بل هو أكبر

فاطمة الحارثي

 

"السلام لا يعني غياب الصراعات، فالاختلاف سيستمر دائما في الوجود؛ السلام يعني أن نحل هذه الخلافات بوسائل سلمية عن طريق الحوار، والتعليم، والمعرفة، والطرق الإنسانية" (دالاي لاما).

 

إنّ وسائل البقاء كثيرة غير أن التعليم يبقى الأعلى في الهرم ودون منافس، وفي ظل العولمة أصبح لوسائل الاتصال بِنيةً واختلافًا يعتمد على أهمية وجوهر المعلومات التي يُراد نشرها ونطاق التأثير والتغطية.

إن أجهزة وأدوات الإعلام والاتصال المختلفة تترجم الأحداث المختلفة على هيئة معلومات مقروءة ومرئية، والكثير من الأخبار العلمية والعملية في تجدد وتباين سريع مع مناحي الحياة المختلفة، وتصلنا باجتهاد أهل القلم والفنون المختلفة كالرسم والتصوير والأشغال اليدوية. مع سرعة تدفق وتنوع الأخبار وتطور وسائل الأخبار والتعليم، أدرك المجتهدون في إيصال الخبر، أو ربط الجمهور مع الأحداث أن القراءة وحدها لا تكفي، واللغة الجامدة للنصوص الكتابية لا تفي حق جوهر الأحداث وأبعاده وتشعباته، كما وإنها في الغالب لا تلمس قلب القارئ وفكره إلا ما ندر من أنامل موهوبة وملهمة ومتمكنة لغةً وصياغة، فحملوا الأمانة وطوروا وسائل أخرى إنسانية وفكرية وعملية تتيح المجال لتدارس المواضيع والمعلومات المختلفة بانسياب، فأقاموا الندوات السنوية وحلقات العمل النقاشية ومجالس الحوار؛ بل وزادوا على ذلك المخيمات الشبابية لطلاب العلم والمجتمع والمؤسسات ذات الأثر في نهضة ومسيرة فكر النهضة العمانية والعربية وأضافوا إليها الاستثمار الراقي والإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.  إنها عزيمة قصدت إثراء المجالات كافة وجميع الأعمار عامة دون تمييز أو تحيز.

إن لغة إيصال المعلومات والأحداث من حولنا بالغة الأهمية والحساسية لأنها محكومة بإدراك المتلقي وما يتبعه من فعل أو رد فعل، إنها تضع خارطة للعلاقات بين الشعوب وبين أفرادها من سلام، أو عداء، أو استحسان، أوتعصب، أو... الكثير. والنتيجة في نهاية المطاف، قد تكون شرارة حرب، وقد تكون بحيرة سلام.

إن أي مساس بإحدى هذه الهيئات، أو الجهات، أو الأقسام لا أراه - من وجهة نظري -  يُسيئ لهذه المؤسسة، أو تلك الجهة فحسبُ؛ بل هو خطر قد يمس الأمة واستقرارها، إنه تهديدُ ممنهج واستراتيجية مرسومة لِلنَيْل من استقرارن واستمرار ركائز نشر الثقافة والفكر والعلوم الهادفة والواعية المتنوّعة والمتباينة النافعة للناس والمجتمع. غير أنّ سوء استخدام تلك الوسائل يقودنا جميعا إلى ظلام الجهل، والخلاف، وتعطيل التطور والنمو.

ليس المقام هنا كافيًا لأُعيد كتابة أقوالٍ مأثورة رسخت في ذاكرة التاريخ من قبيل: (لا تُقذف بالحجارة إلا الأشجار المثمرة)؛ بل لنا أن نقول: إن الأشجار المثمرة ليست خُشبًا مُسنَّدة، أو أعجازَ نخلٍ خاوية)، إنها فروعها مثمرة ونابضة بالحياة، وتحمل الرياح النافذة من بين أغصانها الناضرة أطيب الروائح.

 

رسالة:

لنا أن نفخر بجهود "جريدة الرؤية" المتعددة من أجل تنوير الأمتين الإسلامية والعربية، وحول العالم، فهي لم تكتف بأقلام تحول الحبر فكرًا، على صفحاتها؛ بل بَنَت جسرا علميا وفكريا بين الثقافات، وتحمل على عاتقها مسؤولية ورسالة وغاية هذا الوطن والأرض الطيبة. إنّ جريدة الرؤية مثل سفينة تبحر بالعقول عبر بحار الدنيا، تتنوّع مناشطها بين الندوات، والمجالس الفكرية، وحلقات العمل، يقودها رُبّان واعٍ، ونواخذةٌ ماهرون في عمل دؤوب يُعنى بالشباب والمرأة والطفل.

 إن القلم ليعجز عن الوفاء بحق هذه المؤسسة العريقة، أو ينتقي من الكلمات ما ينصفها، ويكيل لها حقها بميزان القسطاس المبين وإبراز جهود العاملين فيها ولها، إنها بحق منارة للفكر وعنوان يقصده أهل الخبرة في دُور الفكر والثقافة والتعليم وسائر الجهات العاملة في مناشط الحياة دون تردد.

وفي الأخير: علينا جميعا عدم القبول بالمساس بمؤسسات نرتكز عليها في نشر رسالة النهضة والثقافة والسلام؛ لأن المساس بها مساسُ باستقرار وأمن الوطن.