صحار.. وفرص الاستثمار السياحي

 

عباس المسكري

 

 

لازلت في مقالتي لهذا الأسبوع أجعل من صحار مدخلا آخر مكملا لما سبق وانطلاقا لما سيأتي من مقالات أستطيع من خلالها تسليط الضوء على ما تتميز به ولاية صحار من معطيات؛ مهما تحدثنا عنها فلن نوفيها حقها، سأتحدث في هذا المقال عن واقع السياحة والمواقع السياحية وأهمية إثراء السياحة التي تعتبر إحدى الثروات الداعمة للاقتصاد الوطني، وبما إننا نحرص كل الحرص على إثراء هذا الجانب وتفعيله بكل ما نملك من اجتهادات وطاقات وخبرات تساهم مساهمة فاعلة في النهوض به إلى أعلى المستويات؛ فإنه حري بنا العمل بما يتوافق مع ذلك دونما كلل أو ملل.

الأهداف كثيرة والغايات أكثر ولتحقيق تنمية مستدامة علينا توفير فرص عمل، وذلك لخلق مستوى مناسب من الدخل الفردي لتحقيق الرفاه الاجتماعي لأبناء الوطن؛ وبالتالي استمرار النمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص إذا ما وجد بنية تحتية على مستوى عالٍ في ولاية صحار؛ وذلك من خلال تفعيل الميناء والمطار صحار وخلافه تفعيلا يتوافق مع التطلعات والأهداف لدعم هذه التنمية؛ فإنه بدون أدنى شك سيساعد على توفير بيئة جاذبة للاستثمار سواء من الصناديق الحكومية أو أصحاب رؤوس الأموال وكذلك الاستثمارات الأجنبية، ولا شك أنّ ولاية صحار مؤهلة وقادرة على استيعاب عدد كبير من المشاريع من خلال موقعها الاستراتيجي، انطلاقا من بيئتها الخصبة وجغرافية المتنوعة ومساحاتها الشاسعة فهي جاذبة للسائح والمستثمر ومحفزة على التطور والنمو الذي يواكب المراحل القادمة الحصر.

وإذا ما تحدثنا عن فرص الاستثمار السياحي فسنجدها كبيرة سواء كان على الشريط الساحلي الممتد أو في المناطق الريفية والأودية وسلسلة الجبال الغربية. وفيما لو أردنا التركيز على بعض الأماكن التي من الممكن أن تقام عليها استثمارات سياحية ناجحة، فعلى سبيل المثال لا الحصر سأشير هنا إلى حديقة اليوبيل الفضي الممتدة طوليا لما يقارب ثلاثة كيلومترات يحاذيها من جهة الشمال (الخور) الذي من الممكن أن تتم إعادة تأهيله من خلال التعميق وإقامة سلسلة مبانٍ سكنية ومطاعم ومقاهٍ سياحية على طول شريط الخور الممتد من بداية حديقة اليوبيل الفضي إلى البحر؛ مع استغلاله لبعض أنشطة القوارب الصغيرة، علما أنّ هذا الخور يشهد وفي هيئته الحالية ازدحاما كثيفا في الفترات المسائية للعديد من العوائل وخاصة في عطل نهاية الأسبوع، ومن جهة الشرق للحديقة شاطئ صحار الممتد لقرابة 45 كيلومترا، والذي من الممكن أن تقام عليه الفنادق السياحية بمختلف درجاتها.

في مقالي السابق (صحار عاصمة اقتصادية) أشرت إلى أنّ صحار وما تحظى به من مقومات داعمة للاستثمار من الممكن أن تكون مركزًا رئيسيا لمشاريع اقتصادية كبرى في شتى المجالات، فصحار ذات المساحة التي تبلغ حوالي 1728كم²، تتميز بتركيبة جغرافية تختلف اختلافا كليا عن باقي الولايات، ومن يحط رحاله في ربوعها يلاحظ تركيبتها الجغرافية الممتدة طوليا ابتداء من البوابة الرئيسية لصحار إلى آخر نقطة تربطها بولاية لوى، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: شريط ساحلي ممتد بطول 45 كم بداية من أولى قراها مجز الكبرى في جنوب الولاية، مرورًا بكل القرى الواقعة على الشريط الساحلي، وينتهي في قرية مجيس بشمال الولاية، ويأتي الشارع الرئيسي الممتد طوليا حتى ولاية لوى ويفصل المنطقة الساحلية عن المنطقة السهلية التي تبدأ بمحاذاة قرية مجز الكبرى من الجهة الشمالية بعمق قرابة عشرة كيلو مترات من الجهة الغربية للشارع الرئيسي، ثم المنطقة الجبلية ضمن سلسلة جبال الحجر الغربي.

تشهد ولاية صحار حركة عمرانية متجددة في كل أرجائها، وساهمت شبكة الطرق والجسور المقامة في الولاية في تسهيل الحركة المرورية، والانتقال بين مناطقها وقراها، وأتى الشارع السريع مكملا، ويعد حلقة وصل بين جميع القرى بصفة خاصة في صحار، ويشكل نقلة نوعية في زيادة الترابط والحركة الميسرة، بالإضافة إلى ربط صحار مع باقي المحافظات وقلل من الازدحام المروري في الشارع السابق والذي كان له سلبيات متعددة ومخاطر متنوعة حيث ساهم الشارع السريع في تلافيها والحد منها بنسبة عالية جدا، كما أنّه يساهم في ربط القرى داخل الولاية أو باقي المحافظات والولايات ناهيكم عن تسويقه للسياحة السهلة الجميلة لجميع السائحين من داخل وخارج السلطنة، وبلا أدنى شك فإنّ أي مشروع استثماري في صحار له علاقة بالبنية التحتية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فإنّه يصب في مصلحة تنمية الاقتصاد الوطني، ورفع كفاءته وإظهاره بمظهر تنافسي.

ومن المواقع السياحية الأخرى التي من الممكن أن يتم الاستثمار فيها "عين صهبان الكبريتية" وتشكل عامل جذب سياحي، فهي تقع في وسط جبال وادي صهبان بوادي الجزي التابع لولاية صحار وتبعد عن الشارع العام بنحو ثمانية كيلومترات، وتتميز باستمرار تدفق مياهها ودون انقطاع أو التأثر بالظروف المناخية وتعتبر من المياه الدافئة في فصل الشتاء ومعتدلة في فصل الصيف وتشكل زرقة مياهها منظر طبيعيا جذابا إلا أنّه ولوعورة طريقها الحالي لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة المركبات ذات الدفع الرباعي، ويمكن الاستثمار فيها من خلال إقامة منتجعات سياحية وشاليهات. وهناك مواقع أخرى متعددة تشكل عامل جذب سياحي في العديد من الأودية التي تزخر بالمياه على مدار السنة وبعض الأودية الموسمية التي تمتاز بكثافة الأشجار. كما أنّ جبال الحجر الغربي يمكن أن تكون جاذبة لهواة تسلق الجبال، والمواقع التاريخية في صحار كثيرة مثل قلعة صحار التاريخية أو سوق صحار القديم الذي تمّ تطويره ولكنّه لا يزال يعاني من عدم إقبال الناس على الاستثمار فيه ربما لارتفاع الإيجار الشهري؛ فحري بالجهات المختصة دراسة آلية تأجير هذا السوق التاريخي الذي كان في يوم من الأيام يشهد حركة تجارية منقطعة النظير، وفي الجانب الآخر هناك سوق الحرفيين والذي يعد شبه مهجور لعدم اهتمام الجهات المختصة به، كل هذه الأماكن والمواقع محتاجة لمراجعة شاملة وعمل دؤوب لإحيائها.

تعليق عبر الفيس بوك