مكافحة الحيوانات السائبة

محفوظ الشيباني

تعجُّ وتتزاحم الأحاديث والشكاوى في الفترة الأخيرة من مخاطر انتشار الحيوانات السائبة بالشوارع العامة، وتعريض قائدي المركبات للخطر نتيجة لذلك، ولِمَا تُسببه من حوادث مميتة تُزهق فيها أرواح الأبرياء من خيرة الشباب الذين تُعقد عليهم الآمال بالمساهمة في بناء الأسرة والمجتمع والوطن، فكم من أسرة فقدتْ فلذات أكبادها، وكم من أمهات ثكلى وزوجات أرامل وأبناء يتامى نتيجة الإهمال والتجاوزات القانونية التي يرتكبها المخالفون بدون رادع يردعهم، وذلك في ظل الخسائر البشرية والمادية العامة والخاصة المكلفة، والإضرار بالمظهر العام؛ حيث تدور العديد من التساؤلات حول دور الجهات المعنية والرقابية في تشديد تطبيق القوانين الرادعة ضد المخالفين لمحاربة انتشار هذه الظاهرة السلبية، والتي بلا شك مطلب الجميع.

ومن هذا المنطلق، نُناشد الجهات المعنية والمختصة تطبيق العقوبات بحذافيرها على المتجاوزين والمخالفين لقانون تنظيم حفظ الحيوانات السائبة أو المهملة، إضافة لنشر التوعية القانونية الخاصة بها؛ استنادا لقانون تنظيم البلديات الإقليمية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 87/86، والقرار الوزاري رقم 8/86 وتعديلاته المستبدلة لبعض نصوصه بشأن تنظيم حفظ الحيوانات السائبة أو المهملة، والمتضمن 12 مادة، والذي ينصُّ في مادته (الأولى): يحظر ترك الحيوانات مهملة أو سائبة أو السماح لها بالرعي في المدن والقرى السكنية أو على مسافة تقل عن كيلو متر واحد من الطرق العامة والرئيسية، وعن نصف كيلو من الطرق الفرعية، كما لا يُسمح لها بالرعي في الأماكن غير المخصصة لذلك.

وما يثلج الصدر ويبعث على الأمل الأخبار اليومية التي نتابعها عبر المواقع الرسمية للبلديات حول الحملات التي تنفذها لاحتجاز الحيوانات السائبة، خصوصا الإبل، إلا أنَّه يحدونا الأمل في أن يتم تخصيص دوائر وأقسام خاصة بالبلديات تُوكَل إليها هذه المهمة الشريفة التي أصبحت لابد من وجودها تضم موظفين متخصصين والعدة والعتاد اللازم والبيئة المهيأة والقوانين التي تحمي الموظفين العاملين في هذه المهنة؛ وذلك بسبب زيادة أعداد الحيوانات السائبة بشكل ملحوظ في المدن والطرقات العامة في الفترة الأخيرة، وضرورة اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين وفق القوانين والأنظمة المشار إليها بالقانون؛ وبالتالي محاربة انتشار هذه الظاهرة، وكبح جناح المتهاونين بأرواح الأبرياء، وعدم مبالاتهم بمراعاة الجوانب الإنسانية والدينية التي تأمُر بوجوب الحفاظ على النفس البشرية؛ حيث يقول سبحانه تعالى في محكم كتابة: "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ " وكذلك قال تعالى "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ"

... إنَّ وجود هذه الظاهرة اللاحضارية، وعدم الشعور أو المبالاة بالمسؤولية تجاه المجتمع والوطن، تعد من افظع أنواع الفساد؛ لأنها تتسبَّب في خسائر لا تُحمد عقبها، تلقي بكاهلها على استنزاف المال العام وضياع الطاقات والموارد البشرية والوطنية، ناهيك عن نتائج الحوادث التي تتسبَّب في وفاة أو إعاقة الأبرياء وتُفقدهم ريعان شبابهم ومقتبل عمرهم، ليُصبحوا عالة على أسرهم ومجتمعهم ووطنهم؛ وذلك في ظل وجود الحلول والقوانين التي إذا ما تمَّ تطبيقها وتشديدها ستجنِّب البلاد والعباد شرَّ هذه الآفة التي أصبحت تزداد مخاطرها وتداعياتها يوما بعد يوم.

وعلى المعنيين تنفيذ خطة توعوية لتوعية أصحاب المواشي ومرتادي الطرق فيما يتعلق بقوانين الرعي وتعريفهم بأماكن المناطق الرعوية المخصصة للرعي والقريبة من الشوارع العامة، وكذلك تكثيف تنصيب اللوائح الإرشادية والتنبيهية بوجودها، وإلزام أصحاب الحيوانات باستخدام التقنيات الحديثة التي تساعد وتسهم في تنبيه مرتادي الطرق على رؤيتها من مسافات بعيدة، خصوصا في الظروف الجوية المظلمة. وعلاوة على ذلك، تحديد مسافة لا تقل عن 10 كيلومترات تبعُد عن الشوارع العامة لإقامة هذه المراعي في المناطق التي لا تصنف ضمن المناطق الرعوية المتعارف عليها، على أن يتحمل أصحابها الخسائر الناجمة نتيجة وصولها للشوارع العامة وتكثيف الرقابة وتشديد العقوبات على المخالفين حسب اللوائح والأنظمة، والتي ستكون كفيلة بمكافحة ومعالجة هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد أرواح الأبرياء ومقدرات الوطن.

تعليق عبر الفيس بوك