أجالس الرصيف وحدي


نادية محمد عبد الهادي | القاهرة

كنت أبيع  الصحف على رصيف
يستلقي على ظهره فجرًا  ويدخن نسمات الصيف
ويسعد بسماع أصوات الخطى السريعة
 وهي تقفز  إلى القطار
و إلى الباصات الحمراء المتهالكة

أنا والرصيف أصدقاء منذ الطفولة
لي معه حكايات صغيرة
حين يراني يستقيم في جلسته
ويترك وسادته الخشنة
ويهديني صخرة ملساء أجلس عليها
وأخرى أرص عليها الصحف
وأرتب عناوين الصباح
حسب أهميتها للمتطفلين على قراءة العناوين

كبرت وأصبحت من المشاهير
وصورتي تحملق في القراء
وترسم بسمة مصطنعة
وتطلق  زفرة أنثوية حد الانجذاب
وأصبحت أكتب عناوين للمرأة والحب
وألوِّن حروف الكلمات بالصدق
وأعطرها بأنفاس الحب
حتى يشتمُّها القاريء حين تقع عيناه على كتابتي

وأحيانا أحن لطاولتي من الورق على الرصيف
وأتذكر كيف كان
يلوح لي  ببسمة البراءة
  حين كانت جديلتي تلمع من السواد
وثوبي يقطر فقرا
وصوته الأجش  وهو يناديني لأجلس على الصخرة
لنعيد قراءة أخبار الحياة  
وكيف كنت أموت خجلا حين يمر حبيبي
وهو يحمل كتب الجامعة ويدور بعينيه بشغف
وأنا أنادي على الصحف وأبتهل للأرض أن تبتلعني
حتى لا يراني أجالس الرصيف وحدي.

 

تعليق عبر الفيس بوك