روبرت فيسك يكتب: أردوغان يمارس التطهير العرقي بشمال سوريا

مقالة للكاتب البريطاني روبرت فيسك في صحيفة إندبندنت

ترجمة- رنا عبدالحكيم

ما المقصود بالغدر؟ هل هناك أي كلمة رسمية يمكن تطويرها في اللغة الإنجليزية لكي تعبر عن هذه الخيانة؟ إن حلفاء الغرب الأكراد يتعرضون للخيانة من جديد. وهنا يأتي الأتراك مرة أخرى، يمارسون ألعابهم على الحدود السورية، فيزعمون أنهم يقاتلون "الإرهاب" عندما يكونوا مستعدين تمامًا لمساعدة تنظيم النصرة في عفرين، بينما يتدفق النفط من داعش إلى الداخل التركي. لكن الآن يدرك ترامب فجأة أن الأتراك ليسوا حلفاء جيدين، بعدما كان سعيدًا تمامًا للسماح لهم بغزو شمال سوريا قبل أربعة أيام.

إذا كان أي شيء يمكن أن يكون أكثر تجسيدًا للجنون في واشنطن، فقد كانت هذه "السياسة" المثيرة للانقسام والجنون التي ما زال الأمريكيون يدعون أنهم يتمسكون بها في شمال سوريا، والتي تسببت في نزوح 100 ألف سوري وأودت بحياة عشرات القتلى المدنيين. وفي دمشق، يجب أن يوقف نظام الأسد هذه المهزلة، على الرغم من أن فرص استعادة الأراضي من تركيا ربما تبدو أكثر خطورة. لكن احتمال أن يقاتل السوريون بعضهم بعضًا، فقط، مشهد مرير في دولة كانت الحكومة قد ربحت فيها حربها تقريبًا.

أما بالنسبة لترامب نفسه، فإن تصريحاته بشأن تركيا والأكراد والحرب العالمية الثانية تثبت مرة أخرى أن الرئيس الأمريكي مختل عقليا. فقد أخبرنا قبل بضعة أشهر أن الأمريكيين يغادرون سوريا، ثم يقول ذلك مرة أخرى. وهذا قبل أن يفكر أحد في المخاوف من احتمالية عودة تنظيم داعش، الذين قد يفرون من سجونهم على طول الحدود السورية التركية. فهل ستعود داعش إلى أوروبا مرة أخرى؟ أم سيفرون مع 3.6 مليون لاجئ هددت تركيا أوروبا بهم؟

ترامب ليس هو الوحيد الذي يسبب الفوضى في الشرق الأوسط، إنها الإمبراطورية الأمريكية بأسرها، وسياساتها الخارجية المهووسة وسيل مؤيدي ترامب الذين يجهلون حتى الآن جوهر مؤسسة واشنطن.

كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي بينما تبنت تركيا ما يشبه التطهير العرقي على نطاق واسع؟ لأن ميليشياتهم العربية هي التي تظهر الآن في شمال سوريا. كيف يمكن لأي شخص أن يبرر هذا العمل الخسيس؟ كم هو الأمر مأساوي ومروّع، كيف تمت خيانة الأكراد؟ هل بهذه الطريقة يعتزم أردوغان تسجيل اسمه في التاريخ بعد 16 سنة على رأس السلطة في تركيا؟

في البداية اتهم أردوغان جيشه بالوقوف وراء محاولة انقلاب ضده، ثم أرسل الجيش نفسه إلى سوريا للقتال!

ربما يكون لدى أردوغان وترامب المزيد من القواسم المشتركة التي لم نتخيلها.

لكن أحداث الأسبوع الماضي أظهرت أيضًا كيف انهارت الحوكمة الدولية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وكيف أدى الفشل في مراكز القوة- وخاصة في أقوى دولة على وجه الأرض- إلى حرب يائسة، وكل ذلك بسبب حماقة ترامب وغباءه، حيث يموت العشرات الآن مرة أخرى في المنطقة.

لقد انهارت كل ثورات 2011 وخفتت كل مصابيح الأمل الصغيرة سريعا، ولا توجد ديموقراطية حقيقية في العالم العربي الآن (باستثناء لبنان). ولا يزال الأمريكيون يؤمنون بحريات جديدة في المملكة العربية السعودية حتى بعد قتل صحفي وتقطيع جسده إربًا.

تعليق عبر الفيس بوك