أمواج الصراع الداخلي

 

نجمة البلوشية

 

أيهما يفوز في صراع الإنسان مع نفسه؟ القلب أم العقل؟

هل القرارات التي تؤخذ بشكل عاطفي دائمًا خاطئة؟ وهل العقل هو من يمتلك دائمًا البرهان الصحيح؟

الصراع حالة اجتماعية حول تعارض الإنسان أمام رغبتين، فيسبب له الضغط النفسي وينزع منه السلام الداخلي، الذي يبحث عنه كل إنسان، ويعتبره الكنز الثمين؛ لينعم بالراحة وطمأنينة البال فمنذ الأزل كان هناك صراع بين الإنسان والطبيعة؛ من أجل تحقيق قدر ضعيف من متطلبات البقاء، حيث كان يخشى الكوارث الطبيعية، من الأعاصير والبراكين والزلازل، وكان يحاول جاهدا حماية نفسه من مخاطر البيئة، بعد مدة من الزمن تغيرت نظرته فأصبح يستغل البيئة حسب مواهبه وملكاته العقلية، ولم يقف أمامها مكتوف اليدين لكن ما يقف أمامه صراعه مع الذات، حيث التطور الكبير والسريع للحياة وما تحمله من مغريات، فيكون هذا الإنسان ضحية هذا التطور، ويكون حائرا في قراراته وبخاصة إذا كان القرار يحتاج إلى العجلة  في أمره، كالإنسان الذي لديه شهادة في مجال ما، وهو مخير بين شركتين، لكل منها حسناتها ومميزاتها، وبطبيعة الإنسان يحب نيل كل ما هو جميل، فهنا تتقاذفه موجات من الحيرة والتشتت والاضطراب النفسي، خوفاً من القدوم على قرار يعرضه لنتائج سلبية ويندم عليه في قادم الوقت.

ذكر لي أحد الأصدقاء أنه خُيَر ما بين وظيفة مرموقة في منطقة بعيدة، وبين أن يعيش مع والديه، فوجد صعوبة في ترك والديه في القرية، فأحتار بين جنة والديه، ونار الغربة التي فيها رزقه ومعاشه، هنا لابد من التوازن والتفكير من الزاوية الإيجابية، وإدراك أن العقل هو القوة التي تساعدنا على الإبداع والتميز والنجاح.

 إن العلاقة بين العقل والقلب علاقة صداقة، حيث العقل لديه الحجج والبراهين حول موقف ما، فيقوم القلب باستشعار الموقف من زاوية خاصة، فهنا علينا الموازنة بين الاثنين حتى لا ننساق خلف عواطفنا فترتطم بنا الأمواج في بحر لا نستطيع الخروج منه، ولا نقيد أنفسنا بعقول سجينة داخل صندوق الجسد يفعل بنا كيفما يشاء، صندوق مليء بالجهل والظلام والكآبة والإيحاءات السلبية والوساوس، وهفوات النفس، صندوق إذا ما تبعناه نفقد بر السلام الداخلي لأنفسنا، فكيف نصل للنور الخارجي مع الأسرة والأفراد والمجتمع إذا لم تشرق الشمس في ذواتنا؟

كيف ننهي هذا الصراع، ونستشعر أننا في كوكب مثالي، بعيدا عن الأحلام الزائفة والطموحات المستحيلة؟

الثقة بالنفس هي السلاح الذي يستخدمه القائد لبث روح المناضلة لجنوده وهي السلم الذي يصعد وصعد عليه كل ناجح وهي الكنز الذي تبحث عنه كل نفس ليغنيها عن الآخرين، وطوق نجاة لكل غريق، شرط أن يكون هذا الطوق مبنيا بقاعدة متينة وراسخة لا يهز كيانه شيء آخر.

السؤال هنا من أين نأتي بهذه الثقة لمواجهة الصراع الداخلي؟

جميعنا نمر بعلاقات اجتماعية بشكل يومي مع الأسرة، وفي العمل والمناسبات، وهذه العلاقات لها دور في غرس الثقة، وقهر الخوف الداخلي والقلق، وتدريب النفس على التفكير الإيجابي، والابتعاد عن اللوم المستمر وعدم تصغيرها ونطلق العنان لأنفسنا نحو تكوين الذات ونحلق في الفضاء الواسع؛ لتحقيق الرؤية المستقبلية لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا في الحياة.

 وأخيرا كن مثلما تريد أن تكون، فالضوء الأخضر بيدك، والاختيارات التي تقوم بها يجب أن تكون متوافقة مع الضمير الداخلي، ففي الحياة خنادق لا يمكننا رؤيتها لكن نستطيع الشعور بها، فأي خندق ستختار؟!

 

 

تعليق عبر الفيس بوك