الرؤية – نجلاء عبدالعال
من مجرد باب فرعي ضمن مواد قانون التجارة إلى قانون مُستقل بذاته، تطور وضع قانون الإفلاس الجديد، الذي يعد أطول القوانين الصادرة حديثاً وأكثرها تفصيلاً، حيث يعالج مشكلات التعثر التي قد تُقابل أصحاب الأعمال بمختلف تصنيفاتهم. ويستحق القانون قراءة متأنية، حيث تصل بعض أحكامه إلى إسقاط جميع الحقوق المدنية عن المحكوم بإفلاسه أو "المدين المفلس" وفق المصطلح القانوني، ومنها عدم توليه وظيفة أو مهمة عامة، ولا يسمح بأن يكون مديراً أو عضوا في مجلس إدارة أي شركة، مع غل يده بمجرد صدور حكم إشهار الإفلاس عن إدارة أمواله والتصرف فيها.
وبحكم القانون لا يجوز للمدين المفلس أن يتغيب عن موطنه دون إخطار مكتوب بمحل وجوده، أو أن يُغير موطنه إلا بإذن من قاضي التفليسة، وللمحكمة - بناء على طلب قاضي التفليسة -أن تأمر عند الاقتضاء بمنع المدين المفلس من مغادرة السلطنة لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد إذا قام بعمل من شأنه الإضرار بحقوق الدائنين.
وجاءت هذه الأحكام القوية لحماية حقوق الآخرين ومنع التلاعب أو التهاون في سداد الحقوق، لذلك تركت مهلة سنة من إصدار القانون لبدء العمل به، لتكون مهلة كافية للتعرف على تفاصيل القانون، تجنباً لأحكامه.
وقبل الوصول إلى هذه الأحكام حمل القانون العديد من الإجراءات التي يمكن من خلالها التوصل إلى إقالة المدين من عثرته المادية أو الوصول إلى صلح مع دائنيه أو المساعدة في إعادة هيكلة أعماله بما يساعده على إصلاح ما ارتكبه في إدارة العمل بشكل يمكنه من أداء التزاماته.
ونظراً إلى تعلقها بمصالح فإنَّ القانون نص على أن تنظر دعاوى الإفلاس على وجه السرعة، مع عدم جواز عقد الصلح القضائي مع مدين مفلس حكم عليه بعقوبة الإفلاس بالتدليس لغلق الباب أمام استعمال الإفلاس كوسيلة للهروب من الالتزامات.
وتناول القانون آليات وضوابط وإجراءات "إعادة الهيكلة" وهي الإجراءات التي من شأنها مساعدة التاجر المدين على خروجه من مرحلة الاضطراب المالي والإداري لسداد ديونه، وفق خطة إعادة الهيكلة. كما أوضح طريقة حصول الدائنين على حقوقهم.
وبحكم قانون الإفلاس ينشأ جدول للخبراء يسمى "جدول خبراء الإفلاس"، يقيد به عدد كاف من الأشخاص والمكاتب والشركات المتخصصة في مجال إعادة الهيكلة وإدارة الأصول والإفلاس، ومديري التفليسة، والخبراء المثمنين، وغيرهم عند الاقتضاء، على أن يصدر وزير العدل بالتنسيق مع وزير التجارة والصناعة اللائحة المنظمة للقيد في الجدول، وضوابط اختيار الخبراء، وكيفية مباشرتهم لعملهم، ومساءلتهم، ومعايير تحديد أتعابهم.
أما عن إشهار الإفلاس، فيمكن طلب إشهار إفلاس كل تاجر توقف عن سداد ديونه التجارية إثر اضطراب أعماله التجارية.
ويُبين القانون آثار الحكم بإشهار الإفلاس على الدائنين، حيث تنشأ بقوة القانون بمجرد صدور حكم إشهار الإفلاس جماعة للدائنين من الذين نشأت حقوقهم في مواجهة المدين المفلس بسبب صحيح قبل صدور الحكم بإشهار الإفلاس.
أما عن إفلاس الشركات والتفليسات الصغيرة، فإن القانون ينص على أنه - فيما عدا شركات المحاصة- يجوز الحكم بإشهار إفلاس أي شركة تجارية إذا اضطربت أعمالها المالية فتوقفت عن سداد ديونها.
وإذا طلب إشهار إفلاس الشركة جاز للمحكمة أن تقضي بإشهار إفلاس كل شخص قام تحت ستار هذه الشركة بأعمال تجارية لحسابه الخاص وتصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة، وذلك دون الإخلال بأي عقوبة منصوص عليها في أي قانون آخر.
وإذا تبين أن موجودات الشركة لا تكفي لوفاء 20% على الأقل من ديونها، جاز للمحكمة- بناء على طلب مدير التفليسة أو قاضي التفليسة-أن تقضي بإلزام أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين كلهم أو بعضهم بالتضامن بينهم أو بغير تضامن بسداد ديون الشركة كلها أو بعضها إلا إذا أثبتوا أنهم بذلوا في تدبير شؤون الشركة العناية الواجبة.
ولا يجوز رد الاعتبار إلى المدين المفلس الذي صدر عليه حكم في إحدى جرائم الإفلاس بالتدليس الاحتيال أو الإفلاس بالتقصير، إلا طبقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائي، وفي جميع الأحوال، يجب لرد اعتبار المدين المفلس أن يكون قد وفى بكل المطلوب منه من أصل الديون وملحقاتها والمصروفات، كما ترد بحكم القانون جميع الحقوق التي سقطت عن المدين المفلس بعد انقضاء 3 سنوات من تاريخ انتهاء التفليسة.
