واعتصموا بحبل الله

 

د. ريم سليمان الخش | باريس

 

مهمة الشعر أنْ يُبقيك منذهلا

يراود الحسّ مأخوذا به ثملا

//

يباغت الوعي للاوعيّ مخترقا

حُجبَ الذوات على شكٍ بما ارتجلا

//

كما الحصاة إذا ماحشرجت وهوت

على الفرات ومن سلوانه جفلا

//

تحرّك الماء موجاتٍ محمّلةً

برعشة الوجد أشجانا لها امتثلا !!

//

وتقلق العشب إيقاظا وقد صعدت

نافورة الطين متروكا عليه طلى

//

ماوقعُ شعرك إنْ لم ينفجر قَلِقا !!؟

ليترك النفس في آثاره شُعلا

//

مثل الشظايا وقد غارت مجرّحة

عين اليقين ليبقى الجرحُ منفعلا

//

فغاية الشعر تحليقٌ بأفق رؤى

وأن يكسّرَ ما للعادة امتثلا

//

أرى السواقيَ في أحواضها ركدت

ولم يُعاب بفعل القحط ماهزلا !!

//

مسلّمون بما قد شحّ من قبسٍ

وقد توحّشَ وجه الحكمة ابتذلا

//

معتّمون بلا شباك يخبرهم

أنّ الهداهد مرسالٌ لمن سألا

//

مهددون بجرف السيل واهنةٌ

أقلامهم ولذا لم يبلغوا الجبلا

//

لاحلّ إلا بمصباح المعارف لو

شُحنَ الفتيل فعاد الضوء واشتعلا

//

ومنبع الحق وهاجٌ سواقيه

رقراقة الضوء تُهدي طالبا سُبلا

//

مثل الخليل على صهْوات منطقه

يروّض الذهن لم يأسره ما أفلا !!

//

أمانة الله قنديلان من عبقٍ

القلب والعقل كانا للورى رُسُلا

//

ومن تفكّرَ في الأهوال جامحة

يُلخّصُ الدرس من بلوائه جُملا !!

//

حبٌ تفتّلَ لم نحسن درايته

ولا اعتصامَ بذات الحب إنْ فُتلا

//

ذوو العداوة مسمومٌ توعدهم

وألف موتٍ على أنيابهم حُملا

//

همُ الوشاة أباليسُ الحياة وقد

تملّكوا الكون مفتونا بهم ثملا

//

المال والجاه والأوطان عهدتهم

والفقر والجهل ترسيخ لهم وعلى

//

حتى وقعنا بأخدودٍ وليس لنا

حبلٌ ليعصمنا بالله متصلا

تعليق عبر الفيس بوك