مطالب بإنشاء هيئة داعمة للتراث الثقافي العماني ونشره في مختلف الولايات

مواطنون: الفنون الشعبية التراثية نبعٌ من الأصالة والتفرد.. وتكاتف الجهود المجتمعية تحميها من الاندثار

...
...
...
...
...
...
...
...
...

البدوي: تراجع الاهتمام بالفنون الشعبية في عبري بسبب غياب الحافز المادي

الغافري: إحياء الفنون مسؤولية مشتركة بين أجيال الآباء والأبناء

عبري - ناصر العبري

عبّر مواطنون عن فخرهم بما تزخر به الثقافة الشعبية العمانية من فنون تقليدية توارثتها الأجيال كابرا عن كابر، كما سعت مؤسسات الدولة المختلفة وعلى رأسها وزارة التراث والثقافة إلى بذل كل الجهود من أجل حماية هذه الموروثات التقليدية التي تمثل ثروة ثقافية ومعرفية لا تقدر بثمن، وأنّها فنون رائعة تفيض من نبع الأصالة العمانية والتفرّد في السلطنة. والفنون الشعبية من العلامات المضيئة على ثراء الحضارة العمانية، وتتميز كل ولاية في السلطنة بفنونها وموروثها الشعبي الذي تعاقبت عليه الأجيال، إلا أنّ ولاية عبري تشهد تراجعًا في الاهتمام بهذه الفنون الشعبية.

وقال الشاعر والإعلامي سالم البدوي إنّ الأهازيج والفنون الشعبية خاصة المصاحبة للأعياد في ولاية عبري آخذة في التلاشي، نتيجة لعدم اهتمام الأجيال الجديدة بها، وعزوفهم عن العناية بها. ويرى البدوي أنّ فرق الفنون الشعبية كانت تتحرك في مختلف المناسبات عن طريق مشايخ الولاية أو مكتب سعادة الوالي، إذ أنّ الفرقة تحتاج إلى مقابل مادي لإقامة فن العيالة والميدان، لكن بدون طلب من أحد الوجهاء في البلد تجمع الفرقة، فلن تحافظ هذه الفرق على العادات الخاصة في المناسبات وتقديم الفنون الشعبية العمانية أمام الجماهير. وأضاف أنّه مقارنة مع الولايات الأخرى في السلطنة، هناك فرق شبابية تقدم مختلف الفنون وتحصل على المقابل المادي الذي يعينها على كسب الرزق، وهكذا كانت الفرق الشعبي بولاية عبري لكن تراجع هذا الأمر. وطالب البدوي بضرورة إنشاء هيئة معنية بدعم وتشجيع هذه الفرق وتوفير مصدر رزق لها حماية للعاملين في الفرق وحفاظا على الموروث الحضاري.

فنون تراثية

وقال الشاعر المهندس يحيى بن عوض الغافري إنّ ولاية عبري الواعدة وعلى غرار مثيلاتها في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة الغالية تزخر بعدد من الفنون التقليدية المغناة مثل العيالة والرزحة والميدان والعازي والتغرود والطارق وغيرها من الفنون الجميلة التي تختلف باختلاف البيئة التي يعيش عليها المواطن العماني الأصيل كالبيئة الحضرية والبيئة البدوية وغيرها الكثير. وقال إنّ هذه الفنون حاضرة في مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية والوطنية، ومع التطور الذي شهدته السلطنة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- بقيت هذه الفنون والعادات والتقاليد الطيبة تحاكي ذلك الزمن الجميل الضارب في عمق التاريخ، مؤكدا أنّ هذه الفنون لا تزال تؤدى في محافظات وولايات السلطنة ولا يزال المواطنون يحرصون على ألا تخلوا مختلف مناسباتهم من هذه الفنون.

وتابع الغافري أنّه على الرغم من عزوف البعض عن هذه الفنون، إلا أنّ قيام مؤسسات الدولة والقطاع الخاص على تشجيع ودعم فرق الفنون الشعبية من شأنه أن يحقق استمرارية هذه الفرق ويعزز من جهود الحفاظ على الموروث الشعبي من الاندثار. وأكد الغافري أنّ الشباب العماني متى ما وجد التشجيع والتوجيه المناسب مع الدعم المادي والمعنوي فإنّهم يحرصون كل الحرص على المحافظة على هذه التقاليد والفنون الجميلة في مختلف المناسبات مثل عيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك والأعياد الوطنية والمناسبات الاجتماعية. وضرب مثالا بما تشهده بلدة الدريز بولاية عبري؛ حيث يحرص الأهالي كبارا وصغارا، على إحياء هذه الفنون في مختلف مناسباتهم تماشيا مع النهج الحميد الذي وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم.

جهود أهلية

وأشار إلى أنّ الفعاليات التي تقام في بلدة الدريز بجهود أهلية مع دعم بسيط من بعض المؤسسات التي تقدم خدماتها في البلدة فقط، مناشدًا مختلف الجهات ذات العلاقة بالدعم والتشجيع، وداعيا القطاع الخاص إلى دعم مثل هذه الفعاليات والأنشطة لتستمر وتتطور إلى الأفضل.

وقال هلال بن علي بن حمد العبري إنّ ولاية عبري تشتهر بفنون شعبية متعددة ولها طابع وسمعة كبيرة بين أفراد وشرائح المجتمع مثل فن الميدان والعازي وفنون أخرى يستمتع بها المجتمع، لكنه أوضح أن الفترة الأخيرة شهدت تراجع الاهتمام- وخاصة أيام الأعياد والمناسبات- بهذه الفنون الشعبية في الولاية. وعزا العبري ذلك إلى عدم الاهتمام بالفئة التي تقوم بذلك من خلال دعمهم ماديا واجتماعيا، كما لم يتوارث أبناء منتسبي هذه الفرق تلك الفنون بسبب قلة الدعم أيضًا. وحثّ العبري الأشخاص المعنيين بتلك الفنون والجهات المختصة بضرورة العناية بهذه الفنون، وأن تتكاتف الجهود من أجل توفير الدعم المادي لجميع الفنون الشعبية والعمل على إحياء الموروث العماني الاصيل في جميع الولايات وليس ولاية عبري وحسب.

وقال محمد بن عبدالله الغافري إنّ الفنون الشعبية من العلامات الحضارية البارزة في أي أمة، وهي تمثل الموروث التقليدي الذي تتناقله الأجيال، لكن من الملاحظ في الفترة الماضية تراجع هذه الفنون الشعبية في مختلف المناسبات. ويرى الغافري أنّ السبب في ذلك انشغال الجيل الحالي بالعالم التقني المتسارع، وابتعاده بصورة كبيرة عن العناية بموروثاته الحضارية. وأشار الغافري إلى أن هناك بعض المناطق التي لا زالت تحافظ على إحياء فن العيالة وبعض الفنون الأخرى في ولاية عبري، وبلدة الدريز شاهدة على ذلك؛ حيث تقام عرضة الخيل وفن العيالة في عيدي الفطر والأضحى وفي المناسبات الأخرى.

 

فن الميدان

وفيما يخص فن الميدان، أوضح الغافري أنّه تراجع بنسبة كبيرة جداً، قائلا: "لم نعد نشاهده إلا في المشاركات الوطنية، ويعود السبب إلى الفهم الخاطئ حول انحصار ذلك الفن على مجموعة معينة من كبار السن، خاصة النساء، رغم أنّ عادات المجتمع لم تعد كالسابق، ونتمنى من الجهات المعنية تكثيف الجهود من أجل الحفاظ على هذه الموروثات والفنون الشعبية ونقلها إلى الأجيال القادمة".

وقال حمود بن سيف الشندودي إنّ ولاية عبري تشتهر بالعديد من الفنون العمانية المغناة مثل العيالة والرزحة والعازي وركض الخيل والميدان والويلية للنساء وهمبل البوش، مشيرا إلى أنّ الأهالي قديما كانوا يخرجون للاحتفال بشتى المناسبات الاجتماعية والدينية والأعياد ويمارسون هذه الفنون، لكن في الوقت الحاضر تراجع الاهتمام بصورة تتطلب تضافر الجهود من أجل العمل على إحيائها. وناشد الشندودي الجميع بالتعاون في هذا الجانب والسعي لإحياء هذه الفنون الشعبية من جديد أسوة بالقرى التابعة لولاية عبري والتي تحيي هذه الفنون بشكل مستمر وفي كل المناسبات والأعياد.

موروث شعبي

وقال حمد بن سعيد المجرفي إنّ ولاية عبري عُرفت منذ القدم بموروثها الشعبي، كما أنّها عرفت بمعبر القوافل قديما، كونها مركزا مهما ومنفذ عبور للتجار، وتتالت عليها الفنون الشعبية منها الميدان والعيالة والتعازي والرزحه والتعيوطة، لكن في الآوانة الأخيرة بدأت هذه الفنون في التراجع لعدة أسباب منها عدم وجود ساحات للاحتفالات، وهو أبرز العوامل التي ساهمت في عزوف أفراد المجتمع ولاسيما الشباب عن ممارسة هذه الفنون. وأضاف أنّ من بين الأسباب غياب الحرص الرسمي على تنظيم احتفالات تتضمن هذه الفنون، داعيا مكاتب الولاة والمشايخ إلى دعم فرق الفنون الشعبية ومساعدتهم على تقديم الفنون مقابل دعم مادي يتناسب وطبيعة الظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تعليق عبر الفيس بوك