"نيويورك تايمز": جنرالات السودان يعيدون فرض الحكم الاستبدادي

ترجمة- رنا عبد الحكيم

وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن طريقة حكم المجلس العسكري الانتقالي في السوادان ليست سوى محاولة لإعادة فرض الحكم الاستبدادي في البلاد.

وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها أنه يتعين على المسؤولين في الإدارة الأمريكية التوسط لتحقيق الانتقال السلمي نحو الحكم الديمقراطي الذي يحاول المجلس العسكري الانتقالي الحيلولة دونه.

وقالت الصحيفة إن السودانيين الذين خرجوا إلى الشوارع في ديسمبر 2018، للاحتجاج في البداية على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، شعروا بالبهجة عندما أزاح الجيش أخيرًا الرئيس عمر حسن البشير في أبريل الماضي، منهيًا حكمه الذي استمر ثلاثة عقود من الحكم الشمولي الاستبدادي. لكنهم كانوا على دراية بما حدث في جارتهم مصر؛ حيث عاد الجيش إلى السلطة بعد انتفاضة يناير 2011، ولذلك عندما أعلن القادة العسكريون في السودان أن مجلسًا عسكريًا انتقاليًا تم تشكيله لممارسة السلطة إلى أن يتم إجراء الانتخابات، ظل المتظاهرون مرابطون خارج مقر القيادة العامة للجيش، مطالبين بتكليف المدنيين بتولي السلطة الانتقالية.

وعندما انهارت جهود أسابيع من المفاوضات المتوترة بين قادة الاحتجاج والجيش، نفذ الجيش خطة لفض الاعتصام، حيث تسللت قوات الدعم السريع- وهي وحدة شبه عسكرية وميليشيا متهمة بالإبادة الجماعية في دارفور- إلى تجمع المعتصمين في 3 يونيو، وقامت بفض الاعتصام، ما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات، وتم إلقاء العديد من الجثث في النيل لإخفاء العدد الحقيقي للقتلى، ثم دعا قادة الاحتجاجات إلى إضراب عام في البلاد.

لكن أطراف الأزمة السودانية استجابوا للجهود الدبلوماسية التي بذلها المبعوثون الأمريكيون، واعلن قادة الاحتجاجات إلغاء الإضرابات، واتفقوا على استئناف المحادثات مع المجلس العسكري. وفي يوم الخميس الماضي، أقر متحدث باسم المجلس العسكري بأن الجيش أمر بفض الاعتصام، لكنه قال: "نأسف لحدوث بعض الأخطاء". ولا يزال المتحدث يلقي باللوم على المحتجين في انهيار المحادثات، وأكد مجددا أن غالبية أعضاء المجلس الانتقالي يجب أن يكونوا رجالًا عسكريين.

وأرسلت الإدارة الأمريكية إلى الخرطوم وفدا برئاسة دونالد بوث، وهو خبير مخضرم في الشؤون الأفريقية وتم تعيين مبعوثًا خاصًا إلى السودان، للبحث عن حل سلمي للأزمة، وقد التقى بوث رفقة تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون أفريقيا، قادة الاحتجاجات، من تحالف قوى الحرية والتغيير، وكذلك الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي.

وترى الصحيفة أن إرسال وفد أمريكي يمثل "خطوة صحيحة" من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب، فقد ضخت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من المساعدات الإنسانية إلى السودان مع إبقاء البلد على قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما حرم السودان من استثمارات كان في أمس الحاجة إليها. وأوضحت الصحيفة أن وصول الوفد الأمريكي يمنح واشنطن نفوذًا كبيرًا في التوسط لانتقال حقيقي نحو الديمقراطية بعد رحيل  البشير، والتزام بضمان عدم اختطاف الجيش للحكم. واستدركت الصحيفة بالقول إن أعضاء المجلس العسكري مرتبطون بعلاقات وطيدة مع حلفاء لهم في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، ومن المرحج أن هذه الدول تعارض بشدة الديمقراطية في السودان.

ولفتت الصحيفة إلى أن الفريق عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد القوات التي فضت اعتصام المحتجين، متورطان بشكل مباشر في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. فبعد أيام من سقوط البشير، وافق السعوديون والإماراتيون على تقديم 3 مليارات دولار مساعدة للسودان، لتعزيز شوكة المجلس العسكري الانتقالي.

ومن المقرر أن يجتمع بوث وناجي في الخرطوم مع مسؤولين من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، والذين من المحتمل أن يضغطوا من أجل تسوية تتيح للجيش البقاء في السلطة.

وترى الصحيفة في ختام افتتاحيتها، أن ذلك ليس ما يريده الشعب السوداني، ويجب أن يسعى الوسطاء الأمريكيون إلى دعم فرص تحقيق الديمقراطية في السودان.

تعليق عبر الفيس بوك