"الكوتا" وانتخاب المرأة بمجلس الشورى

 

 

لبنى بنت مسعود الكندية *

في استفتاء تويتري والبحث الأكاديمي الذي أقوم به حاليا لمتطلبات نيل شهادة الدكتوراه في القانون العام بعنوان "عمل المرأه العمانية في المجال السياسي.. التحديات والحلول من منظور التشريع العُماني والشريعة الإسلامية"، وجهت سؤالا للمواطن العُماني (الناخب) والمواطنة العمانية (الناخبة) في انتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة التاسعة التي ستنطلق أكتوبر المقبل.

سُؤالي كان محددًا للرجل: "هل ‏صوتك في الفترة التاسعة لمجلس الشورى سيكون للمرأة؟!"، وجاءت نسبة التصويت بأن 24% من الرجال قالوا نعم. ثم وجهت نفس السؤال للمرأة العمانية: هل صوتك في الفترة التاسعة لانتخابات مجلس الشورى سيكون للمرأة؟ فكانت النتيجة أن 39% من النساء قُلن نعم.

هذه المؤشرات لا يُمكن الأخذ بها؛ كونها متغيرة حسب كثافة التصويت، لكنها قد تقودنا لوضع عدة اعتبارات بأن حظوظ المرأة للفوز بالانتخابات القادمة من المحتمل أن تكون ضعيفة، خاصة وأن الفترة الماضية (الثامنة) شهدت فوز امرأة بمقعد واحد فقط من أصل 83 مقعدا، وهو ما اعتبره المراقبون أن المرأة خسرت باحتفاظها بمقعد واحد في ظل تراجع واضح؛ حيث كانت المرأة في الدورات السابقة أكثر تمثيلا.

وخلال متابعتي كطالبة وباحثة في شأن خوض المرأة العمانية معترك الحياة السياسية، تابعت السجال والتجاذب بين نشطاء منصات التواصل الاجتماعي والدعوات التي أطلقها البعض بأهمية إقرار نظام "الكوتا" لحفظ ماء الوجه وضمان وصول المرأة إلى البرلمان، وهناك في المقابل آراء كانت رافضة بقوة كون صناديق الاقتراع هي الفيصل والحكم في أي عمل ديمقراطي، ولا يوجد فارق بين المرأة والرجل، فالكل سواسية أمام القانون.

من جهته، اتفق تماما على أن المشرّع العُماني لم يفرق بين المرأة والرجل وفتح المجال للجميع، لكن ربما من وجهة نظري أن نظام الكوتا مهم لكي نكسب وجود المرأة واحتفاظها بالمقعد البرلماني حتى تترسخ ثقافة الانتخابات بشكل أعمق خلال المراحل المقبلة.

أقول ذلك وأنا أرى من الأهمية بمكان دعم المرأة من خلال تطبيق نظام "الكوتا" في انتخابات المجالس؛ مثل: المجلس البلدي ومجلس الشورى، وكما هو ملاحظ أن طيلة الدورات الماضية كان وصول المرأة محدودا يتسم بالضعف، وتقلص حتى مقعد واحد أو مقعدين في أفضل تقدير. لهذا؛ أضم صوتي لمن نادى باعتماد نظام الكوتا؛ بهدف ترسيخ تقاليد العمل السياسي النسوي ببلادنا الحبيبة عُمان؛ باعتبارها عنصرا فاعلا في المجتمع.

كباحثةٍ، لابد لي من البحث والتنقيب عن ثغرات أو خلل يعيق وصول المرأة وتخطيها صناديق الاقتراع بكسب أصوات الرجال والنساء على حدٍّ سواء، فهل الخلل يتمثل في القوانين والتشريعات أم من الأعراف والعادات والتقاليد، أم في العزوف من المشاركة، أم بسبب قلة البرامج التوعية. وحتى نجاوب على هذه الاستفسارات ثمة حاجة للتفكير بإيجابية وبعمق في الملفات المتعلقة بالعمل السياسي للمرأة العمانية.

لا يُمكن الجزم في ظل المشاركة المتواضعة بأن تجربة خوض المرأة البرلمانية للانتخابات مثمرة؛ وذلك بالنظر للنتائج التي حققتها المرأة؛ حيث نرى أنَّ النسبة المتحققة خجولة ولا تتماشى مع ما تسعى إليه السلطنة من إقرار للمساواة بين الجنسين والتكافؤ في الحقوق والواجبات، فليس من المعقول أن تتلخص المشاركة النسائية منذ العام 1996 من إقرار حقها في الترشح على امرأة واحدة فقط.

وبالنظر للدورة الجديدة المقبلة، تُشير الأرقام الرسمية إلى أنَّ عدد النساء المقبولة أسماؤهن في القوائم للمرشحين لانتخابات مجلس الشورى بلغ 43 امرأة فقط من أصل 717 مرشحا. وبتحليل الأرقام، نجد أنَّ تمركز المترشحات بعدد الأكبر يكون في محافظة مسقط بعدد 23 امرأة، وربما هناك أسماء قد تنسحب قبيل التوجه لصناديق الاقتراع فيما خلت محافظات مسندم والوسطى من العنصر النسائي تماما.

نستمدُّ رأينا بالدعوة لتطبيق نظام الكوتا من مثل هذه الأرقام سالفة الذكر، كما أنَّ الفترة الثامنة لمجلس الشورى شهدتْ كذلك تمثيلا نسائيًّا بامرأة واحدة فقط من أصل 85 مقعدا. في حين يبلغ عدد المقاعد التي تشغلها المرأة في مجلس الدولة المعيّن من 15 مقعدا من أصل 83 مقعدا.

لهذا؛ نرى أنَّ نظام الكوتا سوف يكون منصفا لدعم مشاركة المرأة في العمل البرلماني، خاصة إذا اعتبرنا أنَّ نسبة مشاركة المرأة في الدورة الحالية تُمثل نحو أقل من 6% من النسبة الكلية للمرشحين.

ألا تتفقون معي على أنَّ نظام الكوتا قد يكون الأنسب في الوقت الحالي؟!

 

* باحثة دكتوراه في القانون العام

تعليق عبر الفيس بوك