الباحثون عن الشهرة الزائفة!

 

ناصر بن سلطان العموري

 

تضج الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) بكم هائل من المعلومات منها النافع والضار، كما تضم مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الأعضاء والمشتركين متنوعي الاتجاهات والميول منهم من يُقدم الصالح وآخرون للأسف الشديد الطالح وإن كانوا يتقمصون دور المصلح الذي يقدم الفائدة ولكنها في الحقيقة غطاء للبحث عن الشهرة وإن كان من بابها الضيق.

ومن هؤلاء كثيرون من يتصيدون أخطاء الغير ويجدون من يتبعهم وينقاد لأفعالهم مغرر بهم أنها تسعى للصالح العام وهذا كله يأتي في إطار كسب البطولات الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي والتباهي والبحث عن الشهرة ليس إلا من بوابة المواضيع المثيرة للجدل. وأضرب هنا مثلاً بمجال الكتابة الصحفية التي تختلف تمامًا عن إعداد البحوث العلمية من حيث طريقة الإسناد والتوثيق، وكذلك الاقتباس خاصة إذا ما تمَّت الاستعانة بمصادر خارجية في مقالة بغية المقارنة أو الإرشاد أو لإضفاء نوع من القوة للمقال لا سيما إذا كان مقالاً علميًا يستند إلي إحصائيات أو بحوث أو دراسات علمية، وفي بعض الحالات يعيد الكاتب الصحفي نشر أفكاره وتوجهاته ورؤاه للتأكيد عليها أو للإشارة إلى أن حال ما يكتب من قضايا وما يناقشه من موضوعات لم يتغير. وهنا نجد البون الهائل بين المقال والبحث العلمي من حيث العناصر السابق الإشارة إليها، لكن هناك من يُصر على الكيل بمكيالين واكتساب شهرة زائفة بادعاءات شتى.

وكثير هي الحالات التي تنتشر عبر الشبكة العنكبوتية بمختلف ميولها الغريبة والعجيبة فهناك من عمل نفسه رقيباً على الشهادات العلمية ومدى صحتها وآخر عين نفسه محققاً حين أخذ يبحث عن أخطاء الآخرين وإن لم يجدها تطرق لسفاسف الأمور لكي يحشي بها موضوعه فقائمة المنتظرين كثر ممن يلهث ويجري وراء هذه المواضيع، ولا استبعد أن يكون هو يحرض الآخرين على التعليق، لكي يزيد النار اشتعالاً وهذا للأسف دأبهم وديدنهم وهم نسوا أو تناسوا أن هناك جهات رقابية خاصة لمثل هذه الحالات والتجاوزات، ولكن ماذا عسانا أن نقول فيمن تغاضى عن عيوبه وجعل همه البحث والنبش بشكل مستعر عن عيوب غيره لاسيما وأنهم بعيدون كل البعد عن طائلة القانون حينما علموا أنه لا شيء يجرمهم وأصبحوا مطمئني البال فهم قد اسموا أنفسهم نقادا وعن أي طريقة عوجاء للنقد نتحدث!

ومثل هؤلاء تنطبق عليهم الحكمة القائلة "من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر" فلكل منِّا له مزايا وله عيوب وقد لا نرى عيوبنا ونراها في غيرنا لذلك يجب ألا نرمى الناس بالحجارة حتى لا تلقى علينا من غيرنا بعد ذلك وفي اعتقادي أن أفضل وأسلم حل للتعامل مع مثل هذه الفئات هو ما يذكره المثل القائل "كن كالنخيل على الأحقاد شامخا... يرمى بالحجارة فيعطي أطيب الثمر".

نصيحة أخيرة.. لو ركز المرء في عيوبه لأشغلته عن البحث في عيوب الآخرين، فالمرء مطالب بإصلاح نفسه أولاً، وسيُسأل عنها قبل غيرها، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (سورة المدثر:38) . وصدق الشاعر حين قال:

لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا فيهتك الله ستراً عن مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ولا تعب أحداً منهم بما فيكا.

تعليق عبر الفيس بوك