من خسائر الرحلة

 

محمود سيد قَرَني | مصر

 

هل خذلك أحدهم يوما ما؟ ولماذا نبيع ذكرياتنا بأبخس الأثمان؟

من عظيم لطف الله بقلوبنا الضعيفة أن يسكنها النسيان بعد أن يزورها من أحدهم الخذلان  وإلا ما كان لتلك القلوب المتكئة على اللاشئ أن تصمد بعد خذلان أحدهم لك.

زارنى صديق لى منذ فترة وحكى لى عن والدته المريضة ولا أدرى هل من حسن أو من سوء حظه أن طبيبها المعالج كان صديقا قديما لنا لطالما شاركنا الأمنيات والذكريات وشاركناه، وعندما احتاجت والدته لعملية جراحية نصحه صديقنا الطبيب أن يذهب إلى إحدى الجمعيات الخيرية لمساعدته لعلمه من خلال دردشة أثناء الكشف الطبى للوالدة أن صديقنا هذا بدون عمل.. ومما يزيد الوجع أن تأتى الممرضة للطبيب فى وجود صديقنا ووالدته لتخبره بجاهزية غرفة العمليات لإجراء عملية هى نفسها التى تحتاجها والدة صديقنا ولكن بالطبع لمريض ظروفه الاقتصادية أفضل.

حكى لى هذا وعيناه غائمتان بالدموع ووجهه مسود من فيض ما يحمله قلبه من الأسى.

إن القلوب التى لا ترى فى أعيننا حاجتنا دون أن نسألها  لنحن فى غنى أن نسكنها سويداء قلوبنا فكل الذين خذلونا يوما ما ليسوا مدينين لنا بالاعتذار ولكن نحن المدينون لأنفسنا عن سوء الاختيار.

وإن كان من فضيلة للخذلان؛ - فليس اللهم - إلا أنها تعيدك لربك، ولسجادة صلاتك، وتعيد بناء جدران قلبك من جديد - إن وفقك الله لهذا - فلا ريب أن فقدان الثقة بأشخاص يخذلونك، هى دفعة لزيادة فى تدقيق اختياراتك اللاحقة، فيصير القلب المنهك بالخذلان لديه بصيرة؛ فلا تخذله اختياراته، ولا تخونه قراراته، فيصبح مع الوقت خذلان الناس لا يثير انفعالاتك ولا يجرح كبرياءك.

إن من خسائر الرحلة.. رحلتى ورحلتك فى دروب الحياة، وأصناف البشر، أن يضيع من ثنايا القلب صديق أو عزيز أو حبيب خذلك .. وإنى نظرت إلى أكثر القلوب المخذولة؛ فما وجدت لذلك سببا إلا لتعلقها بضعيف يهينها، وتركها لقوى يعينها، وما ذلك إلا بضعف حبال اليقين بمن بيده الخير لى ولك.

إن فى القرب من الله قوة تغنيك، ورحمة تنجيك، وعلما يرقيك،  "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". (الآية 26 – سورة آل عمران)

تعليق عبر الفيس بوك