وشم الجدران

أحمد الجحفلي | سلطنة عمان

 

"وشم الجدران"

 

وشمْ الجدرانْ وترنيمةْ

تمتمها وشفاتهْ عطشى

الشمسْ تهدهدْ جمرتها

في خدّه لكنْ ماهمهْ...

يعشقْ نادرْ هذي السُمْرةْ

وبيَدّه يرسم بالجمرةْ

السبري كان.. بلون الدّمْ

خضّه، ثم رشّهْ مرّةْ

ثمّ مرات..

ثم، فرّغ.. فرّغ همّه

في راس الحرف

في وجه الحرف

ف.. س.. ا.. د

وتجلّا النزف.

 

جدرانْ.. وتتكلمْ عربي

حيطانْ.. اسمنتيةْ عجفا

وأيادي.. معروقةْ سمراء

واصابع.. تقفز كالديدان.

 

ماهرْ .. والغيم يلف الجو

يرسم يا حلمهْ وجه الضوء

يمحي يا عينيهْ رمش الليل

يمحي والليل..

وجوهْ.. وجوهْ..

والشارع أفعى تتلوّى .

 

وهناك على الركن المزري

ريما ترسم ويديها تتيهْ

كوفيةْ جيفارا.. عينيهْ

ورفاق الشمس حواليها

وظلال الجدران الخرسا

والسبري كانس والأصباغ

وسكتش افكار إنسانيةْ

أفكار بلون الحريةْ

 

جدرانْ العالم تتكلمْ

وشعوب بحريةْ تحلم

جدرانْ ازدانتْ بالأوشام

شخابيط رسام..

تتنفس آلاف الكلمات

وجوهْ أحياءْ..

و وجوهْ أموات..

وصراخْ ولا تسمع أصواتْ

ثورةْ غرافيتي عربيةْ

"راجعين ياقدس"

منحوته في مترْ اسمنت..

ورصيفْ وصمتْ.

 

نورهْ بْحْجابْها الاسلامي

وقفتْ لتشكلْ بورتريهْ

لاجيّةْ تحمل طفلتها..

والثلج يكمم شفّتها

ورموش ابنتها وخصلتها.

 

وتشخبط أروى في لوحتها

شهيدةْ ثورهْ عربيةْ

سقطت في ميدان اللعنةْ.

 

وناجي خطاط المانشيتات

واقف يشربْ من قنينةْ

يطفي ظمأهْ.

وعلا في الحر .. وجهه يقطر

وبطرف التي شيرت الاحمر

يمسح عرقهْ

ويعودْ ليكملْ مابدأهْ.

 

أما أمجدْ.. جسّد "إيلان"

و"بابا لا تموت" والخذلان

يدوبهْ يمشي وخاضْ البحرْ

في جنح الفجرْ

إيلان... مسجّى...

شاطي ممتد وتحت الشمس

لفَظْهْ الموت

لا أثر ليغطينةْ حولهْ

ولا أثر لحوت.

 

تمرّ سياره أَمنيّةْ

ضابط بملابس مدنيةْ

وقّفْ جنب الحيط المعرض

عينهْ تتجول في الحيطان

يذهبْ .. لم يتكلم كلمةْ

وذهبوا وقالوا كل الكلمات

ذهبوا للبحث عن الزملاء

عن جدران أخرى وحريةْ.

 

في حي الوردْ...

حلمي واقفْ في ظلّ الحيطْ

رسّامّ غرافيتي ثائر

حولهْ مجموعةْ ثوريةْ

شبابْ بعمر الاحلامْ

إجتازوا الخوف الى الإقدامْ

سوسن شقراءْ يساريةْ

وجدار بصبغةْ رماديةْ

رسمت ثورةْ..

ثورةْ سكاكين وأمنيةْ

رسمت أطفال..

أطفال القدس العربيةْ

الخوف يكبّل نظرتهمْ

وحمام الأقصى خلفيةْ

والمستقبلْ..!!!؟؟

 لاجيء عربي.

 

جدرانْ .. زقاقْ.. وأميّةْ

الحي فقير.. بلاعنوان

وجوهْ الناس.. بلا ألوان

وكل الأطفال المحرومين

الجوعانين العريانين

جاءوا كالنسمةْ المبتسمةْ

في يدْهُمْ أكياس قمامةْ

يا عيني برميل قمامةْ

كل يوم عليهم يتصدق

وقطط موبوءةْ تتراكض

وكلاب الحي النبّاحةْ

وحمام الحي الحّوامةْ

مشهدْ .. لا تخطيهْ الدمعات

والرسامين على الجبهات

 

وصار للحيطان.. ألوان!!

أخضر .. أصفر .. وكالرمان

لكنّ الأسود لهْ سطوةْ

والأزرق كسماء اللحظةْ

كتبوا بالاورنجي ثورةْ

وأحاطوا الكلمه بالحمرةْ

سامي متعب..

يخرج سيجارةْ من جيبةْ

دخن حبةْ .. ثم حبةْ

والضيق يعشش في صدره

سامي يسقط

ورفاق الدرب إلى جنبه

حملوه .. ولكنه يرفض

يأبى أن يسقط كالثورة

يارا تبكي.. يارا تحبه

يارا.. عربيةْ مسيحيةْ

حنطيةْ تتوشح قترةْ

وشباب الجدران العذراءْ

بحثوا عن جملةْ.. عن فكرةْ

رسموها في عين العالم

وشموها في كفّ الدنيا

في المدن الكبرى وفي الحارات

على الجدران .. على الشرفات

وأقاموا معرضهم في الضوء

رسام الشارع يا عيني

تغريهْ الجدران الحرةْ

تعليق عبر الفيس بوك