تحذيرات واسعة من "إجراءات انتقامية" تضر بالنظام العالمي

بكين: تصنيف أمريكا للصين متلاعبا بالعملة يهدد بفوضى في الأسواق المالية

شنجهاي، بكين - رويترز

قالَ البنكُ المركزيُّ الصينيُّ، أمس الثلاثاء، إنَّ قرار واشنطن تصنيف بكين متلاعبا بالعملة سيلحق "ضررا هائلا بالنظام المالي العالمي وسيسبب فوضى في الأسواق المالية".

وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) -في أول رد فعل رسمي للصين على أحدث هجوم أمريكي في الحرب التجارية المتصاعدة على نحو سريع بين الجانبين- إنَّ قرارَ واشنطن زيادة التوترات بشأن العملة أمس الأول الإثنين، سيعرقل أيضا "التعافي الاقتصادي والتجاري العالمي"، وأضاف البنك -في بيان منشور على موقعه الإلكتروني- أن الصين "لم تستخدم ولن تستخدم سعر الصرف كأداة للتعامل مع النزاعات التجارية"، وتابع: "تنصح الصين الولايات المتحدة بكبح جماح جوادها قبل أن يصل لشفا الهاوية، وأن تعي أخطاءها، وأن تتراجع عن المسار الخاطئ". وجاء الاتهام الأمريكي بعد تراجع حاد لليوان يوم الإثنين الماضي، وأدى إلى اتساع شقاق بين أكبر اقتصادين في العالم، وسحق أي آمال مستمرة بالتوصل لحل سريع لحربهما التجارية الممتدة منذ عام. واتسع نطاق النزاع بالفعل ليتجاوز الرسوم الجمركية، ويصل إلى مجالات أخرى مثل التكنولوجيا، ويحذر محللون من أن الإجراءات الانتقامية المتبادلة قد تتسع في النطاق والشدة، مما يضغط أكثر على ثقة الشركات والنمو الاقتصادي العالمي. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت أنها قرَّرت لأول مرة منذ العام 1994 تصنيف الصين متلاعبا بالعملة لتنقل النزاع التجاري إلى ما يتجاوز الرسوم الجمركية. وأشارت الوزارة إلى بيان للمركزي الصيني على أنَّه اعتراف صريح بأن "لديه خبرة واسعة في التلاعب بعملته والبقاء متأهبا للقيام ذلك على أساس مستمر".

وقالتْ صحيفة جلوبال تايمز الصينية -واسعة الانتشار، التي تنشرها صحيفة الشعب اليومية، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين- إنَّ قرار الولايات المتحدة له دافع سياسي صرف "لتنفث عن غضبها"، وقال هو شي جين رئيس تحرير الصحيفة على تويتر إن الصين "لم تعد تتوقع نية حسنة من الولايات المتحدة"، ويأتي القرار الأمريكي بتصنيف الصين متلاعبا بالعملة بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إعلان صندوق النقد الدولي أن قيمة اليوان تتماشى مع العوامل الاقتصادية الأساسية للصين، بينما يزيد الدولار الأمريكي عن قيمته الفعلية بنسبة بين ستة و12 بالمئة. ويضع القانون الأمريكي ثلاثة معايير لتعريف التلاعب بالعملة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين: امتلاك فائض كبير في ميزان المعاملات الجارية العالمي ووجود فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة والتدخل المستمر من جانب واحد في أسواق الصرف الأجنبي. وقال البنك المركزي الصيني إن معايير التصنيف لا تنطبق عليه. وقال تشانج آن يوان كبير خبراء الاقتصاد لدى تشاينا سيكيورتيز: "لا مبرر لأن يخلص الجانب الأمريكي إلى أن هناك تلاعبا بسعر الصرف استنادا لتغير سعر صرف الرينمنبي (اليوان) خلال يوم واحد"، وأضاف أنه بعد التصنيف، من المحتمل أن تقوم واشنطن "بتطبيق إجراءات عقابية تتجاوز الفهم الحالي للوضع".

وحذر الإعلام الصيني من أن بكين قد تستغل مكانتها المهيمنة كمُصدر للمعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة كنقطة قوة في النزاع التجاري. وتستخدم هذه المعادن في كل شيء تقريبا من المعدات العسكرية إلى الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية عالية التقنية. ويقول محللون إن بكين يمكنها أيضا تكثيف الضغط على الشركات الأمريكية العاملة في الصين.

وفي مؤشر آخر على تدهور العلاقات، أعلنت وزارة التجارة الصينية، أمس، أن شركاتها توقفت عن شراء منتجات زراعية أمريكية ردا على أحدث تهديد من واشنطن بفرض رسوم جمركية. وقال بنك الشعب الصيني "في النهاية، ستحصد الولايات المتحدة ثمار ما اقترفته يداها".

وقال ثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشات لرويترز إن السلطات النقدية الصينية سمحت لليوان بالانخفاض عن مستوى سبعة يوانات مقابل الدولار الذي يحظى بمتابعة وثيقة كي تتمكن الأسواق أخيرا من أن تضع في الحسبان المخاوف المتعلقة بالحرب التجارية وضعف النمو الاقتصادي. وهوى اليوان 2.7 بالمئة مقابل الدولار على مدى الأيام الثلاثة الفائتة إلى أدنى مستوى في 11 عاما بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ في الأسبوع الماضي بأنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة عشرة بالمئة على واردات صينية قيمتها 300 مليار دولار اعتبارا من الأول من سبتمبر. لكنه استقر على ما يبدو أمس الثلاثاء وسط مؤشرات على أن البنك المركزي الصيني قد يكون يبحث وقف هذا التراجع الذي أشعل مخاوف من حرب عملة عالمية.

تعليق عبر الفيس بوك