"بتك" تشرح جثة الأمن السيبراني 1 -2

 

عبيدلي العبيدلي

اختارت جمعية البحرين لشركات التقنية "بتك" الأمن السيبراني موضوعاً للقائها السنوي الذي تعقده، وللمرة الثالثة، تحت رعاية وزير شؤون الكهرباء والماء عبد الحسين ميرزا، الذي نجح خلال كلمته الافتتاحية في أن يطل إطلالة سريعة مكثفة على مفهوم الأمن السيبراني، ويأخذ بيد الحضور في جولة خاطفة، لكنها موفقة، حول مظاهر الجرائم السيبرانية، والمخاطر التي تولدها، والتي باتت اليوم، تشكل خطرًا حقيقياً على المجتمع الذي تهاجمه، ليس في الوقت الحاضر فحسب، وإنما في المستقبل أيضاً.

وكان ميرزا ناجحا في دعوته المبطنة التي حثَّ فيها المسؤولين في المجتمع، كل في دائرة اختصاصه، وفي نطاق صلاحياته، أن يمارس دوراً حيوياً مؤثرًا ليس في التصدي لمثل هذا النوع من الجرائم، وإنما لبناء نظام مُتكامل يمتلك صمامات الأمان الكافية التي تحارب ذلك الطراز من الجرائم، وتحول دون وقوعها، من خلال نظام أمان كفء تتضافر فيه جهود أفراد المجتمع كافة، وباستخدام أفضل النظم المعلوماتية.

بعدها توقف المؤتمر بشيء من التوسع والتفصيل حول مفهوم الأمن السيبراني، وتوسع الحاضرون في مناقشة أشكال الجرائم التي باتت سمة من سمات الجرائم السيبرانية، أو ما يعرف أحياناً بالجرائم الإلكترونية، وعرجوا على نظم مكافحة ذلك النوع من الجرائم، وعالجوا أفضل الطرق التي من شأنها، متى ما تم استخدامها بالكفاءة المطلوبة، الحد من انتشار تلك الجرائم، ونزع فتيل انتشارها.

ومما جاء في الأوراق المقدمة لذلك اللقاء السنوي، الذي حمل، هذا العام، شعار "ادحر التهديدات السيبرانية التي تهاجم أعمالك التجارية"، أن مثل تلك الجرائم تتوزع على القطاعات الصناعية كافة، وتكلفها مبالغ باهضة. إذ يتحمل قطاع الضيافة ما يربو على خمسة ملايين دولار، في حين يصل ما يتحمله قطاع التجزئة ما يقارب من 10 ملايين دولار، وترتفع الأرقام حتى تصل ذروتها في القطاع المالي كي تصل إلى ما يزيد على 18 مليون دولار، مقارنة مع قطاع الطاقة الذي يتحمل تبعات تلك الجرائم بكلفة تزيد على 17 مليون دولار.

لكن الإحصائيات الإجمالية تثير الرعب في قلوب من يتابعونها، فوفقاً لتوقعات مؤسسات إحصائية موثوقة، سوف ترتفع كلفة العالم من الأضرار التي ستلحقها به الجرائم السيبرانية من 3 ترليونات دولار في العام 2015، إلى ما يقارب من 6 تريليونات دولار في العام 2021. وقد تضاعف عدد ما سجل من جرائم سيبرانية من 3.8 مليون دولار في العام 2010 إلى حوالي 3.1 بليون حالة مسجلة في العام 2016. أي تضاعف عدد تلك الجرائم حوالي ألف مرة خلال أقل من عشر سنوات.

وتفرعت النقاشات حول تلك الجرائم، وكثرت الاجتهادات التي حاول المشاركون الذين أتوا بها أن يتوصلوا إلى أرضية مشتركة تحدد مثل تلك الجرائم، وتضع معايير دقيقة لقياسها، وقياس حجم التدمير الذي تحمله في أحشائها.

ولعل أقرب ما تمَّ الاتفاق عليه في هذا الصدد، هو ما حددته الموسوعة الإلكترونية (ويكيبيديا) التي ترى أن "الجريمة المعلوماتية أو الجريمة السيبرانية أو جريمة الفضاء الإلكتروني (Cybercrime) تشير إلى أي جريمة تتضمن الحاسوب أو الشبكات الحاسوبية. فقد يستخدم الحاسوب في ارتكاب الجريمة وقد يكون هو الهدف. ويمكن تعريف الجريمة الإلكترونية على أنها أية مخالفة ترتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع جرمي ونية الإساءة لسمعة الضحية أو لجسدها أو عقليتها، سواءً كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن يتم ذلك باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة مثل الإنترنت (غرف الدردشة أو البريد الإلكتروني أو المجموعات".

وتحذر الموسوعة من أن ما "تشهده التقنية والتكنولوجيا من تطورات كثيرة واستحداث لأمور جديدة، ينذر بتطور أدوات وسبل الجريمة الإلكترونية بشكل أكثر تعقيدا أو أشد ضررا من قبل، الأمر الذي يلزم الدول لتطوير آليات مكافحة هذه الجرائم واستحداث خطوط دفاع وسن قوانين وتوعية الناس بمستحدثات هذه الجرائم وتشجيعهم للإبلاغ عنها".

ومع تطور استخدام الإنسان للتكنولوجيا طور المجرمون طرقهم في تنفيذ جرائمهم، وأساليبهم في اقتناص ضحاياهم، الأمر الذي قاد إلى تصنيف تلك الجرائم، ووضع مواصفات محددة لكل نوع من تلك الأنواع.

وكما نجد على الكثير من مواقع الإنترنت، وهي الفضاء الأوسع الذي يختاره من يريد تنفيذ جريمته الإلكترونية، هناك أنواع متعددة من حيث الشكل، وأساليب التنفيذ، ونوع الضحايا، لتلك الجرائم. ومن بين الأكثر شيوعا بينها هي تلك التي ترتكب:

  1. ضدّ الأفراد: هي تلك الجَرائم التي تستهدف الأفراد بشكل مباشر دون المؤسسات، من خلال اختراق معلوماتهم الخاصة التي تشمل "الهويّة الإلكترونية للأفراد بطرقٍ غير مشروعة؛ كحسابات البريد الإلكتروني وكلمات السِّر التي تخصُّهم، وقد تصل إلى انتحالِ شخصيّاتهم وأخذ الملفّات والصّور المُهمّة من أجهزتهم، بهدفِ تهديدهم بها ليمتَثلوا لأوامرهم".
  2. ضد الحكومات: وهنا يتسع نطاق دائرة الجريمة والأهداف الكامنة وراء ارتكابها، ومن ثم حيز التدمير، ومدى الضرر. حيث نجد العصابات التي تقف وراء هذا النوع من الجرائم تستهدف الحكومات فتهاجم "المواقع الرّسمية للحكومات وأنظمة شبكاتها وتُركّز على تدمير البنى التحتيّة لهذه المواقع أو الأنظمة الشّبكية بشكلٍ كاملٍ، ويُسمّى الأشخاص المرتكبون لهذه الجريمة بالقراصنة، وغالباً ما تكون أهدافُهم سياسيّة".
  3. ضد الملكية: وهنا ينتقل مسرح الجريمة من أهدافه الصلبة (Hard) المُباشرة، إلى ما يمكن أن نطلق عليه صفة اللينة (Soft). ومثل هي الجرائمٌ تكون أهدافها أكثر شمولية حيث تتوجه نحو "المؤسسات الشخصيّة والحكومية والخاصّة".  ويكون مسعاها النهائي إتلاف "الوثائق المُهمّة أو البرامج الخاصة، وتتمُّ هذه الجرائم عن طريق نقل برامج ضارّة لأجهزة هذه المؤسسات باستخدام الكثير من الطُّرق كالرسائل الإلكترونية (E-mail). 
  4. لأسباب سّياسية: ومثل هذه الجرائم تختار ضحاياها بشكل دقيق، وتحصرهم، بشكل أساسي في المواقع العسكرية للدول بهدف سرقة معلومات تتعلّق بالدّولة وأمنها. سرقة المعلومات: تَشمل المَعلومات المحفوظة إلكترونياً وتوزيعها بأساليب غير مشروعة. وهو ما أصبح متعارفا عليه اليوم باسم "الإرهاب الإلكتروني"، (Cyber terrorism).