فرار جماعي لعائلات مقاتلي "داعش".. وميركل تطلب وقفا فوريا للعمليات العسكرية

"الغزو التركي": أردوغان يمدد الهجوم على طول الحدود.. وأمريكا تستعد لسحب باقي قواتها

عواصم - الوكالات

قالَ الرئيسُ التركيُّ رجب طيب أردوغان، أمس، إنَّ التوغل التركي في سوريا سيمتد من كوباني في الغرب إلى الحسكة في الشرق، بعمق حوالي 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية، مضيفا أنَّ بلدة رأس العين أصبحت بالفعل تحت السيطرة التركية. وذكر أردوغان في مؤتمر صحفي في إسطنبول أنَّ القوات التي تقودها تركيا حاصرت أيضا بلدة تل أبيض السورية الحدودية إلى الغرب من رأس العين، في الحرب التي تشنها على مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تصفها أنقرة بأنها منظمة إرهابية.

وقال أردوغان "ركزنا أولاً على المنطقة التي يبلغ طولها 120 كيلومتراً بين رأس العين وتل أبيض. ومن ثم سنقسم الممر الإرهابي البالغ طوله 480 كيلومتراً من المنتصف، وبعد ذلك سنسيطر على الحسكة من جانب وعين العرب (كوباني) في الجانب الآخر ونكمل العملية"؛ في إشارة إلى البلدتين الواقعتين على جانبي محور التركيز الحالي للعمليات. ومضى قائلا: "سنذهب إلى عمق يتراوح بين 30 و35 كيلومترا، وفقا لخريطة المنطقة الآمنة التي أعلنا عنها من قبل".

وقال إنَّ جنديين تركيين و16 من مقاتلي المعارضة السورية المدعومين من أنقرة قتلوا في العملية. وأضاف أنَّ القوات التي تقودها تركيا قتلت 440 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، وتمثل وحدات حماية الشعب العنصر الرئيسي فيها. وقال إنَّ القوات التي تقودها تركيا سيطرت حتى الآن على 109 كيلومترات مربعة، تشمل 17 قرية حول تل أبيض وأربع قرى حول رأس العين.

وعلى جانب آخر، قالت متحدثة باسم الحكومة الألمانية إنَّ المستشارة أنجيلا ميركل طلبت من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -خلال مكالمة هاتفية، أمس- ضرورة وقف العملية العسكرية التركية في شمال سوريا على الفور. وقالت المتحدثة في بيان: "المستشارة طلبت وقفا فوريا للعملية العسكرية". وأشارت المتحدثة إلى أنَّ المكالمة الهاتفية جرت بناء على طلب من أردوغان.

من جانبه، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر في مقابلة مع برنامج "واجه الأمة"، إن الولايات المتحدة تستعد لإجلاء نحو ألف جندي أمريكي من شمال سوريا. وجاء ذلك التصريح بعد أن غير الرئيس دونالد ترامب السياسة المتبعة فجأة وسحب بعض القوات الأمريكية التي كانت في المنطقة لدعم القوات الكردية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية. وساعد قرار ترامب على إفساح المجال لتركيا لشن هجوم على قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.

وقال إسبر: "في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة علمنا أن (الأتراك) يعتزمون على الأرجح مد هجومهم إلى مسافة أبعد في الجنوب والغرب مما كان مخططا في البداية.. وعلمنا أيضا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة أن قوات سوريا الديمقراطية تسعى لإبرام اتفاق مع السوريين والروس لشن هجوم مضاد على الأتراك في الشمال".

وفي أحدث انتقاد يوجه للعملية العسكرية، عبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن "قلق بالغ" من الهجوم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقال إنه قد يؤدي لتدهور الوضع الإنساني ويقوض التقدم الذي تحقق في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وحث على إنهاء العملية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنَّ ضربة جوية تركية في مدينة رأس العين السورية أسفرت عن سقوط تسعة قتلى بينهم خمسة مدنيين أمس. وأضاف مدير المرصد رامي عبد الرحمن أنَّ الضربة أصابت تجمعا لمدنيين جاءوا من القامشلي إلى رأس العين تضامنا مع المدينة التي تستهدفها القوات التركية في هجومها على القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا. وقال مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية إنَّ "قافلة مدنية" هوجمت.

وقالت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا إن نساء ينتمين لتنظيم الدولة الإسلامية فررن بأعداد كبيرة مع أطفالهن من مخيم كن محتجزات فيه بشمال سوريا، أمس، بعد قصف في اليوم الخامس لهجوم تركي على المنطقة.

واتَّسع نطاق الهجوم التركي في شمال سوريا عبر الحدود؛ حيث استهدف بلدة سلوك التي قصفها حلفاء تركيا من المعارضة السورية المسلحة. وصدرت روايات متضاربة عما انتهى إليه القتال. وهدف أنقرة المعلن من العملية هو إقامة "منطقة آمنة" داخل سوريا لإعادة توطين الكثيرين من بين 3.6 مليون لاجئ فروا من الحرب السورية وتستضيفهم تركيا على أراضيها. وهدد الرئيس التركي بإرسال اللاجئين إلى أوروبا ما لم يدعم الاتحاد الأوروبي العملية التركية. لكن العملية العسكرية أثارت قلقا دوليا بشأن النزوح الجماعي للمدنيين واحتمال فرار أسرى تنظيم الدولة الإسلامية من سجون تديرها السلطات بقيادة الأكراد.

وقالتْ الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا -في بيان- إن 785 أجنبيا من منتسبي التنظيم المتشدد فروا من مخيم عين عيسى. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادر في المخيم قولها إن نحو مئة شخص فروا. وفي إشارة على ما يبدو لمقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا، قالت السلطات التي يقودها الأكراد إن "مرتزقة" هاجموا مخيما به "العناصر الداعشية" التي قامت "بالهجوم على حراسة المخيم وفتح الأبواب للفرار".

وذكر مروان قامشلو المسؤول في قوات سوريا الديمقراطية لرويترز إنه لا يوجد عدد كاف من الحراس في المخيم الذي يقع إلى الشمال من الرقة وعلى بعد نحو 30 كيلومترا جنوبي الحدود التركية. وأردف قائلا: "الحراسة ضعيفة جدا الآن"، مضيفا أنه يوجد حاليا ما يتراوح بين 60 و70 فقط من أفراد الأمن في المخيم مقارنة بمستويات الحراسة العادية التي كانت لا تقل عن 700 فرد في المخيم الذي يضم 12 ألف شخص.

وعلى الخطوط الأمامية للقتال، دخلت قوات تركية ومقاتلو معارضة سوريون بلدة سلوك التي تبعد نحو عشرة كيلومترات عن الحدود مع تركيا حسبما قال المرصد السوري أمس. وذكرت وكالة الأناضول التركية المملوكة للدولة أن مقاتلي المعارضة سيطروا بالكامل على سلوك. لكن قامشلو قال إن قوات سوريا الديمقراطية تصدت للهجوم وما زالت تبسط سيطرتها.

وقالت الأمم المتحدة، أمس، إن أكثر من 130 ألف شخص نزحوا من مناطق ريفية في محيط تل أبيض ورأس العين نتيجة للقتال. وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية -في بيان- أن تقديراته هو ووكالات إغاثة أخرى تشير إلى أن ما يصل إلى 400 ألف مدني في منطقة الصراع تلك ربما يحتاجون إلى المساعدة والحماية في الفترة المقبلة.

تعليق عبر الفيس بوك