تنظمه جريدة الرؤية بالتعاون مع "الرعاية الأولى"

محافظ ظفار يرعى انطلاق ملتقى الإعلام الجديد والعصر الرقمي ضمن فعاليات مهرجان صلالة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

صلالة – الرؤية

رعى أمس معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار انطلاق أعمال ملتقى الإعلام الجديد والعصر الرقمي الذي تنظمه جريدة الرؤية بالتعاون مع شركة الرعاية الأولى ضمن فعاليات مهرجان صلالة السياحي 2019، تحت عنوان "الممارسات الإعلامية.. التزامات وطنية ومهنية"، ويستمر يومين بمشاركة عدد من المسؤولين والأكاديميين والمختصين في مجال الإعلام الرقمي.

وناقش الملتقى في يومه الأول محورين رئيسيين، الأول بعنوان "تنظيم الإعلام الإلكتروني.. إشكاليات الحرية والرقابة" فيما يحمل المحور الثاني عنوان "الشائعات.. استراتيجيات المواجهة وأسس بناء الرأي العام". وتشمل أعمال الملتقى اليوم حلقتي عمل، الأولى بعنوان "مهارات كتابة المحتوى الرقمي وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي" ويقدمها محمد عبدالرحمن المحلل الإعلامي ورئيس تحرير موقع في الفن، بينما تتناول الحلقة الثانية "طرق التحقق من الأخبار الكاذبة"، ويقدمها أحمد عصمت المدير التنفيذي لمنتدى الإسكندرية للإعلام.

 

إشادة راعي الملتقى

 

وأشاد معالي السيد محمد بن سلطان بن حمود البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار، راعي الملتقى، بالجهد الذي تبذله "الرؤية" بفعالياتها المتنوعة من أجل دعم مسيرة التنمية الشاملة في البلاد، وقال معاليه: إنّ ما تقوم به "الرؤية" إنما هو إدراك يستحق التقدير والإشادة بصميم مسؤولياتها الوطنية والمجتمعية، فالآلة الإعلامية العمانية كانت ولا تزال طوال مسيرة العهد الزاهر الداعم الرئيسي لمسيرة النماء والعطاء، بفضل الرعاية السامية التي يوليها لها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-.

وأكد معاليه أنّ العنوان الذي انتظمتْ تحته أعمال "ملتقى الإعلام الجديد والعصر الرقمي" في دورته الثانية (الممارسات الإعلامية.. الالتزامات الوطنية والمهنية)، يأتي في وقتٍ دقيق ومهم؛ خصوصا مع تنامي حجم الثورة الرقمية ووسائل الاتصال الحديثة، وتأثيراتها البالغة على شتى مناحي الحياة، خصوصا تشكيل الرأي العام وتعزيز المواطنة والهوية الوطنية، والحفاظ على العادات والتقاليد والقيم، والتي تأثرت كثيرا بهذا التفاعل الواسع. كما أنّ مصداقية وسائل الإعلام الجديد باتتْ بحاجة -أكثر من أي وقت مضى- لإيلائها الرعاية اللازمة من قبل القائمين عليها، خصوصا مع سرعة انتشارها ووصولها لفئات المجتمع المختلفة؛ مما يضع على عاتقهم ضرورة إعادة النظر في الطريقة التي يتعاطون بها مع الأخبار ونقلها بمهنية ومصداقية عالية تحقق التأثير الإيجابي المأمول من هذه الطفرة التقنية، وضرورة إيجاد حائط صد يحد من الشائعات ويوقفها في مهد تشكلها، وهو ما عالجته محاور الملتقى بمهنية عالية.

وثمّن معالي السيد وزير الدولة ومحافظ ظفار المسعى الذي هدفتْ إليها دورة الملتقى لهذا العام، بإيجاد أرضية مشتركة ومنظومة متكاملة يعمل فيها الإعلام التقليدي والرقمي على قدم المساواة ليس فقط من أجل نقل المعلومة بأمانة ومسؤولية وجعل جمهور المتلقين في قلب الحدث، وإنّما الإسهام الإعلامي الإيجابي والمسؤول في صناعة الحدث، وتقديم صورة مشرّفة عن مسيرة الوطن، ودعم مراحل التطوّر والنماء، وتشكيل رأي عامٍ أكثر وعيا وإدراكا بمسؤولياته وواجباته، فهذه هي رسالة الإعلام الحقيقية التي يجب على كل ممتهني هذه الرسالة الاضطلاع بها بأمانة ومسؤولية.

واختتم معاليه بالتأكيد على عمق أوراق العمل التي قدّمت من الخبراء والمختصين خلال دورة الملتقى، والثراء المعرفي الذي أوجدته جلسات النقاش في تحقيق أهداف ورسالة الملتقى الوطنية، متمنيا أن تلقى التوصيات التي تم الخروج بها عين الرعاية والاهتمام من كافة الجهات المعنية؛ من أجل منظومة إعلامية تقليدية ورقمية أكثر موثوقية ودعما لمسيرة بناء الوطن في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه.

 

نهج إعلام المبادرات

 

وبدأ الملتقى بكلمة ترحيبية للمكرم حاتم الطائي رئيس تحرير "الرؤية" والمشرف العام على الملتقى، قال فيها: لقد أسهم إعلامنا الوطني على مدى عقود النهضة المباركة في أن يعزز الوعي المجتمعي بما تحقق من منجزات على أرض الوطن بفضل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- وساهم بدور محوري في رفع مستوى المعرفة بما يحدث من متغيرات داخلية وخارجية تؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على مسيرة التقدم والنماء، علاوة على إسهاماته العديدة في إتاحة المجال أمام الأقلام الوطنية كي تدلو بدلوها في مختلف القضايا وتطرح العديد من الأفكار البناءة والتطلعات الطموحة.

وأضاف الطائي أنّ الحديث عن الإعلام الجديد، يدفعنا إلى تأصيل المفهوم أولا، وتسليط الضوء على تشعباته المختلفة وتأثيراته المتعددة في الحياة العامة، وهذا الإعلام الجديد لا يقصد به فقط وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، بل أيضا يشير إلى مفهوم جديد في المعالجة الصحفية والإخبارية للحدث، معالجة تتماشى مع عصر السرعة الذي نعيشه، وتتماهى مع المتغيرات الفكرية والثقافية التي تشهدها مجتمعاتنا في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وما تحدثه مخرجاتها من تأثيرات عميقة على مستوى الفرد والمجتمع، كما أن الإعلام الجديد أحد تجليات هذه الثورة الصناعية، فقد استفادت وسائل الإعلام المتطورة من الذكاء الاصطناعي في الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور وتلبية تطلعاتهم وتوفير ما يطمحون إليه من شغف معرفي، وباتت آليات تحليل المواقع الإلكترونية القائمة على الذكاء الاصطناعي هي الأكثر فعالية وحيوية في توجيه مسؤولي النشر ومحرر المواقع الإلكترونية، وكذلك الحال مع صفحات وحسابات التواصل الاجتماعي، التي تعتمد بصورة كبيرة على الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في معرفة توجهات المستخدمين وبالتالي توفير ما يبحثون عنه وتقديمه لهم في هيئة إعلامية احترافية.

وتابع الطائي: منذ أن انطلقت جريدة الرؤية في سماء الصحافة العمانية استطاعت- بفضل فريق العمل الواحد المتكاتف- أن تضع لها قدما راسخة في محيطها المحلي والإقليمي، ونجحت من خلال اتباع أعلى المعايير المهنية والاحترافية في أن تستقطب جمهورا عريضا من القراء والمتابعين، والذين يحرصون على قراءة الأخبار والتقارير الإخبارية والتحليلات السياسية والاقتصادية ومقالات الرأي عبر جريدة الرؤية، الأمر الذي ألقى على عاتقنا مسؤولية عظيمة دفعتنا- ولا تزال- لطرح أفكار غير تقليدية لخدمة المجتمع عبر بوابة الإعلام، ولذا أطلقنا قبل سنوات نهج "إعلام المبادرات" لنمهد لأنفسنا طريقا نستطيع من خلاله أن نضيف بعدا جديدا في مسيرة الإعلام العماني الحافلة بالعطاء والتميز والرصانة.

وأكد رئيس تحرير "الرؤية" أن المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق وسائل الإعلام بمختلف تصنيفاتها، المقروءة والمسموعة والمرئية، تفرض على العاملين في هذا القطاع تبني رسالة إعلامية هادفة، تنطلق من الثوابت الوطنية، وتتماهى مع السياسات العامة للدولة، وتعلي من قيم المواطنة من أجل بناء مجتمع ناهض يدرك أولوياته جيدا ويعمل على تحقيق طموحاته ودعم الرؤية العامة التي تضعها مؤسسات الدولة المعنية، لدعم خطط التنمية الشاملة والمستدامة، مشيرا إلى أن الرسالة الإعلامية التي ننشدها من الإعلام الجديد، أن يتحلى في المقام الأول بالمسؤولية في الطرح والتناول الإعلامي لمختلف القضايا، وأن تلتزم هذه الرسالة بالثوابت الوطنية، وأن تدعم حق المواطن في المعرفة الحقيقية القائمة على المصداقية والموضوعية والحيادية، لكن هذه الرسالة الإعلامية تواجه العديد من التحديات، وهو ما يفرض على القائمين عليها أن يضعوا المقترحات اللازمة التي تضمن مواجهة هذه التحديات، وصياغة حلول بناءة تدعم جهود نشر هذه الرسالة على أوسع نطاق وبأعلى قدر من المهنية والاحترافية.

وأضاف الطائي: أنّ أولى هذه المقترحات يتمثل في ضرورة سن تشريع يتماشى مع متغيرات العصر ويواكب التطلعات التي يطمح إليها الصحفيون والإعلاميون بشكل عام؛ ويعزز آلية نشر الأخبار وتداولها وفق أسس قائمة على المصداقية والحياد والموضوعية، كما يتيح للصحفي أيضا حرية الوصول إلى المعلومة من مصادرها الرسمية، دون تأخير في الرد من قبل المسؤولين أو المعنيين. أمّا التحدي الثاني فيتجلى في أهمية توفير التمويل اللازم لمواصلة تطوير وسائل الإعلام وضمان مواكبتها لأحدث الوسائل التقنية والإنفاق على أفكار التطوير بصورة جيدة، وآخر هذه التحديات- من وجهة نظرنا- التحدي الخاص بتلبية تطلعات الجمهور في عصر يتسم بالسرعة الهائلة في نقل الخبر ونشره، وهو ما يفرض على المؤسسات الصحفية والإعلامية إيلاء جوانب التدريب والتأهيل أهمية بالغة، من أجل مساعدة الصحفيين على تقديم الأفضل ومواصلة العطاء المهني في كل وقت ومن أي مكان.

وفي ختام كلمته، تقدم الطائي بخالص الشكر والتقدير إلى معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار على تشريفه برعاية الملتقى في نسخته الثانية، كما شكر الرعاة والداعمين لأعمال الملتقى.

 

البيان الافتتاحي للملتقى

 

وألقى سعادة علي الجابري وكيل وزارة الإعلام البيان الافتتاحي للملتقى، وقال فيه: أتقدّم بخالص الشكر والتقدير، إلى جريدة "الرّؤية"، اللجنة المنظّمة لأعمال الملتقى، على كلّ ما تقدّمه منْ جهودٍ مجتمعيةٍ مقدّرة، وإسهاماتٍ تعد بمزيدٍ من النّماء الوطنيّ، القائم على أسس الشراكة المجتمعية المتينة والمسؤولة. وإنها لمناسبة مواتية، لأعبّر فيها عن تقديري البالغٍ، للعنوان الذي تنتظم تحْته، أعمال الدورة الثانية من هذا الملتقى الواعد، والذي يبحث فيها الالتزامات الوطنيّة والمهنيّة للممارسات الإعلاميّة في الفضاء الرقميّ الواسع، نظير ما يتّكئ عليه من جملة مسؤوليّات وواجباتٍ، وحرياتٍ، تكفل أداء أكثر مسؤولية لوسائل الإعلام الحديث، وتدفع نحو إيجاد منظومةٍ إعلاميّةٍ رقميّة، قادرة على التأثير بإيجابية ومصداقية وباحترافية مهنيّة عاليّة، وهي نقطة أخرى تحسب لهذا الملتقى الذي يجمع على مائدة نقاشه كوكبة من الخبراء والمختصين بالمجال الإعلاميّ من داخل وخارج السلطنة.

وأضاف سعادته: تابعنا باهتمامٍ بالغٍ الأصداء الطيّبة التي تحققتْ للدورة الأولى من هذا الملتقى، والتّوصيات الواعدة التي خرج بها، ويمكنني هنا أن أقول إنّ انعقاد هذه الدورة إنّما هو دليل نجاحٍ لمتتالية تحقّق هذه المخرجات على أرض الواقع، في ظلّ ما نعيشه من موجات تطوّر متعاقبة شهدناها خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بمستجدّاتٍ ومتغيرات في أنماط ورسائل الاتصال الجماهيريّ؛ سواء على مستوى اللغة أو المحتوى وآلية صناعة ونقل الحدث... إلى آخر ذلك من ممكّناتٍ منحتْ الإعلام الرقميّ مكانة ينافس من قمتها وسائل الإعلام التقليدي.

 

توصيات للتطوير

 

كما قدم سعادة ماضي الخميس الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي بدولة الكويت كلمة رئيسية، وقال فيها: نجتمع تحت مظلة ملتقى الإعلام والعصر الرقمي في نسخته الثانیة ضمن فعالیات مهرجان صلالة السياحي لعام 2019م لنؤكد أنّ الإعلام بات صناعة كبیرة وثقیلة ومتطورة، لذلك لا بد أن نخرج بنتیجة حقیقیة وملموسة، وأن تصل بنا الحوارات واللقاءات إلى ما یعزز مسیرة الإعلام العربي وخدمة قضایاه، وبات من حق المجتمع أن نقدم له ما یلیق به من أطروحات إعلامیة مختلفة تحمیه ولا تفككه، تبنیه ولا تھدمه ونجعل الإعلام یلعب دوره الرئیس في التنویر والتنمیة.

وأضاف الخميس أنّ التكنولوجیا الحدیثة تعكس واقع التطور الحاصل في مجال الإعلام والمعلوماتیة، ومدى ما ینطوي علیه ذلك التطور من تحدیات لشعوبنا العربیة عامة وما یقتضيه ذلك من وضع الخطط والاستراتیجیات، التي تكفل مواجھة ھذه التحدیات. إن معظم الدول العربیة عامة والخلیجیة على وجه الخصوص لم تكن بعیدة عن ھذه التطورات الحاصلة في مجال المعلومات والمعلوماتیة، وأن ھذا التطور ینبغي أن یواكبه تطور مماثل فیما یتعلق بوضع استراتیجیات تكفل تحقیق الاستفادة التامة من التقنیات الحدیثة في إطار المحافظة على الھویّة الحضاریة لعالمنا العربي والإسلامي.

وأضاف الخميس أنّ التحدیات التي یفرضھا التطور الحاصل في الإعلام والمعلوماتیة تفرض علينا التعامل معھا ومواجھتھا بالخطط والاستراتیجیات المناسبة، إذ أنّ تجنب التعامل مع ھذه التقنیات أصبح أمرا غیر ممكن باعتبارنا جزءا من العالم وجزءا من تغیراته وتحولاته؛ فإن لم نكن نملك زمام المعرفة فیها فستكون وبالا كبیرا علینا في المستقبل، وأنّ الخطط والاستراتیجیات المناسبة للتعامل مع تقنیات المعلومات الحدیثة تتطلب عملا جادا ومتواصلا على المستویات التشریعیة والتنظیمیة والإعلامیة، وأصبح من الضروري على الحكومات والجھات المعنیة مراجعة تلك التشریعات والقوانین بما یتلائم مع مقتضیات العصر واحتیاجاته. وفیما یتعلق بوضع الإطار التشریعي، نوصى بالقیام بدراسات شاملة لطبیعة التطور الحاصل في مجال الإعلام والمعلوماتیة، والتعرف على الإیجابیات والسلبیات المتعلقة باستخدام ھذه الأجھزة الحدیثة تمھیدا لوضع التشریعات اللازمة لتنظیم ھذا الإستخدام بما یضمن الحفاظ على الھویة الحضاریة للشعوب والاستفادة التامة من ھذه التقنیات من غیر تضحیة بالفوائد التي تعود من استخدامھا.

وأكّد الخميس أهمية الجانب التعلیمي، خاصة في مجالات الإعلام واختصاصاته المختلفة، ومن الضروري إیجاد آلیة مھمة لتفعیل التدریب المھني والتأھیل لطلبة الجامعات في اختصاصات الإعلام والاتصال. ومن المھم جدا أن تعي الحكومات أن الإعلام في وطنھا ھو خط الدفاع الأول عنھا ومن الضروري أن تقدم اھتماما في الإعلام الخاص الذي یعتبر ذراعا مساندا للإعلام الحكومي، وأن تعمل على معالجة العقبات والأزمات والمشاكل التي یتعرض لھا ھذا الإعلام الخاص الوطني، لأنه السبیل الوحید لمواجھة كل تلك التغیرات السریعة في صناعة الإعلام. ومن أھم الأمور التي یجب أن نقف عندھا تدعیم العنصر الوطني في الإعلام ولابد للدولة أن تھتم بتنمیة قدرات ومھارات أبنائھا من العاملین في المؤسسات الإعلامیة، ومنحھم الفرصة لإثبات الكفاءة في قیادة المؤسسات الإعلامیة وممارسة دورھم في ھذا المجال.

ونبّه الخميس إلى وجود معادلة صعبة بین حریة الإعلام والاتصال وحقوق وحریات المجتمع والأفراد، ھذه المعادلة یصل إليها كل مجتمع حسب ظروفه ومستوى تطوره وفاعلیة نظمه السیاسیة والثقافیة، إلا أنه من المحتم - في النھایة - أن تكون الأنظمة التي تحكم ممارسة حق الإعلام - من طرف الدولة أو المواطنین - تنعكس على القوانین التي تنظم وسائل الإعلام لذلك من الواجب أن تسایر القوانین غایة المصلحة العامة إلى جانب الحقوق والحریات الأساسیة للأفراد.

ودعا الخميس إلى إطلاق المعادلة العادلة أن تتخلص الحكومات من فكرة الريبة من عمل الإعلام والإعلاميين، والتحفز ضدهم بالقوانين والتشريعات العقابية الرادعة. وأن يتخلص الإعلاميون في ذات الأمر من عقدة الحرية التي من أجلها قد يتخطى البعض كل حواجز الإنسانية وحقوق الآخرين والإضرار بمصالح الوطن وأمنه واستقراره، وأن نصل جميعا إلى صيغة مناسبة وحقيقية وواقعية للتعايش الإعلامي بين قواعد الدولة ومتطلبات المهنة.

 

 

 

استعراض أوراق العمل

 

وفي المحور الأول، قدم المكرم الدكتور أحمد المشيخي عضو مجلس الدولة وأستاذ السياسات الاتصالية المساعد بقسم الإعلام جامعة السلطان قابوس ورقة بعنوان "إدارة الإعلام الإلكتروني في عالم متغير" أوضح فيها أنّ التطور التقني فرض واقعا إعلاميا جديدا بكل المقاييس. هذا التطور الذي جعل "قرية ماكلهان الكونية" واقعا ملموسا على أرض الواقع. بل استطاع أن يقسّم هذه القرية الكونية الى أحياء سكنية منعزلة وجزر مفتتة، يستطيع قاطنوها معرفة ما يدور في العالم الخارجي، ولا يعرف سكانها ما يدور في محيطهم القريب نتيجة تطور تقنية الاتصال ووسائل الاتصال الذكية. واستطاعت هذه التقنيات أن تنفذ إلى حياتنا اليومية، وتتحكم فيها بشكل كبير، فأصبح كل مستخدم لها يحمل في جيبه يوميا كل وسائل الاتصال.

وأضاف المشيخي: السؤال الذي يطرح نفسه عالميا، هل يتطلب هذا إعادة النظر في تنظيم ما نطلق عليه اليوم الإعلام الإلكتروني؟ وهل هذا التنظيم ستكون له تأثيرات إيجابية أم سلبية على واقع حياة المجتمعات البشرية؟ وهل سيؤثر ذلك على درجة الحريات الممنوحة لنا كبشر، أم سيعزز هذه الحريات، وينظم تداول الأخبار والمعلومات في شبكات التواصل وعبر فضاءات الانترنت الواسعة. هذا ما تحاول هذه المداخلة المتواضعة الإجابة عنه. حيث تركز هذه المداخلة على تطور تكنولوجيا المعلومات وأثرها على الإعلام الإلكتروني، من حيث الانتشار والاستخدام، وتتناول آثر هذه الانتشار على الحريات وإشكالية التنظيم والرقابة وغيرها من المؤثرات التي ممكن أن يحملها تنظيم الإعلام الإلكتروني في الدول الوطنية.

 

بين المهنية والتنافسية

 

وحملت الورقة الثانية عنوان (الممارسات الإعلامية في الفضاء الرقمي بين المهنية والتنافسية.. إشكاليات قيمية في المحتوى ومصادره ومقاصده) وقدمها الأستاذ الدكتور محمد بن سليمان الصبيحي الأستاذ في كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقال فيها: أتاحت البيئة الاتصالية الحديثة عددا من التغيرات التي انعكست على الممارسة المهنية في الفضاء الإعلامي؛ وزاوجت في تطوراتها بين تقنيات الحاسب الآلي والاتصالات والأقمار الصناعية، بصورة أدت إلى تغير مفصلي في العملية الإعلامية وسهلت من عمليات الإنتاج والنشر والوصول؛ فأصبح الإعلام يمارس في فضاء عام لا فرق فيه بين المحلي والعالمي أو الخاص والعام، واندمجت وسائل الاتصال وأنماطه فلم يعد هناك فرق بين الإذاعة والتلفزيون والمطبوعات وأنماط الاتصال الشخصي والجمعي والجماهيري.

وانتهت الورقة إلى أنّ التنافسية المحمودة هي التنافسية المهنية القائمة على مبدأ تجويد العمل وتطويره، وفقا للمعايير والقوانين المنظمة له، ويكون التنافس وفقا لهذا التوجه مرتبطا بالمعارف والمهارات والأخلاق، ملتزما بالقوانين والتشريعات؛ فتكون البيئة التنافسية بيئة إبداعية تحقق الثقة والتأثير الإيجابي المقنع المفضي للربحية. كما أنّ العلاقة بين المهنية والتنافسية في الفضاء الرقمي علاقة تكاملية، باعتبار أنّ المهنية تمثل المعايير والأطر المحددة للنشاط الإعلامي كيفيا، والتنافسية هي مناخ محفز لتحقيق الإبداع في إنتاج محتوى إعلامي، يأخذ بالاعتبار متطلبات المهنية وفق منهجية موضوعية لا تجعل التنافسية غاية في حد ذاتها؛ بل هي وسيلة لتحقيق منتج مهني.

وأوضح الصبيحي أنّ من أبرز تحديات بناء محتوى تنافسي إيجابي في البيئة الرقمية، انخفاض مستوى الوعي في الممارسات الرقمية على مستوى الاستخدام والإنتاج، واقتصار دور المستخدمين على التصفح والتداول والتفضيل لمحتوى، قد لا يمثلهم دون تفاعل إيجابي في مشاركاتهم، وبروز وتداول منتجات إعلامية من مصادر غير متخصصة غابت فيها المهنية واتكأت على الشهرة والظهور الشعبي. ومن مظاهر اختلال الممارسة المهنية في الفضاء الرقمي، الشخصنة النقدية، وانتهاك الخصوصية، وتغليب الآنية والإثارة، وتداول الشائعات، وشيوع المحتوى الهابط، وتسليع المحتوى من خلال الانسياق خلف رغبات المعلنين، ومن لهم أهداف وأيديولوجيات خاصة، بغض النظر عن القيم الأخلاقية والمهنية للمحتوى.

ولبناء محتوى إعلامي يوازن بين المهنية والتنافسية في البيئة الرقمية أوصت الورقة بالاهتمام بالتربية الإعلامية بمفهومها الشامل، وتفعيل منظومة التشريعات المتعلقة بالمهنية الإعلامية، وإنشاء إدارات مختصة في متابعة الأداء المهني للإعلام العربي على مستوى وزارات الإعلام في الدول العربية، ودعم وتطوير أداء الإعلام الحكومي عبر أنظمة إدارية مرنة، وسياسات إنتاجية مهنية منافسة، والعمل على إيجاد بيئة محفزة لبناء منصّات لتطبيقات الإعلام الجديد عبر تنظيمات مؤسسية، تسهم في رفع مستوى المهنية لحسابات الأفراد ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، وتبني استراتيجية عربية للأمن الإعلامي نحو بناء وثيقة الأمن الإعلامي، التي تحدد أطر الإنتاج والنشر والتداول وفق معايير المهنية، لتوفير محتوى إعلامي آمن، وتفعيل أنظمة الأمن السيبراني، ونشر ثقافة المحتوى الآمن على شبكة الإنترنت، وبروتوكولات الدخول الآمن، وحماية الخصوصية.

 

تعليق عبر الفيس بوك