الدور التنموي للشراكة والتخصيص

 

غازي الخالدي

 

على ضفاف التنمية الشاملة في السلطنة يظهر مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص كواحد من أهم الأساليب المتبعة لتحقيق الاستدامة في المشاريع التنموية ويظهر جلياً في كونه أحد الأدوات التي تعيد ترتيب الأدوار بين القطاعين فيما يتعلق بإقامة المشاريع الاستثمارية التي تندرج تحتها مشاريع البنية التحتية أو تقديم وتحسين الخدمات القائمة ويتيح الفرصة للقطاع الخاص لتبني مشروعات وطنية ذات جدوى اقتصادية تنسجم مع الخطط التنموية الخمسية وتساهم وبشكل كبير في التنمية المستدامة والقيمة المضافة والمضي قدمًا في التنمية الشاملة جنباً إلى جنب مع خصخصة القطاعات في الجوانب التي تحقق عائدا مربحا للقطاع الخاص. ومع كثير من الممارسات المحلية والدولية تطور وتوسع مفهوم الشراكة مما جعل تحديده كمفهوم يأخذ جوانب عدة وأشكالا مختلفة بيد أنه يرتكز أساساً إلى كونه المشاركة والمساهمة في إقامة المشاريع ذات البعد الاقتصادي والتنموي وذات القيمة المضافة والعائد الربحي بحيث تؤطر الشراكة في إطار تشريعي يحفظ حقوق الطرفين من خلال عقد استثماري طويل أو قصير المدى.

وتكمن أهمية الشراكة والتخصيص في كونهما يساهمان وبصورة مباشرة في تخفيض الإنفاق المالي من قبل القطاع العام على إنشاء المشاريع ذات التكلفة العالية وتفسح المجال للقطاع الخاص للمساهمة بصورة أكبر في الناتج المحلي للسلطنة وأخذ زمام المبادرة والمشاركة في التنمية بمشاريع تنموية واقتصادية تحقق قيمة مضافة هذا بالإضافة إلى زيادة منافسة شركات القطاع الخاص فيما بينها في قطاعات محددة وفي تبني مشروعات استثمارية أو المساهمة في إدارة شركات مملوكة سابقاً للحكومة وبالتالي فذلك ينعكس إيجابًا في جذب وتحريك رؤوس أموال وتوفير فرص عمل للمواطنين وإنشاء كيانات تجارية مستقلة، كما أن الشراكة الحقيقية بين القطاع العام والخاص تعزز من استدامة إنشاء المشاريع في ظل متغيرات مالية واقتصادية عالمية تؤثر وتتأثر بها السلطنة وبالتالي فلابد من إيجاد شراكة تبنى على أسس استثمارية وتجارية مما يلقي بظلاله على استدامة المشروعات وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني .

ومع توفر بيئة تشريعية تساهم في حفظ أطر الشراكة بين القطاعين والتي آتت ثمارها في صدور المرسوم السلطاني بقانون الخصخصة وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإنشاء الهيئة العامة للشراكة والتخصيص بات من المهم جدًا خلال المرحلة القادمة المضي قدما في خصخصة بعض القطاعات ذات بعد استراتيجي مهم بحيث تتيح للقطاع الخاص المبادرة في تشغيل وإدارة القطاعات الحيوية فعلى سبيل المثال لا الحصر الشركات الحكومية التي تساهم بها الحكومة بنسبة 100%، وأيضًا الشركات الحكومية التي تعتمد على التمويل الجزئي الحكومي وبالتالي فإنَّ نتيجة لذلك يحول الدعم الحكومي لقطاعات أخرى مهمة مما يساهم في خفض وترشيد الإنفاق، هذا جنباً إلى جنب مع ضرورة أن تطرح كافة الجهات الحكومية المشروعات التي يتطلب القيام بها من قبل القطاع الخاص بحيث تكون مناصفة بين الطرفين أو إقامة مشروع تنموي بالكامل عن طريق القطاع الخاص بحيث يحقق عائدا ربحيا من المشروع للمساهمين به عن طريق تشيغله أو إدارته كمرفق حيوي بأسلوب تجاري مما يساهم في استدامة المشاريع التنموية.

ومما ينبغي أخذه بعين الاعتبار هو إيجاد آلية موحدة متوافق عليها بين جميع الأطراف المعنية لتمويل المشاريع التي تخضع للشراكة بحيث تحقق عائدا ماليا للمستثمر من إقامة المشروع أو تطوير خدمة قائمة كما أن آلية المنافسة والمفاضلة بين شركات للدخول في شراكة مع القطاع العام تكون مبنية على أسس واضحة وشفافة مما يحقق العدل ويضمن حقوق المتنافسين وهذا ما نصت عليه المادة الخامسة من الفصل الثاني من قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص (طرح وترسية مشروع الشراكة) وعليه ونتيجة لذلك فإن اللائحة التنفيذية للقانون يجب أن تحدد الآلية ومعايير المفاضلة .

لقد أثبتت التجارب بما لا يدع مجالاً للشك توفر الكثير من الكفاءات البشرية والتقنيات الحديثة في القطاع الخاص والتي أثبتت قدرتها وكفاءاتها وبالتالي دخولها في شراكات مع القطاع العام تتيح المجال لتبادل الخبرات والمعرفة وتعزيز الطاقات البشرية وسوف يؤتي ثماره على المشروع نفسه وعلى التنمية الشاملة للسلطنة .

إنَّ القطاع الخاص مطالب اليوم بتبني مشروعات وطنية ذات قيمة مضافة وعليه أن يأخذ زمام المبادرة والدخول في نطاق الشراكة وألا يقف مكتوف الأيدي بل بات مطالبا بأن يكون أكثر جرأة لتحمل المسؤولية والمساهمة في التنمية الشاملة للسلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك