"جارديان": الغرب يفشل في التعامل مع الأزمة السورية.. وتركيا تدعم "داعش"

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قالت صحيفة جارديان البريطانية إن "المذبحة" في إدلب السورية يتسع نطاقها بينما تتقطع السبل أمام الملايين من النازحين الذي يئسوا من اللجوء إلى ملاذ آمن يحميهم من القتل، مشيرة إلى أن "استقرار الشرق الأوسط بأكمله في خطر".

وفي افتتاحيتها، استنكرت الصحيفة البريطانية عدم احتلال الأزمة في سوريا لمكانة بارزة على جدول أعمال قمة مجموعة السبع في بياريتس بفرنسا. ويشير غياب روسيا وتركيا وعما اثنين من اللاعبين الرئيسيين في سوريا، إلى عدم وجود مبادرات حقيقية لحل الأزمة. وترى الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "غسل يديه" من الصراع في سوريا، رغم أن قادة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" يقاومون مطالبته بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا. ويبدو أن الزعماء الأوروبيين، الذين يعانون من العديد من المشاكل الملحة الأخرى، يفضلون عدم التفكير في سوريا مطلقا.

واعتبرت جارديان أن إهمال الحكومات الغربية للحرب- التي اندلعت قبل ثماني سنوات، وبصفة خاصة تأثيرها على المدنيين- بات ظاهرة مألوفة للأسف، لكنها ليست مقبولة. وكانت تدخلات الحكومات الغربية في هذه الأزمة متقطعة وغير متكافئة، ومدفوعة من وقت لآخر بأحداث رئيسية مثل هجمات الأسلحة الكيميائية أو جرائم الحرب المروعة التي كان لا يمكن تجاهلها. وفي المقابل أعطت الحملة ضد ما يعرف بتنظيم "داعش" أولوية في رؤيتها للملف السوري.

إن ثمن هذا الفشل الجماعي في مواجهة أحد أكبر التحديات الاستراتيجية في عصرنا يتكبده الآن المواطن السوري مجددا. ففي إدلب، شمال غربي سوريا، يتعرض أكثر من 3 ملايين شخص لنيران قوات نظام الرئيس بشار الأسد، مدعومة بالقاذفات والمدفعية الروسية. ولقي أكثر من 800 من غير المقاتلين مصرعهم منذ أبريل الماضي، فيما فر ما لا يقل عن نصف مليون مدني، كثير منهم نزحوا سابقًا، نحو الحدود التركية.

وعلى الرغم من النداءات المتكررة للأمم المتحدة ووكالات الإغاثة والمنظمات المحلية للمساعدة، فإن المذابح والفوضى تتزايد بعد سيطرة قوات الأسد على مدينة خان شيخون جنوب إدلب الأسبوع الماضي. وتتفاقم محنة السكان الفارين مع إحجام تركيا عن قبول المزيد من اللاجئين وعزمها على إجبار الكثير من بين 3.6 مليون سوري- يقيمون بالفعل في تركيا- على الخروج من المدن الكبيرة والعودة إلى الحدود.

وتؤكد الجارديان أنه لم يكن بدافع الشفقة، فلأسباب تتعلق بالمصالح الذاتية الضيقة، يجب على القادة الغربيين أن يولوا المزيد من الاهتمام. وساعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحفاظ على الأوضاع في إدلب منذ العام الماضي، عندما أنشأ مراكز مراقبة عسكرية لإبقاء قوات النظام والمتمردين والمقاتلين الإسلاميين في مواقع منفصلة عن بعضهم البعض. لكن هذا الترتيب آخذ في الانهيار. ففي الأسبوع الماضي، تعرضت قافلة تركية للهجوم، مما دفع أردوغان إلى عقد اجتماع طارئ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وإذا فقد أردوغان صبره السياسي، فقد تكون العواقب وخيمة. وتماشيا مع العمليات التركية السابقة في مناطق الباب وعفرين وأعزاز، يمكن أن يأمر الرئيس التركي بالمزيد من التوغلات العسكرية في سوريا لإنشاء ما تسميه أنقرة "ملاذات آمنة". وقد يتحدى كذلك سيطرة الأكراد السوريين المؤيدين للغرب على مناطق شرق الفرات. وبإغلاق طريق الهروب الرئيسي لمدنيي إدلب، يمكن أن يتسبب ذلك في نزوح جماعي آخر للاجئين باتجاه أوروبا، على غرار ما حدث في عام 2015.

وعلى الرغم من أن تركيا تعتبرهم إرهابيين، فإن أكراد سوريا، المدعومين على أرض الواقع من قبل القوات الأمريكية والبريطانية الخاصة، يمثلون عنصرًا حيويًا في المعركة غير المكتملة ضد تنظيم "داعش". وتتحدث التقارير في جميع أنحاء المنطقة عن عودة داعش في شمال سوريا والعراق. وبحسب ما ورد، شنت ما يسمى بـ"الخلايا النائمة" 43 هجومًا في المناطق الكردية السورية منذ أواخر يوليو الماضي. حتى إن ثمة شك في أن تركيا تساعدهم سراً.

وفي الوقت نفسه، تستخدم إسرائيل، بمباركة ترامب وربما بوتين أيضاً، الفوضى السورية لتوسيع حرب غير معلنة مع إيران؛ حيث شنت غارات جوية على القوات الإيرانية و"وكلائها" داخل سوريا. وتعمل الآن على توسيع حملتها لتشمل أهدافاً إيرانية في العراق. وأصابت الضربات الإسرائيلية المحتملة مستودعات الذخيرة وقاعدة عسكرية شمالي بغداد يستخدمها الحرس الثوري الإيراني. وأكدت جارديان في ختام افتتاحيتها أن مثل هذه التصعيدات تنذر بعدم الاستقرار المتزايد في المنطقة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة