مسقط – الرؤية
في إطار مشاركة السلطنة في المنتدى السياسي رفيع المستوى بالأمم المتحدة بنيويورك، استعرضت السلطنة التقرير الوطني الطوعي الأول، والذي تسعى الدول الأعضاء من خلاله إلى إجراء مراجعات منتظمة وشاملة للتقدم على الصعيدين الوطني والمحلي كجزء من آليات المتابعة لخطة التنمية المستدامة، والتي تقدم ضمن المنتدى السياسي الرفيع المستوى للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لرصد التقدم المحرز إلى جانب النجاحات والتحديات والدروس المستفادة.
ومن منطلق النهج التشاركي حرص المجلس الأعلى للتخطيط في العمل على إعداد التقرير الوطنى الطوعى لرصد التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضرورة إشراك مختلف الجهات المعنية، حيث جاء تشكيل اللجنة الوطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة برئاسة سعادة طلال الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط، وعضوية ممثلين عن كافة شركاء التنمية بمختلف الوزارات والهيئات الحكومية، ومجلس عمان، وممثلين من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
وإيمانا من المجلس الأعلى للتخطيط بأهمية المشاركة المجتمعية الواسعة في أهداف وخطط التنمية المستدامة، تتحقق هذه المشاركة جليًا من خلال عقد حلقات العمل مع ممثلي الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين من أهل الخبرة والاختصاص، إلى جانب إشراك الشباب العماني لمعرفة تطلعاتهم وأولوياتهم، وإطلاق حوار مجتمعي واسع يُرسِّخ عملية المشاركة المجتمعية في مناقشة القضايا المطروحة وتبادل الآراء حولها.
وتناول الاستعراض الوطني الطوعي الأول للسلطنة التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والجهود المبذولة في تحقيق تلك الأهداف، والمبادرات والبرامج والمشاريع والخطط المستقبلية من أجل بلوغ تلك الأهداف، مع التركيز على أربعة محاور رئيسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي: تمكين الإنسان حتى لا يتخلف أحد عن الركب، وبناء اقتصاد معرفي تنافسي، وتعزيز الصمود البيئي، والسلام ركيزة الاستدامة. ولتنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة تدعم السلطنة ثلاث آليات رئيسة وهي، كفاءة التمويل، محلية التنمية المستدامة، المتابعة والتقييم.
ويأتي هدف تمكين الإنسان حتى لا يتخلف أحد عن الركب كمحور رئيسي، حيث تؤمن سلطنة عمان أنّ التنمية ليست غاية في حد ذاتها، وإنّما هي من أجل بناء الإنسان. ويبدأ ذلك من مرحلة صياغة الرؤى المستقبلية وبرامج التنويع الاقتصادي، حيث تُحظى بمشاركة مجتمعية واسعة وتأخذ بعين الاعتبار أولويات المجتمعات المحلية، في حين تعم الفائدة من برامج التنمية على الجميع، ويتبين ذلك جلياً في استمرار الاستثمار في السلطنة في مجالات التعليم ورفع مستوى جودة الحياة للأفراد من خلال انتشار المدارس والجامعات والمراكز الطبية والمستشفيات والخدمات البلدية ومحطات وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والطرق والموانئ والمطارات من أقصى البلاد إلى أقصاها.
كما يأتي بناء اقتصاد معرفي تنافسي في قلب خطط واستراتيجيات السلطنة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فالسلطنة تعي التحولات الاقتصادية الكبرى، وتستعد لذلك من خلال توفير بنية أساسية ضامنة للاستدامة ترتكز على الابتكار لإطلاق القطاعات الواعدة مما يسهم في بناء قاعدة متينة مبنية على أساس التنويع القائم على المعرفة والابتكار.
وفيما يتعلق بمحور تعزيز الصمود البيئي، تعتبر السلطنة من الدول السباقة في بذل الجهود في جميع القضايا المتعلقة بالبيئة والشؤون المناخية، وكذلك تنفيذ التزاماتنا الدولية والوقاية من المخاطر وفي هذا الإطار، تواصل السلطنة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتكيف والتخفيف من حدة التغيرات المناخية لمواجهة التأثيرات السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري، حرصا على دعم التضامن الدولي للتصدي لمشكلة تغير المناخ وآثارها السلبية.
وبخصوص محور "السلام كركيزة للاستدامة"، فإنّ السلطنة تسعى إلى تعزيز قيم السلام والتعارف بين الدول والشعوب كدعامات أساسية تحقق الاستقرار في العالم، وتشكل منطلقا لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، ولمجتمعات يسودها الوئام والنظام. ومن أجل ذلك دعت السلطنة إلى حل المشكلات العالمية بالحوار والطرق السلمية عبر دبلوماسيتها العمانية العريقة في مختلف المحافل الإقليمية والعالمية.
وتعتمد السلطنة في تنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة على 3 آليات في المدى القصير والمتوسط وهي: كفاءة التمويل، ومحلية التنمية المستدامة، إلى جانب المتابعة والتقييم.
وقد أكّد التقرير التزام السلطنة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المدى الزمني المحدد، وأنّها بصفة عامة ورغم وجود تحديات لا يمكن الاستهانة بها، تسير بخطى واثقة في الاتجاه الصحيح لتحقيق تلك الأهداف مستفيدة من رصيد علاقاتها الخارجية التي تربطها ومحيطها العربي والإقليمي والدولي، وتعززها المشاركة المجتمعية الواسعة عند تصميم وتنفيذ وتقييم الخطط والسياسات والبرامج الكفيلة بمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف المنشودة.
وتم عرض فيلم قصير خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى عقب كلمة السلطنة التي ألقاها معالي الدكتور علي السنيدي وزير التجارة والصناعة نائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط. وقد رصد التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وركّز على فكر الاستدامة في السلطنة التي ترسخت منذ بداية عصر النهضة المباركة، والتي تؤكد أنّ التنمية ليست غاية في حد ذاتها، وإنّما هي من أجل بناء الإنسان الذي هو أداتها وصانعها.
