تحديات البنوك الإسلامية في عمان

د. محمد إيمان ساسترا

كان عام 2019 عامًا مثيرًا للاهتمام حيث كانت البيئة السياسية وتقلبات أسعار النفط خاصةً بعد هجوم الطائرات بدون طيار على أكبر حقول النفط في بقيق بالمملكة العربية السعودية والتي لم يسبق لها مثيل في تاريخ صناعة النفط العالمية كونها أكبر منشأة في العالم لمعالجة الخام، حيث أدى الهجوم إلى تهميش ما مجموعه 5.7 مليون برميل يومياً من إنتاج النفط، الأمر الذي نتج عنه شعور حذر في مجتمع التمويل الإسلامي، لأن أسعار النفط ستبقى العامل الرئيسي لتطوير الخدمات المصرفية والتمويل الإسلامي في سوق دول مجلس التعاون الخليجي، لذلك سيكون عام 2020 مثيراً للاهتمام للبنوك والتمويل الإسلامي على مستوى العالم، إذ نتوقع أن نرى تصاعداً في تطور الخدمات المصرفية للتمويل الإسلامي مع تقديم المزيد من هياكل وأدوات المنتجات المبتكرة لجذب المزيد من المستثمرين والعملاء.

صناعة الصيرفة الإسلامية في سلطنة عُمان جاءت متأخرة للغاية مقارنة ببلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فلا تزال الصناعة في مرحلة الطفولة وليس من السهل عليها أن تنمو وتنافس بنفس حماس نظيراتها البنوك التقليدية مع تمسكها في الوقت نفسه بقواعد ومبادئ أحكام الشريعة الإسلامية، لقد بدأت الصيرفة الإسلامية في يناير 2013 بعد صدور المرسوم السلطاني 69/2012 بتاريخ 6 ديسمبر 2012 بإضافة قسم جديد القانون المصرفي العماني بعنوان "المصرفية الإسلامية" مكون من ست مواد إضافية، من المادة 120 إلى 126، تتمثل إحدى النقاط المهمة لهذا القانون بأنَّه يتم إعفاء البنوك والنوافذ الإسلامية من أي نوع من الرسوم المفروضة على تعاملاتهم في العقارات والأصول المنقولة لأنَّ طبيعة البنوك الإسلامية هي امتلاك الأصل قبل بيعه لعملائه، وعلى الرغم من أنَّ الصناعة ما زالت في مرحلة الطفولة فقد وضعت عمان الإطار التنظيمي للخدمات المصرفية الإسلامية الصادر من البنك المركزي (IBRF-CBO) الذي يغطي جميع جوانب الخدمات المصرفية الإسلامية بما في ذلك الحكم الشرعي الذي يلعب دوراً محورياً للجمهور للتعامل مع المنتجات والخدمات المتوافقة مع أحكام الشريعة ولزيادة ثقة العملاء.

 إنَّ الدعم القوي للإطار التنظيمي الذي صممه خبراء البنوك الإسلامية والتمويل ذوو الخبرة في السوق العالمية والذي يُغطي جميع جوانب الخدمات المصرفية الإسلامية يقود عمان إلى كونها واحدة من أسرع الدول نموا في الخدمات المصرفية الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي.

 لدى عُمان حالياً مصرفان إسلاميان كاملان (بنك نزوى وبنك العز الإسلامي) وستة نوافذ إسلامية (اليسر للصيرفة الإسلامية نافذة بنك عُمان العربي، ميثاق للصيرفة الإسلامية نافذة بنك مسقط، مزن للصيرفة الإسلامية نافذة البنك الوطني العماني، صحار الإسلامي نافذة بنك صحار الدولي، ميسرة للصيرفة الإسلامية نافذة بنك ظفار، الهلال للصيرفة الإسلامية نافذة البنك الأهلي). وعلى هذا النحو، فإنَّ مستقبل البنوك الإسلامية في سلطنة عمان يبشر بالخير، ففي نهاية عام 2018 بلغت الحصة السوقية الإجمالية للبنوك الإسلامية في سلطنة عُمان 14٪ من إجمالي الأصول المصرفية في السلطنة (Moody's Investors Service) مع توقعاتنا في عام 2020 أن يُنظر إلى الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية على أنها أفضل بكثير في جميع الجوانب، ليس فقط نمو الأصول، ولكن أيضًا في رأس المال البشري مقارنة بالعام الماضي.

إن النمو المتسارع لقطاع الصيرفة الإسلامية في عمان والشرق الأوسط سيؤدي إلى إنشاء روابط وثيقة بين قطاعات التمويل الإسلامي والاقتصاد الحقيقي وهذا سوف يعطي تأثيرًا أكبر على الرفاه الاجتماعي والاقتصادي الإسلامي الذي يتماشى مع أهداف التنمية الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يستمر الإنجاز الملحوظ للقطاع المصرفي الإسلامي العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة بالرغم من وجود بعض التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية على مستوى العالم في السنوات المقبلة، مثل نقص الوعي بالمعاملات المصرفية الإسلامية بين أصحاب المصلحة، والعرض المحدود لرأس المال البشري المؤهل في التمويل الإسلامي، وعدم كفاية أدوات السيولة في سوق المال الإسلامي، ونقص إصدار الصكوك، وتوفرها في السوق الثانوية.

عليه يجب مواجهة هذه التحديات بشكل جماعي من قبل أصحاب المصلحة في الخدمات المصرفية الإسلامية من أجل تحقيق نمو مستدام لهذه الصناعة، أما في مجال المسائل الشرعية فإن اللاعبين الرئيسيين في المصارف الإسلامية بحاجة إلى تفعيل ودمج الحوكمة الشرعية في إطار عملهم للحوكمة الجيدة للشركات.

إن أكثر التحديات التي واجهتها الصناعة وستستمر في السنوات القليلة المقبلة هي الابتكار في كيفية تبسيط التكنولوجيا بحيث يمكن تبنيها بواسطة الخدمات المصرفية الإسلامية، إذ يعد الابتكار لتحقيق الشمول المالي طريقة يمكن من خلالها استغلال تقنيات التطور التكنولوجي مثل fintech (التكنولوجيا المالية) ونظام الدفع بلمسة واحدة باستخدام الباركود في الهاتف الذكي، حيث يمكن استثمار التقنية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية التي طورها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

على الرغم من كل التحديات التي ستواجهها البنوك الإسلامية نعتقد أن الصناعة ستستمر في النمو، حيث تستعد الأسواق الجديدة (خاصةً في إفريقيا) لتبني الخدمات المصرفية والتمويل الإسلامي من خلال تنظيمها الفريد الجديد وفقًا لخصوصية سوق كل دولة والجهات الفاعلة فيه والخدمات والمنتجات الجديدة الأكثر إبداعًا.

 إلا أنَّ على الصناعة المصرفية الإسلامية من أجل التنافس مع النظير التقليدي اتباع 7 أسباب رئيسية على الأقل حتى يتسنى لها أن تنمو بشكل أسرع مقارنة بنظيرتها:

1. الدعم الكامل من السلطة التنظيمية.

2. الحوكمة الشرعية السليمة.

3. الامتثال للمعايير المعتمدة لأفضل الممارسات الدولية.

4. خدمات مصرفية مخصصة.

5. الرقابة التنظيمية القوية.

6. موظفون متفانون ومدربون تدريبا جيدا من ذوي الخبرة.

7. الابتكار.

تعليق عبر الفيس بوك