بغداد - رويترز
قالتْ مَصَادر من الشرطة العراقية، وأخرى طبية، إنَّ ما لا يقل عن 18 شخصا لقُوا حتفهم في اشتباكات جديدة بين محتجين مناهضين للحكومة والشرطة في بغداد، بينما حاول مجلس الوزراء تهدئة الغضب العام من الفساد والبطالة بخطة إصلاح جديدة.
وفاجأ حجم الاحتجاجات -التي قتل فيها قرابة المئة شخص منذ يوم الثلاثاء- السلطات. والآن، وبعد مرور عامين على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، صار الوضع الأمني أفضل مما كان عليه على مدى سنوات، لكن الفساد متفش ولم يتم إصلاح البنية التحتية المدمرة وما زالت الوظائف قليلة.
ووفقا لإحصاء أجرته رويترز، بناء على تصريحات مصادر من الشرطة ومصادر طبية، فقد قُتل 95 متظاهرا على الأقل في أنحاء العراق. وقدرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق -وهي منظمة شبه رسمية- أن عدد القتلى بلغ 99 منذ اندلاع الاحتجاجات يوم الثلاثاء.
وجاءتْ خطة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي -المؤلفة من 17 بندا- نتيجة لاجتماع طارئ لمجلس الوزراء عقد الليلة الماضية، وتأتي بعد أيام شهدت تقديم وعود غامضة للإصلاح.
وتشملُ الخطة زيادة الإسكان المدعوم للفقراء ورواتب للعاطلين عن العمل، وأيضا برامج تدريب ومبادرات تمنح قروضا صغيرة للشبان العاطلين. وستحصل أسر الذين قتلوا خلال المظاهرات خلال الأيام الماضية أيضا على مدفوعات مالية ورعاية تُمنح عادة لأسر أفراد قوات الأمن الذين يلقون حتفهم في الحرب.
ونقل التليفزيون الرسمي عن عبدالمهدي قوله في اجتماع مجلس الوزراء: "أنا والله العظيم في كل هذا الموضوع ما عندي قلق إلا من الضحايا".
وساد الهدوء شوارع العاصمة أمس، وكسرت الاشتباكات الهدوء النسبي نهار يوم السبت، بعد أن رفعت السلطات العراقية حظر تجول وعادت حركة المرور إلى طبيعتها في وسط العاصمة. وانتشر المئات من أفراد الأمن في الشوارع. وبدأت الاحتجاجات في بغداد يوم الثلاثاء لكنها سرعان ما امتدت إلى مدن أخرى خاصة في الجنوب.
وفي مدينة الناصرية؛ حيث لقي ما لا يقل عن 18 شخصا حتفهم خلال الأيام الماضية، أطلقت الشرطة الرصاص الحي على متظاهرين يوم السبت. وقالت مصادر طبية إن 24 شخصا أصيبوا في الاشتباكات التي وقعت ليلا، بينهم سبعة من رجال الشرطة. وقالت الشرطة إن المحتجين أضرموا النار أيضا في مقار عدد من الأحزاب السياسية في الناصرية. ومن بين هذه المقار مكتب حزب الدعوة الذي هيمن على الحكومة منذ عام 2003 حتى انتخابات عام 2018. وذكرت الشرطة أن العنف اندلع مجددا في الديوانية، وهي مدينة أخرى جنوبي بغداد، مما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل.
لكن الخطط الجديدة للحكومة قد لا تكون كافية لتهدئة المحتجين والسياسيين الذين تحيزوا لموقفهم. وبدأت المعارضة للحكومة في الكتل الحزبية تكتسب قوة دفع إذ بدأت تلك الكتل في مقاطعة الجلسات البرلمانية مما يزيد الضغوط على عبد المهدي وحكومته للتنحي.
ودعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر -الذي يحظى بشعبية واسعة، ويسيطر على كتلة كبيرة في البرلمان- يوم الجمعة إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وأعلنت كتلة برلمانية كبيرة واحدة أخرى على الأقل تحالفها مع الصدر ضد الحكومة.
لكنَّ الأحزاب السياسية القوية التي هيمنت على السياسة العراقية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد في 2003، والإطاحة بصدام حسين لم تبد بعد أي استعداد للتخلي عن المؤسسات التي تسيطر عليها.
وفي شرق بغداد، قال مراسلون من رويترز إن قناصة من الشرطة أطلقوا النار يومي الجمعة والسبت على المتظاهرين مما أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص. ونقل التليفزيون الرسمي عن أجهزة الأمن قولها إنَّ ثمانية من أفراد الأمن قتلوا وأصيب أكثر من ألف آخرين في أعمال العنف.