تتوهج بشهقات الوله

 

عبير محمد | مصر

 

كم من العمر مضى بورقه الأصفر

 وجفوةِ الساقي،

يا ابن الطريق !

 مازالت تآويل الأيام وغصات الأرصفة

تطوي سجلك الخريفي 

تذوب في الغياب في مدن لا تنام

إلا تحت ركام ضحايا طغاتها

 حين قطعوا سيول الضوء عنها !

وأنا الطفلة  المسافرة في أروقةً الحيرة

لم تترك لي النار المكنونة في جوانحي

 سوى رماد ٍ أكحل بهِ عيون القصيدة

  فالقصائد جروحٌ نازفة

 أتوسد ألمي توسد نجمةٍ بحضن سديمها

ها هو قلبي يرتجف كدموعِ  الأنبياء

 أخاف  الضياعَ

 مازلت أرسم انتظارك بين  نجمتين

أعانق الغمام المتبتل بياضاً  بهمس الحواس

أترنح كأوراق الصفصاف

أراقص أشجار أيلول على إيقاع اللاجدوى

 كدرويشةٍ  في دهشة النور

إلى متى أترقبكَ كبذرة 

شاحبةٍ على أرض يبابها العطشى !

 

لا تنفكُّ تحلم بالغيث

فهل يصدق المطر

 ويخجل من شفاه  الأرض المتشققة ؟

وينبت العشب في بيادرنا

وتشتعل الطواحين بحبيبات العشق

وينهمر النهر بين الوديان نبذ كل الجحود

 بإزاحة الجدب في مسيرة الحب

كلّ امرأة، حين تتجاوز الأربعين

 لا يعنيها أبدا أن تقول لها أحبك

كل ما يعنيها، حقيقة،

ذاك البريق الذي يلمع في عينيك

حين تتعلم فنّ التّنهّد بعذوبة اللوعات!

 وتقول لها بوَلَهٍ: صباحك أنا !!

وتهدي أوجاعها باستمالة الهم نحوك

وتنقش بريشتك على جدار قلبها

 عهودا من الحب والوفاء

وتلملم فوضاها

وتسقيها  شهد  ثغرك قطرة قطرة

بعيدا عن مدن الأسى

 فيهتز خصر الشوق بأطياف الحنين

 وتصعد كعصفورة تغرّد بين الغيمات..

وعلى شجيرات الحب تستوطن راحتَك

الزهرةُ البيضاءُ قريرةَ الحبّ

 تهيج بالذكريات بصوت رعشات النبض

لا مواقيت لجنونها

 تتوهج بشهقات الوله

 تشاغب عينيك بدهشة الأغاني التي تعشق ألحانها 

 وبين عينيها ترقد كل الكتب السماوية

 تختزل آلاف اللغات ببحة ناي

 وتختصر قرونا من الحضارات على وجنتيها تمنحها سكينةَ العابدات

 روحٌ صافيةٌ كما زرقة السماء..

فليس إلاك من يشفي جروحها

تتوضأ بالأحلام وتصلي

في فتنة الأمنيات مع أول الغبشِ

 فجره يشرئب على مآذن الفرح

ويتعرقُ ندىً على محيا زهرةٍ خجلى

كوجنتك الآفلةِ منذ غيابٍ

 ومع كل تسبيح يهفو القلب إليك

أيها الممهور بالنور وماء اليقين

 المعتّق بجدائل عشقي السّرمدي

كلما اشتقتك قمراً يتسللُ من بين براثن الليل

 أمطرتَني  بقبلات الضوء

 فعليك السلام

 حين يطل برق عينيك

بالأمل من نوافذ الغيب

وتتوجني بقلادة الحب

وتجعل روحك مأواي الأخير،

وطني الذي يشبهني

فأنت بوصلتي

 وأنا صوب محياك أبحر  يختاً

بأشرعة الشعور

فمتى تواتيني الريح كما أشتهي.

تعليق عبر الفيس بوك