ على المباني الشاحبةِ .

لا تعرفين ، كيفَ تحولَ

هواءُ دجلة إلى دموع

وإلى هراواتٍ تحولتْ خيوطُ شمسهِ

لا تعرفينَ منْ قرعَ الطبول

وعلّقَ كلّ هذا الدخان

بين نساءِ جواد سليم

المحلقاتِ بلا أقدام

وهذه القصيدةِ ، التي تحاولُ

أن تبزغ عنوةً من جمجمةِ الموتِ

بأقلِّ نصيبٍ من الجراح

فكيفَ ستدونينَ الجريمة ؟

 

المناديلُ ثَكالى يا دنيا

فأيّ قرابينَ تكفيها

هذه الأصنام ؟

تعليق عبر الفيس بوك