هجوم تركي مرتقب على منبج.. والكرملين يستبعد اشتباكا بين القوات الروسية والتركية

 

الجيش السوري يصل شمال شرق البلاد باتفاق مع الأكراد على تأجيل القضايا السياسية

 

بيروت/أنقرة – رويترز

 

ذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أمس أنّ قوات الجيش دخلت بلدة تل تمر في شمال شرق البلاد بعد أن أعلنت واشنطن فجأة أنها ستسحب قواتها وتوصلت دمشق لاتفاق مع القوات التي يقودها الأكراد وتسيطر على المنطقة للانتشار هناك بهدف التصدي للهجوم التركي.

وقال الكرملين أمس إنه لا يريد التفكير في احتمال وقوع اشتباك بين القوات الروسية والتركية في سوريا، وأضاف أن موسكو على تواصل منتظم مع أنقرة بما في ذلك على المستوى العسكري.

وجاء تعليق الكرملين بعد أن قال قياديان كرديان سوريان إن اتفاقا مع الحكومة السورية بوساطة روسية يقتصر في الوقت الراهن على انتشار قوات الحكومة السورية على طول الحدود مع تركيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن موسكو حذرت كل أطراف الصراع السوري بالفعل من أجل تفادي أي عمل من شأنه تصعيد الوضع أو الإضرار بالعملية السياسية الهشة. ومن جانبه لمّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس إلى أن بلاده تسعى لطرد المقاتلين الذين يقودهم الأكراد من مدينة منبج في شمال سوريا بعد أن أبرم مسؤولون أكراد اتفاقا مع الحكومة السورية للتصدي للهجوم التركي.

وفي حديث للصحفيين قبل التوجه لأذربيجان، قال أردوغان إن تركيا ستنفذ خططها بشأن بلدة منبج في شمال سوريا وستقوم بتوطين عرب هناك. وانهار اتفاق مع واشنطن بشأن منبج العام الماضي كان يقضي بمغادرة وحدات حماية الشعب الكردية السورية للمدينة.

وقال أردوغان للصحفيين في مطار اسطنبول "اتفاقنا مع الولايات المتحدة كان يقضي بخروج المنظمات الإرهابية من منبج خلال 90 يوما... لكن عام مر ومنبج لم تطهر بعد" في إشارة لوحدات حماية الشعب.  وأضاف "تركيا.. لن تدخل منبج عندما تخلو. المالكون الأصليون لتلك المنطقة وهم العرب والقبائل هم الملاك الحقيقيون وسيذهبون إلى هناك. نهجنا المتعلق بذلك هو توطينهم هناك وتوفير الأمن لهم".

وقال أردوغان أمس إنّه لا يعتقد أن أي مشاكل ستقع في مدينة عين العرب السورية بعد انتشار الجيش السوري على الحدود، مضيفا أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى "نهجا إيجابيا".  وأضاف "هناك الكثير من الشائعات الآن. لكن... مع النهج الإيجابي الروسي في عين العرب يبدو أنه لن تكون هناك أي مشكلات".  كما وصف أردوغان القرار الأمريكي بسحب نحو ألف جندي من شمال سوريا بأنه خطوة إيجابية.

ويمثل الانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية من الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات واحتمال عودة الجيش السوري للشمال الشرقي الذي يسيطر عليه الأكراد انتصارات كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد وحليفتيه روسيا وإيران.

وأعلنت الولايات المتحدة يوم الأحد إنّها ستسحب قواتها المتبقية في شمال شرق سوريا وقوامها ألف جندي بعد أربعة أيام فقط من بدء الهجوم التركي عبر الحدود بضوء أخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.  وأثار الهجوم التركي انتقادات واسعة وقلقا من أن يسمح لمقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا بالفرار من السجون المحتجزين بها في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد ليعيدوا تجميع صفوفهم.

وقرر ترامب قبل أسبوع نقل القوات الأمريكية في سوريا لفتح الطريق أمام الهجوم التركي وهو عمل وصف بأنه طعنة في ظهر الأكراد الذين قتل الآلاف منهم في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية التي شاركوا فيها الولايات المتحدة منذ عام 2014.

وأعلن الأكراد يوم الأحد أنهم سيعقدون اتفاقا جديدا مع الأسد ومسانديه الروس. وقالت الولايات المتحدة إنها ستسحب قواتها من سوريا بأسرها.

وقال مسؤول كردي سوري بارز إن اتفاقا "عسكريا مبدئيا" أبرم مع دمشق على دخول القوات الحكومية مناطق حدودية من بلدة منبج إلى الغرب من ديريك على بعد 400 كيلومتر في الشمال الشرقي.

وقال بدران جيا كرد لرويترز إن الاتفاق يقتصر على انتشار الجيش على طول الحدود وإن الجانبين سيبحثان القضايا السياسية فيما بعد. وأقام الأكراد إدارة حكم ذاتي في المنطقة التي يسيطرون عليها في حين يسعى الأسد لبسط نفوذ الحكومة على جميع أرجاء البلاد.

وقالت الإدارة الكردية إن انتشار الجيش سيدعم قوات سوريا الديمقراطية في التصدي "لهذا العدوان وتحرير الأراضي التي دخلها الجيش التركي والمرتزقة" وذلك في إشارة إلى قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا.

وقالت في بيان إن ذلك سيسمح أيضا بتحرير المدن السورية الأخرى التي احتلها الجيش التركي مثل عفرين.

ويبعد سحب القوات الأمريكية هذه القوات عن خط النار لكن عودة الجيش السوري لمنطقة الحدود مع تركيا يفتح فرصا لصراع واسع النطاق إذا ما اشتبك الجيش السوري بشكل مباشر مع القوات التركية.

وهدف أنقرة المعلن من العملية هو إقامة "منطقة آمنة" داخل سوريا لإعادة توطين الكثيرين من بين 3.6 مليون لاجئ فروا من الحرب السورية وتستضيفهم تركيا على أراضيها. وقال أردوغان يوم الأحد إن العملية ستمتد من عين العرب في الغرب إلى الحسكة في الشرق وبعمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية وبلدة رأس العين الواقعة الآن تحت سيطرة تركيا.

وقالت تركيا إنها سيطرت كذلك على شطر من طريق سريع رئيسي على عمق ما بين 30 و35 كيلومترا داخل شمال سوريا. وقال مسؤول من قوات سوريا الديمقراطية إن الاشتباكات دائرة على الطريق.

وانتقد حلفاء تركيا الأوروبيون التوغل وحذروا من احتمال فرض عقوبات. ويقول أردوغان إن تركيا يمكنها أن "تفتح البوابات" إلى أوروبا أمام اللاجئين السوريين إذا لم يدعم الاتحاد الأوروبي الهجوم.

وقال سكان على الجانب التركي من الحدود إن القوات التركية واصلت عمليات قصف متفرقة عبر الحدود أثناء الليل. وأشار مصور من رويترز في بلدة سروج إلى إطلاق نيران مدافع هاوتزر من حين لآخر.

وأثار الهجوم مخاوف غربية من أن تعجز قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على مساحات كبيرة من شمال سوريا كانت من قبل تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، عن الإبقاء على آلاف من مقاتلي التنظيم المتشدد وعشرات الآلاف من أفراد أسرهم في مخيمات تحتجزهم بها في المنطقة.

تعليق عبر الفيس بوك