موسم سياحي مكرر

 

  علي بن سالم كفيتان بيت سعيد

بدأت القنوات الإعلامية المحلية والجرائد والدورات البرامجية الإذاعية والتلفزيونية تستعد كالعادة لموسم سياحي جديد في محافظة ظفار سيحل علينا بإذن الله بعد عدة أيام والأمر ذاته للمهتمين بما بات يعرف بسياحة المؤتمرات؛ رغم تحفظي على وجود مثل هذا النوع من السياحة خلال الأعوام الماضية، فمعظم المؤتمرات والندوات من تدبير الداخل وجل الضيوف من بلدنا الحبيبة مع بعض الكرفتات والغتر التي لا تكتمل الصورة إلا بهم لإضفاء الإقليمية والدولية.

وهنا يمكننا القول بأنّ مثل هذه المناسبات التي يصرف عليها من الميزانية العامة للدولة من الألف إلى الياء لا تضيف جديدا للموسم السياحي فالضيوف يوفر لهم السكن والتغذية ويتم تأمين تحركاتهم بسيارات رسمية أو مستأجرة من ذات الفنادق، ما يعني أنّ الضيف لا يصرف شيئا في الموسم إلا إذا ذهب لأكشاك النارجيل ليأخذ حمولته كهدية للأهل والأصدقاء فما هي الفائدة المرجوة من مؤتمرات وملتقيات وورش عمل أغلبها يأتي للترويح عن النفس فكان الأجدى أن تتم تسميتها بمسمياتها الصحيحة (رحلات ترفيه للموظفين) وللجميع أن يحضر إحدى تلك المناسبات ويعطينا رأيه، فعندما يشرف راعي الحفل والكاميرات التي تنقل الحدث يكتظ المكان وعندما يغادر وغالبا بعد بضع دقائق تصبح القاعات خاوية على عروشها إلا من بضع أناس يحدثون أنفسهم بما يعلمون ويتلون في نهاية النهار توصيات اجتروها من أرشيف مؤتمرات وملتقيات الأعوام الماضية.  

حسب المعطيات المتوفرة لا جديد في المشهد السياحي بمحافظة ظفار ونحمد الله أنّ الحفريات التي اعتادت الجهات المعنية افتعالها قبل كل موسم هذا العام في مستوياتها الدنيا، وكأنّ العام بأكمله لا يتسع للقيام بأي ترميمات أو إضافات. وهنا قد يستنبط المواطن البسيط بأنّ الأمر شكلي بحت وهدفه رضى الزوار فقط وليس عملا ممنهجًا لصناعة سياحة مستدامة، تهتم بتوفير الخدمات الأساسية للمواطن وتستوعب السواح خلال وقت الذروة ولا نريد هنا أن نرمي باللائمة على جهة دون غيرها، فاذا كان قطاع السياحة هو أحد المرتكزات الأربع للاقتصاد الوطني الجديد لا بد من نهج مختلف عن الحالي فالمحافظة صنفت مؤخرا من قبل مجلس التخطيط كهدف سياحي بحت بعد أن تم سحب أهداف أخرى كانت تعول عليها المنطقة!!!  

طوال نصف قرن يتم اطلاق جموع المواشي على الجبال والسهول والبوادي دون رحمة وعندما تموت الأشجار وتقل المراعي نسأل عن سياسات بيئية وزراعية ورعوية ظلت حبيسة الأدراج لعشرات السنين ولم يتم الاكتفاء بذلك فبعد انحسار الغطاء الأخضر ويقين المنتفعين أنه زائل لا محالة بفعل هذا السلوك الانتهازي ينتقل الصراع الى مرحلة الاستيلاء على الأرض بين إنسان يرى أنه الوصي عليها وجهات تريد أن تحظى بحصتها مما ساهمت في إهماله لحل إشكالات أخرى، ومع كل ذلك نتحدث عن صناعة للسياحة في المحافظة؛ ولكم أعزائي القراء ومن يخطط لزيارة المحافظة أن تجدوا حلا لهذه المعادلة وأنتم في طريقكم الصحراوي المقفر، ولا تنسوا أن تسيروا بحذر فالطريق المزدوج بأكمله لم ينجز بعد، وعليكم أن تسلموا وريقاتكم لذلك الشاب المبلل الواقف في موجهة الريح بمنفذ حريط، ولا بد أن تضعوها في كيس نايلون وأحكموا إغلاقها جيدا فالجو رطب حرصاً على وصول آرائكم ومقترحاتكم للجهات المختصة.

ولا تنسوا أيّها القادمون هذا العام لزيارة موسمنا السياحي أن الناقل الوطني زاد حصة الرسوم والضرائب على سعر التذاكر الى هذه المنطقة دعما منه لتطوير هذه الصناعة كما يتوجب عليكم أن لا تصحبوا الأطفال وكبار السن والمقعدين بعد أن تمّت إضافة رسوم جديدة على استعمال الكراسي المتنقلة ويسمح لكم بنقل هذه الفئات على ظهوركم داخل المطار دون رسوم هذا العام فقط.

ولا شك أنّ السائح سيسأل كذلك ألا يوجد حل للذباب والبعوض في المواقع السياحية الجميلة غير ذلك المرهم المتوفر بأكشاك العمالة الوافدة، فهو لا يفي بالغرض مطلقا بعد ظهور الزاعجة المصرية، وأين سيذهب السائح في المساء بعد أن يأخذ منه الذباب والبعوض حقه طوال النهار.. هل عليه أن يتوجه إلى ذلك الحوش المزدحم المليء بالصخب والباعة المتجولين وأرتال المطاعم الآسيوية وخيم المعارض المكدسة بالبطانيات والألعاب الرخيصة؟..

إنّ هذا الشكل بات غير لائق بموسم سياحي ينتظره الجميع.