بزيادة 5 دولارات عن سعره التقديري في الموازنة

متوسط سعر برميل نفط عمان أكثر من 65 دولارا حتى نهاية سبتمبر المقبل

< "أوبك": الطلب يتزايد ويحتاج إلى مراقبة

الرؤية - نجلاء عبدالعال

تُشير البيانات الأولية لمتوسط أسعار نفط عُمان إلى استمرار الوضع "المريح" لسعر النفط حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري؛ حيث يصلُ مُتوسط سعر البرميل حتى تسليم سبتمبر المقبل إلى 65.36 دولار للبرميل. وبحسب وصف معالي الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز، في تصريحات سابقة، فإنَّ متوسط سعر برميل نفط عمان بين 60 و70 دولارا للبرميل يُعتبر جيدا. وفي حال استمراره عند هذا المستوى حتى تسليم ديسمبر المقبل، فإنَّ المتوسط سيزيد بقيمة 5.36 دولار في كل برميل عن المتوسط المتوقع له في موازنة العام الجاري، والذي تمَّ تقديره بـ58 دولارا للبرميل.

وبحسب النظام الذي وضعته السلطنة لبيع نفطها، فإنَّ سعر التسليم للشهر يحدده متوسط التداولات عليه قبل شهرين، ونظرا لأهمية الإيرادات النفطية في موازنة السلطنة، فإنَّ سعر مزيج نفط عمان يعدُّ أحد الأركان الأساسية التي تُبنى عليها الموازنة العامة للدولة، ومع تذبذب الأسعار النفط عالميًّا فقد شهدت أسعار نفط عمان تذبذبا موازيا، وخلال تحديد أسعار تسليم الأشهر التسع من العام الجاري، تباين معدل سعر التسليم بقوة ليهبط في تسليم شهر فبراير إلى 57.33 دولار أمريكي، ويرتفع إلى 71.15 دولار للبرميل كسعر تسليم في شهر يونيو ليصل الفارق بين السعرين إلى أكثر من 13.8 دولار.

وقد بلغ معدل سعر النفط العُماني تسليم شهر يناير 66.28 دولار، وتسليم شهر مارس 66.65 دولار أمريكي، أما في تسليم شهر أبريل فبلغ 64.48 دولار أمريكي، ووصل سعر تسليم شهر مايو إلى 66.98 دولار أمريكي، أما تسليم شهر يوليو فكان 69.99، وهبط إلى 61.72 دولار للبرميل في تسليم شهر أغسطس، ووصل في تسليم شهر سبتمبر إلى 63.67 دولار، وقد تمكَّنت السلطنة من بيع مليونيْ برميل في مزاد بعلاوة 0.20 دولار للبرميل، إضافة إلى السعر الذي سيتم به تسليم شحنات النفط  في أكتوبر، والذي سيحدد بنهاية تداولات شهر أغسطس الجاري.

وبحسب البيانات الأولية التي تضمَّنها التقرير الشهري للبنك المركزي العماني، فقد بلغ إجمالي إيرادات النفط الخام خلال النصف الأول من العام الجاري -بخلاف الإيرادات من الغاز الطبيعي- نحو 3 مليارات و75 مليون ريال عماني؛ وبذلك تمثل 55.76% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة خلال هذه الفترة، ومن المنتظر أن تصل الإيرادات من النفط خلال النصف الثاني إلى مستوى أقل مما كان عليه في النصف الأول؛ نظرا إلى أن الأسعار ما زالت في حالة تذبذب مع كثير من العوامل المرتبطة بالمنطقة؛ ومنها تصاعد التوترات الجيوسياسية والتي تشمل التوتر الجديد بين الهند وباكستان، إضافة إلى استمرار التجاذبات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، علاوة على الأوضاع غير المثالية في مضيق هرمز، والوضع الإيراني وفي اليمن... وغيرها من عوامل ورد بعضها في التقرير الشهري لمنظمة "أوبك" قبل أيام.

وجاء في التقرير أنَّ توقعات زيادة الطلب على النفط على مستوى العالم ستظلُّ مستمرة، لكنَّ التوقعات بحجم هذه الزيادة في الطلب تراجعتْ بناءً على تراجع توقعات النمو العالمي.

وحول أداء أنواع النفوط المختلفة خلال شهر يوليو، ذكر التقرير أنَّ تداولات العقود الآجلة لنفط عمان في بورصة دبي للطاقة، ارتفعت بقيمة 1.83 دولار، وبما يمثل 3% زيادة عمَّا كانت عليه في الشهر السابق، لتستقر عند 63.67 دولار، بينما -وفي مقارنة مع السعر في تداولات نفس الشهر من العام الماضي- فإنَّ معدل سعر نفط عمان في بورصة دبي للطاقة يكون قد انخفض بقيمة 3.60 دولار، أو 5.2%، حيث كان 65.45 دولار للبرميل.

وقد ارتفع متوسط سعر سلة أوبك المرجعية (ORB) في شهر يوليو، بقيمة 1.79 دولار، أو 2.8% على أساس سنوي ليصل إلى 64.71 دولار للبرميل؛ وذلك بدعم من تحسن في الطلب على النفط الخام في آسيا، خاصة من الصين.

وأظهرتْ قيم مكوِّنات السلة اختلافا، ممَّا يعكس معايير الخام الخاصة بكل منها، مع وجود درجات أخف ضغطًا بسبب زيادة المعروض في منطقة شمال الأطلسي، وكان أداء النفط الأثقل أفضل من الخفيف.

وأشار التقرير إلى أنَّ ارتفاع أسعار العقود الآجلة للنفط الخام في يوليو من المستويات المنخفضة المسجلة في يونيو، عوَّضت مخاطر تعطل إمدادات النفط المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط الميول الهبوطية والمخاوف بشأن انخفاض الطلب العالمي على النفط هذا العام، موضحا أنَّ صناديق الاستثمار والمستثمرين رفعوا من استثماراتهم في النفط الخام في يوليو؛ مما جعل صافي صفقات الشراء خلال الشهر تنتهي بارتفاع طفيف مقارنة بالمستويات المنخفضة المسجلة في أواخر يونيو؛ حيث زاد المضاربون رهانهم على ارتفاع أسعار النفط الخام وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وبحسب التقرير، فمن المُتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.10 مليون برميل يوميا في العام 2019؛ مما يعكس انخفاضًا قدره 0.04 مليون برميل يوميا عن توقعات الشهر السابق، مع توقع بأن يبلغ متوسط الاستهلاك العالمي 99.92 مليون برميل في اليوم، وبيَّن التقرير ارتباط انخفاض التقديرات بخفض المنظمات الدولية لتوقعاتها حول نمو الاقتصاد العالمي، وبما تشير إليه البيانات من توقعات أقل للنمو في منطقة آسيا الأخرى والشرق الأوسط، مع التباطؤ في النشاط الاقتصادي العام في مناطق آسيا الأخرى، وكذلك مع استمرار سياسات استبدال الوقود وتخفيض الدعم على الوقود في الشرق الأوسط. بينما كان هناك جانب إيجابي وهو نمو الطلب على وقود الديزل في أمريكا اللاتينية خلال الربع الثاني من العام الجاري؛ مما أدى لتعويض بعض التراجع جزئيًّا.

ويُتوقَّع حاليا أن ينمُو الناتج المحلي الإجمالي العالمي للعام 2019 بنسبة 3.1%، وبانخفاض طفيف عن توقعات تقرير الشهر السابق، بينما يظل النمو متوقعًا عند 3.2% للعام 2020. وقد تم تعديل توقعات نمو الاقتصادي الأمريكي للعام 2019 بنسبة 0.2% إلى 2.4%، بعد تعديل البيانات المهمة من قبل المكتب الإحصائي الأمريكي، فيما يبقى نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 عند 2.0%.

وفي منطقة اليورو يظل تقدير النمو عند 1.2% لعام 2019، ويتوقع أيضًا أن يصل إلى 1.2% في عام 2020. كذلك تظل توقعات النمو في الصين 2019 عند 6.2%، ومن المتوقع أن يتباطأ إلى 6.0 % في العام 2020. وظلت توقعات النمو في الهند دون تغيير عند 6.8 % لعام 2019 ، ومن المتوقع أن يرتفع في عام 2020 إلى 7.0%.

ولم يتغيَّر معدل نمو البرازيل لعام 2019 عند 0.9%، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.7% في العام 2020. بعد انخفاض النمو في الربع الأول من العام 2019، تم تعديل توقعات النمو في روسيا للعام 2019 بنسبة 0.1 نقطة مئوية لتصل إلى 1.3%، وتبقى عند 1.4% خلال العام 2020. في حين أن توقعات النمو في الوقت الحالي لا تتحمل أي مخاطر أخرى حتى تتحقق فعليًّا، لا سيما وأن القضايا المتعلقة بالتجارة لا تتصاعد أكثر، إلا أن الخطر السلبي على النمو الاقتصادي العالمي هو السائد.

وتوقَّع التقرير ارتفاع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.14 مليون برميل يوميا في العام 2020، دون تغيير عن توقعات الشهر الماضي. مع توقعات بأن يضاف حوالي 0.19 مليون برميل يوميا إلى الطلب مقارنة بالعام الحالي في منطقة OECD. كما توقع التقرير تحسن نمو الطلب على النفط في دول آسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية عن مستويات العام الحالي، ومن المتوقع أن تزداد طلبات آسيا والصين بنسبة أكبر في العام 2020 وبزيادة نحو 0.70 مليون برميل في اليوم.

كما توقع التقرير أنْ ينمو الإمداد بالنفط من خارج منظمة أوبك -ومنها روسيا وسلطنة عمان- بمقدار 1.97 مليون برميل في اليوم، في العام 2019، وهو انخفاض نزولي قدره 72 ألف برميل في اليوم عن توقعات الشهر السابق، بسبب انخفاض إنتاج النفط في الولايات المتحدة والبرازيل وتايلند والنرويج في النصف الأول من العام 2019، والتي تم تعويضها جزئيًّا عن طريق زيادة الإنتاج في كندا في الربع الثاني من العام. وتم تعديل توقعات نمو إمدادات النفط في الولايات المتحدة لعام 2019 إلى 1.87 مليون برميل في اليوم، على أساس بيانات الإنتاج التاريخية المعدلة.

وبحسب التقرير، لا يزال من الضروري مراقبة ميزان العرض والطلب عن كثب، ومساعدة استقرار السوق في الأشهر المقبلة؛ وذلك رغم أن النظرة المستقبلية لأساسيات السوق تبدو هبوطية إلى حدٍّ ما لبقية العام، بالنظر إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وقضايا التجارة العالمية المستمرة وتباطؤ نمو الطلب على النفط.

وتضمَّن التقرير مؤشرا مهمًّا حول تأثير وضع الدولار الأمريكي والتضخم على أسعار النفط، موضحا أن أداء الدولار الأمريكي كان متباينًا في شهر يوليو؛ حيث تقدم مقابل العملات الرئيسية لكنه انخفض بشكل عام مقابل العملات في الأسواق الناشئة، وخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في نهاية الشهر، وهي خطوة كانت متوقعة؛ مما ساعد على تخفيف اقتصاديات الأسواق الناشئة، موضحا أنَّ العديد من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة قامت بتخفيض أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة الماضية.

ومقابل العملات الرئيسية، ارتفع اليورو مقابل الدولار في المتوسط بنسبة 0.7 % على أساس شهري مع فتح البنك المركزي الأوروبي الباب لمزيد من التيسير في اجتماعاته المقبلة؛ حيث تباطأ اقتصاد منطقة اليورو في الربع الثاني من العام 2019 مع الخروج الوشيك لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومقابل الفرنك السويسري، ارتفع الدولار بنسبة 0.2% على أساس شهري. ومقابل الين الياباني، ارتفع الدولار بنسبة 0.2% على أساس شهري، مع امتناع بنك اليابان عن خفض أسعار الفائدة، لكن أكد على استعداده لمزيد من التخفيف من السياسة النقدية في حالة تلاشي زخم التضخم. ومع ذلك، فقد ارتفع الين الياباني حوالي 2% مع الطلب على الملاذ الآمن منذ اشتداد حدة النزاعات التجارية. وفي الوقت نفسه، ارتفع الدولار بنسبة 1.7% مقابل الجنيه الإسترليني بسبب مخاوف من احتمالية ارتفاع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق بعد تغيير القيادة في المملكة المتحدة.

وبالقيمة الحقيقية، بعد حساب التضخم وتقلبات العملة، فقد ارتفع السعر الحقيقي للبرميل باحتساب سعر صرف العملة إلى 42.18 دولار للبرميل في يوليو من 40.78 دولار للبرميل في الشهر السابق. وخلال الفترة ذاتها، ارتفع الدولار الأمريكي، بينما كان التضخم مستقرًّا نسبيًّا.

تعليق عبر الفيس بوك