أ.د. يوسف حطّيني | ناقد وأديب فلسطيني بجامعة الإمارات
سارد الأحلام يبحث عن وسادة نظيفة
سادساً ـ شخصيات في مدار الغزالي:
ثمة شخصيات تسبح في فلك الغزالي، تتمحور حوله زمناً ثم تمضي إلى حكايتها الخاصة، ولعلّ أكثرها تأثيراً المسعودي الذي حاول إخراج الغزالي من ملكوته وإلحاقه بمدار جديد لا يناسبه، مدارٍ يجعل الغزالي مفسّر أحلام، كما كان المسعودي نفسه، "زبائنه سياسيون ورجال أعمال وأثرياء ونساء وفنانون وفنانات"، ص54. وقد توفّرت للمسعودي كثير من الصفات التي تؤهله؛ ليكون معوّقاً لتحقيق المشروع الأساسي للغزالي، و(هو أن يكون نفسه). فالمسعودي مخادع يسعى إلى زرع فكرة في ذهن غريمه، هي أنه ـ أي الغزالي ـ من أصحاب الكرامات، مؤكّداً له أنّ "الأصوات التي سمعتها هي علامة من السماء"، ص42. وهو ـ حين يمثّل الغزالي حالة الاقتناع ـ يغيّر استراتيجيته، ويلجأ إلى بث الشكّ بالشخصيات التي تحيط به؛ فحين يختار الفارس الغزالي يقول المسعودي في شبه استسلام "لقد اختارك الفارس وانتهى الأمر"، ص170، ولكنه لا يغلق الدائرة بل يحاول زرع الشك والخوف في صدرٍ لا يريد له أن ينعم بالاستقرار:
• "عليك الحذر يا صديقي من الفارس والطبقة التي ينتمي إليها، سيرميك خارج عالمه عند أول خطأ ترتكبه مهما صغر حجمه وشأنه"، ص171.
• "عليّ أن أحذرك من الحارس أوفيسر، لا دلائل لديّ على سوء نواياه، ولا دلائل لديّ على حسنها أيضاً،عيناه ليستا بريئتين"، ص171.
هذا المسعودي الذي يتدخل في أمور الآخرين، ويزور شقة الغزالي بعد أسبوع من استقراره فيها، منافق يدّعي التديّن، ولا يمانع من الذّهاب إلى الهمنغواي استجابة لدعوة الغزالي: "لم أكن أتوقع موافقته بسرعة، فهو يؤدي الصلوات الخمس في مواقيتها، ويصوم شهر رمضان بأكمله"، ص46. وهو يرفض الزواج ولا يمانع في إقامة العلاقات الجنسية مع النساء، ويقول بصفاقة: "لكنني لا أحرم نفسي منهنّ، فهنّ حاجة ضرورية، وأنا أعطيهنّ أجورهنّ دون نقصان"، ص57.
وهو، فوق ذلك، جاهل بتفسير الأحلام، فلا يسأل عن التفاصيل الحلمية، ويكتفي بما يسرده الحالم، مهما كان عاماً، ص141، وهو مدّعٍ في شأن قدرته الجنسية؛ إذ تفضحه دوغي حين تقول للغزالي: "صرفت الوقت توقظ أعصابه دون جدوى، وحتى يغطي على فشله بدأ يحدثني عنك"، ص212، معربةً عن عدم ثقتها به: "أنا لا أثق بالمسعودي؛ لأنني لا أثق بالرجل العنّين"، ص212.
وتمتاز شخصيته بكثير من الغموض، وإقامة العلاقات المشبوهة؛ إذ "يختفي بعد صلاة العصر في المسجد المجاور، ويخرج إما مصطحباً الإمام في سيارته، أو يدخل المسجد؛ فلا يدخل منه إلا بعد صلاة المغرب بقليل"، ص67. وقد جلّت "حياة" بعض غموضه حين أشارت إلى أنّه "ضابط فاشل في الاستخبارات"، ص207. وقد استأجر له والدها شقة ليراقب عائلتها.
وثمة رجلان آخران يدوران في فلك الغزالي، وينتميان إلى مدار المسعودي الذي يسعى إلى إعادة صياغة شخصية الغزالي، هما الفارس والتوحيدي؛ فالفارس الذي كان في ظاهره "فارساً لا يشقّ له غبار"، ص19، يبدو عند التحقيق جباناً "يقود سيارته بهدوء وزير مهدّد بالقتل"، ص16؛ لذلك سرعان ما استنتج الغزالي الذي دُعي لمعالجة الخيول "أن الفارس هو من فقد صهيله"، ص18.
وقد تأكّد ذلك حين أخبر المسعوديُّ الغزاليَّ "عن الرجل القادم الذي تطارده خيول غاضبة في منامه، وقال إنه من علية القوم، فارس ابن فارس، ولديه إصطبل يقع في ضواحي المدينة"، ص160، وشرح له أن وظيفته الأساسية تكمن في إعادة تشكيل دلالات أحلامه و"في تحويل الكوابيس من جهنمية إلى وردية"، ص162.
أمّا التوحيدي الذي كان يلّقبه بـ "الرجل الكبير"، فلم يجرِ تقديمه بشكل غير مباشر عبر عبر سرد الشخصيات عنه؛ لذلك قدّم معظم صفاته، خارج إطار الفعل الحكائي، على نحو ما نجد في السياقات المباشرة التالية:
• "نشأتُ يتيماً بعد أن قُتل أبي في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل، كان عمري سبع سنوات، ثمّ تعرّضت أمي بعدها بأسبوع لحادث سير، ونفقت على الطريق كبقرة شاردة"، ص232.
• "حضر أحد أفراد المؤسسة العسكرية، واصطحبني إلى مدرسة داخلية لأبناء الشهداء"، ص233.
• "في الليلة الاولى بكيتُ كثيراً، شعرتُ بالصقيع، وارتجفت طوال(1) الليل، وقررتُ بعدها ألا أبكي في طوال حياتي، وألا أتوقف عند بكاء الآخرين"، ص233.
إذاً يقرّر التوحيدي أنّ القسوة المفرطة التي تليق برجل كبير مثله هي نتيجة من نتائج ماضيه المفرط في القسوة، وهذا ما قاده إلى إحضار أقزام متوحشين يحرسونه ويملؤون ساحات بيته، وهو يختلف عن الآخرين أنه يتحدّث مباشرة، ويصل إلى غرضه دون مواربة، ويرحّب بضيفه (المبارك)، بوصفه طبيباً بيطرياً، ويوضّح له مراده بكلّ وضوح: "ستكون المبارك الذي يبارك أعمالنا في المساجد والصحف والقنوات التلفزيونية، وستعود إلى البيت ثم تخرج إلى عيادتك بهيئة الطبيب، فلا أحد يعرفك، ولن يتابعك. ألا يستحق من وهبك "حياة" أن تقول كلمة حق تبيّض بها خيره وأمواله؟"، ص235.
ولعلّ هذه المباشرة هي التي دعت الغزالي أن يواجهه بطريقته، فبعد أن استخدم التمويه في مواجهة المسعودي والفارس انتقل إلى الردّ على العرض المباشر بشكل مباشر، ورفض أن يكون مسحوق غسيل، بل إنه رأى أن الرجل الكبير من خلال عرضه الصفيق هذا لم يعد كبيراً، وأنه "بدأ يصغر شيئاً فشيئاً"، ص235.
وتبدو الشّخصيّتان الذكريّتان (سمير وأوفيسر) مكمّلين فنّيّين، أكثرَ من كونهما ضرورتين حكائيَتين؛ إذ يبدو الغرض الأساسي من وجود أوفيسر/ الرّجل النّيبالي الذي يحرس المبنى أن يكون ظهيراً للغزاليّ، ومتلقّياً لبوحٍ أو فعل، لا يمكن له أن يقوله أو يفعله أمام المسعودي. أمّا سمير فقد أسندت إليه وظيفة فنّية تقوم على إيهام المتلقّي، ومساعدة الحبكة في إظهار غرائبيّة الأحداث، استناداً إلى غرائبيّة ظهوره في أمكنة متعدّدة، وبوظائف مختلفة.
أما الشخصيّات الأنثوية الثلاث التي ظهرت في فضاء السرد (معصومة ـ دوغي ـ حياة)، فقد شكّلت حوامل فنية ودلالية ثانوية، غير أنّ الأخيرة منها كانت حاسمة؛ وهذا ما يشي بقوة الحبّ، كونه محرّكاً للحدث الرئيسي نحو التصعيد النهائي.
تحضر معصومة، منذ زيارة الغزالي الأولى في الهمنغواي، وتقوم بدور تمويهي في بناء الحبكة الغرائبية أكثر إتقاناً وفاعلية من دور سمير، وتختلف عن جميع الشخصيات بظهورها الجسدي الحميم، فهي "عامرة الصدر مكتنزة الشفتين، لها عينان متوحشتان، وشعر قصير جداً"، ص31، وهي في موضع آخر "ترتدي عباءة سوداء تكاد أن تلتصق بجسدها، وتغطي رأسها بنقاب شفّاف، صوتها ناعم، وحروفها بطيئة مغناجة"، ص 59، وفي موضع ثالث "تشدُّ العباءة حول خصرها، وتعطيني ظهرها؛ لتُظهر كم هي مؤخرتها شهية"، ص59.
غير أنّ هذا الحضور الجسدي اللافت رافقه حضور نفسي يجسّد شخصية مقهورة من الداخل، يبدو في عينيها "حزن امرأة مغدورة تخفي موجات حزن بدأت تتلاطم في رئتيها، فيظهر صدرها وهو يعلو ويصعد"، ص83، ويبدو القهر الذي تعيشه هذه الشخصية مركّباً؛ فقد كانت مطيّة لرغبات المسعودي ومشاريعه، تلك الرغبات والمشاريع التي جعلتها تكره الرجال الذين يرون فيها وجبة دسمة؛ لذلك تزور الطبيب البيطري؛ لأنّ المجتمع يراها كبش فداء على مذبح اللذة، فهي تصرخ في وجه المسعودي: "أنت الحيوان، وأنت الكبش الملعون"، ص69، وتقول للغزالي: "خلّصني من ذلك الحيوان، وأكون لك طوال(2) الحياة"، ص130.
وتبدو دوغي رديفة للمسعودي في قهر الآخر، وإذا كان المسعودي يرغب في أن يجعل المرأة كبشاً لطموحاته، فإنّ دوغي أرادت أن تجعل الكلب رجلاً فحلاً تأمره فيطيع، أو تجعل الرجل كلباً يضاجعها على الطريقة الكلبية؛ وحين يشعر الغزالي أنها تريد منه أن يقوم مقام الكلب في العض واللهاث ومصمصة العظام تصحح له: "أنا من تريد أن تكون كلبة، كلبتك، هل تخيلت امرأة كلبة، تقبض عليك، فلا تتمكن من الخروج والهرب، وتبقى طوال الوقت تصارع الخروج، وفي أثناء ذلك تكون قد انتشيت مرة ثانية، فتشتد عضلتك وتواصل حتى تذوب"، ص124.
على أن الغزالي يربأ بنفسه أن يكون في ذلك الموضع، فيرسلها للمسعودي، من أجل يلتقيا: كلباً وكلبة. غير أنّ المسعودي يخفق، حتى في أن يكون كلباً، تاركاً دوغي تبحث عن اللذة المنتظرة من أيّ سبيل، قهي تقول للغزالي: "جئت إليك لتذكر مهاراتي أمام صديقك الفارس، وربما لرجل آخر قد تزوره خلال هذين اليومين، قد يكون أكثر صهيلاً"، ص212.
أمّا "حياة" التي برزت أهميتها، على الرغم من ظهورها المتأخر، فقد كانت حاسمة في توجيه الغزالي؛ إذ أربكته ـ إثر انتباهه لأنوثتها بعد عام في العيادة ـ وجعلته مراهقاً يتعرّف إليها من جديد. وحتّى يحافظ عليها كان لا بدّ أن يسعى؛ ليكون في مستوى طموحاتها، تلك الطموحات التي لا تعني مَزارع أو خيولاً أو بركاتٍ تحصل عليها من وليّ مزيّف، بل تعني الغزالي التقي الطاهر البريء من التلوث: "أنا أحب الغزالي الطفل الذي يفرح لقطعة بسكويت مع فنجان قهوة عند الصباح، وأحب الغزالي الرزين الذي يسعى لأن يكون ذاته، وأحب الغزالي المغامر الذي يختبر الشخصيات"، ص208، فهي تحبّه وتقف معه؛ ليجابه قوى الشرّ التي تتربص بقلبه النقي، وتعده أن تبقى دائماً إلى جانبه، لا ليحمي نفسه فقط، بل ليكشف زيف السلطة، من خلال حكاية أخرى منتظرة، يرويها ـ بوصفه مهرّجاً ـ لجمهور جديد: "لا تخف، أنا سأنقذك، لن أدعك تغرق، لن أدعك تضيع، لا تبكِ أرجوك، أرجوك"، ص213.
سابعاً ـ في تناسب الرؤية والأدوات:
يسعى أنور الخطيب في رواية "الكبش" إلى ترسيخ الفعل الرافض للفساد والإفساد في آن معاً، وينتقد، خلف غلافٍ فني شفيف، ما يجري في دهاليز السلطة من أساليب التجارة غير المشروعة من أجل التمتع بالثراء الفاحش، ومن أجل الحصول على متع الدنيا المختلفة، مع الحفاظ على هيبة السلطة ونظافة صورتها التي يتداولها العامة.
وإذا كان الغزالي قد رفض أن يكون، في المحصلة السردية العامة، كبش فداء، في سبيل تحقيق هذه المهمة غير الشريفة، فإنه رفض كل أشكال الفداء التي تغطي الفساد الإداراي والأخلاقي، سواءٌ أتعلقَ الأمر به أو بغيره.
لقد رفض الغزالي أن يكون كبشاً في مدينته، وفي المدينة الجديدة، ورفض أن تكون معصومة كبشاً، واستفزّ الروائي مشاعرنا تجاه هذه الكلمة، حتى نرفضها، إذ قالت معصومة للغزالي:
"أشعر أنني حيوانة، وأريدك أن تعالجني (...) أنا يا دكتور أشبه بالكبش، كبش محرقة أو كبش فداء لا يهمّ، أشعر بأنني كالإنسان الآلي، لعبة في أيدي الآخرين وأحياناً الأخريات، وأريد أن أعود إلى طبيعتي، فلا يمتلكني أحد، ولا يضحي بي أحد"، ص60.
وشرحتْ، إمعاناً في الرفض، مفهوم الكبش تمثيلياً في عيادة الدكتور، وهو الدور الذي يَطلب منها المسعودي ومَنْ وراءه أن تقوم به لتنظيف سمعتهم الملطّخة:
"جثت على ركبتيها، ومدّت ظهرها، واستندت على كوعيها، وغطّت رأسها وكامل جسدها بعباءتها، وحرّكت مؤخرتها ذات اليمين وذات اليسار، ثم إلى الأعلى والأسفل مرات عدّة، ثم نهضت والتقطت حقيبتها، وقالت: هذا هو الكبش يا دكتور، هذا ما يطلبون مني القيام به"، ص62.
إنّها المعركة الأساسية بين رؤيتين: رؤية تعدُّ الناس عبيداً من نموذج المسعودي الذي يفضّل "المرأة ذات المؤخرة السمينة التي إن سارت على أربع تبدو ككبش شهيّ"، ص57، ورؤيةٍ ترفض أن يكونوا كذلك، وتحذّر المسعودي ومن هو مثله من أن تدور عليهم الدائرة؛ لذلك يقول الغزالي للتوحيدي: "أرجو ألا تكون قد بالغتَ في تقييمكَ، فأنت لا تعلم متى تصبح الكبش الأضحية"، ص236.
إن رفض فكرة الفداء ها هنا لا تعني رفض الفكرة الدينية لها، بل رفض تشويهها، فالفداء الحقيقي يكون من أجل إعلاء قيمة مثالية، لا من أجل تغطية الفساد، لذلك فإنّ أنور الخطيب لا يدعو فقط من خلال هذه الرواية إلى نبذ هذا النوع من (الكبشية) على صعيد الأفراد، بل على صعيد المجموعات والأوطان أيضاً، وهذا ما يجعل فكرة روايته نبيلة، تتجاوز الخاص؛ لتُحيل على العام.
ويلاحظ أن الكاتب يحشد الرمز والإيقاع اللغوي والموضوعي (من مثل إيقاع الشك وإيقاع الجنس)؛ ليعوّض عن غياب لغة شعرية، لا تظهر إلا قليلاً؛ فقد استخدم لغة الشكّ التي تنمّي الشعور الغرائبي بشكل لافت، عبر استخدام سياقات إيهامية متعددة، خاصة في البداية، ويمكن أن نشير إلى بعضها فيما يلي:
• "ولا أدري، أكان البحر يحملني أم كنت أحمل البحر..!"، ص7.
• "ركوبي البحر لم يكن قراري الطوعي، ببساطة لم يكن اختياري، ربما دفعتني يد قادمة من الغيب الرحيم، أو ركلتني قدم قفزت من الجحيم الرجيم"، ص8.
• "لم تكن معجزة، ربما كانت، وربما كان الماء متجمّداً، ربما حملتني كبسولة الزمن، ربما حملني دولفين على ظهره، ربما خطفتني حورية الحبر...إلخ"، ص10.
• "ربما لم تكن تلك الصور صوره، وإنما أجرى عليها تعديلاً بواسطة برامج حاسوب"، ص19.
• "اعترتني شكوك بشأن مقابلتي فارساً اصطحبني إلى مزرعة فيها خيول كثيرة، وجود السيف على الجدار في زاوية أنيقة هو ما أزال شكوكي"، ص24.
أمّا إيقاع الجنس فقد جاء عالي النبرة، وإن لم يحتوِ على ألفاظ تخدش الحياء العام، وثمة مقاطع سردية تقدّم الجنس إيقاعاً غالباً، من مثل مشهد معصومة مع الغزالي في شقته (ص ص126ـ 129)، ومشهد المسعودي مع دوغي في شقته (ص135)، كما أنّ هناك سياقات لفظية يبدو لنا فيها أن استخدام الكلمات ذات الدلالة الجنسية غير موظف التوظيفَ الأمثل، ومن أمثلة ذلك قول المهرج: "لقد ضاقت الدنيا بي حتى صارت أصغر من فرج نملة"، ص7، ومن ذلك أيضاً وصف نساء الهمنغواي، وهنّ يسحبن "دخان السجائر ويحبسنه في صدورهنّ حتى يكاد يخرج من حلماتهنّ"، ص28ـ، والمقهى الذي يمتلئ "برائحة شهوة نساء أو بقايا جماع"، ص28.
يمكننا أخيراً أن نقول باختصار إنّ أنور الخطيب قدّم لنا حكايةً، استنفر لها ما يمتلكه من أدوات فنية؛ ليرسّخ رؤية نبيلة، حكايةً يعترف ساردها أنها "لم تكن مضحكة أو مسلية"، ص11، بل هي غريبة بما يكفي لتوقظ في المتلقي حاجةً بحث عنها الغزالي منذ البداية، حين قال: "أنا مجرد باحث عن وسادة نظيفة من الوساوس"، ص12.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
الهوامش:
(1) الصواب (طول)، لأن (طُوال) صفة تطلق على الرجل الطويل، فيقال: رجل طُوال، وطِوال: جمع. والحقيقة أن هناك عدداً غير قليل من الأغلاط (الإملائية خصوصاً) التي يحسن بالكاتب أن يتخلّص منها.
(2) راجع الهامش السابق.
(3) أنور الخطيب: الكبش، مداد للنشر والتوزيع، دبي، ط1، 2017.