المُهَرِّبُ

 

د. عمر هزاع | سوريا

 

مِن قَريَةٍ

لَم يَهِجْها شَدوُ حَسُّونِ

هَرَّبتُ مُوسايَ

وَاستَخلَفتُ هارُوني

بُعِثتُ فِيها نَبِيًّا

وَالنَّبِيُّ إِذا ما قالَ: إِنِّيَ.. (..)

قالُوا: مَحضُ مَجنُونِ..

دَعَوتُ

سِرًّا

وَجَهرًا

لِلنَّبِيذِ

كَما عَزيزُ خَمرٍ يُذِلُّ الدَّنَّ للدُّونِ

فَطارَدَتنِيَ

عَنها

هارِبًا

قَلِقًا

مُدمًى

مِنَ الضَّارِيَينِ:

الوَهنِ.. وَالهُونِ..

 

تَرَكتُ نُوتَةَ أَلواحي مُكَسَّرَةً

مِن بَعدِ ما قُطِعَتْ أَوتارُ قانُوني

وَهِمتُ

أَنبُشُ لَيلَ التِّيهِ

عَن قَبَسٍ

لِكَي أُذَوِّبَ ثَلجَ الظَّاءِ وَالنُّونِ

حَتَّى لَمَستُ حَسِيسَ النَّارِ

فِي كَبِدي

يَجتاحُ بَيدَرَ أَنغامي

وَعُرجُوني

سَرَّبتُ دَمعي سَلامًا

كَي أُبَرِّدَها

وَالنَّارُ تَأبى

إِذا ما خُوطِبَتْ: كُوني..

فَما وَجَدتُ احتِمالًا ما لِفِكرَتِها إِلَّا تَعَلُّقَ مَحزُونٍ بِمَحزُونِ

حَمَلتُها

مِثلَ سِمفُونِيَّةٍ

بِدَمي

كَما يَشِيلُ حَمامٌ غُصنَ زَيتُونِ

ما زِلتُ أُنشِدُ بِالآهاتِ أُغنِيَةً

يا أَيُّها الصُّمُّ..

خَلُّوها

وَخَلُّوني

دَعُوا لِيَ الوَجَعَ المُمتَدَّ

فِي لُغَتي

فَلَيسَ يَقتُلُ رُوما حِقدُ نَيرُونِ

مَن لِلمُغَنِّي؟

إِذا مَنفاهُ غَيَّبَهُ!

كَما يُغَيِّبُ بَطنُ الحُوتِ ذا النُّونِ!

هَرَّبتُ صَوتِيَ

مِن قُضبانِ مُعتَقَلي

وَالآنَ

أَقبَعُ فِي صَمتي

كَمَسجُونِ

هَرَّبتُهُ كَعَصافِيرٍ مُجَمَّدَةٍ

وَفِي جَحِيمِيَ

ذابَتْ كُلُّها

دُوني

وَحدِي

أَنا

الآنَ

وَحدي

حَيثُ لا لُغَةٌ سِوى السُّكُوتِ

فُقاعاتٍ بِصابُونِ

الصَّمتُ يُطعِمُ لِلإِدمانِ ذاكِرَتي

لِذا سَأَرقُبُ مَوتِي

جَنبَ أَفيُوني

تعليق عبر الفيس بوك