"جارديان": تعنت المجلس العسكري يدفع السودان للانزلاق في "حرب أهلية"

ترجمة- رنا عبد الحكيم

حذرت صحيفة جارديان البريطانية من أن استمرار ما وصفته بـ"تعنت" المجلس العسكري الانتقالي في السودان إزاء تحقيق مطالب المعارضة، يدفع بالبلاد إلى أتون حرب أهلية لا يعلم أحد مداها، داعية المجلس العسكري إلى تلبية هذه المطالب وعلى رأسها تشكيل حكومة مدنية.

وقالت الصحيفة إنه في أعقاب "القمع الوحشي" الذي نفذته قوات الأمن ضد المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية في الخرطوم الأسبوع الماضي، ألقيت جثث العشرات من الضحايا المقتولين في نهر النيل. وإجمالا قُتل أكثر من 100 شخص وأصيب حوالي 500 آخرين، على الرغم من أن المجلس العسكري يشكك في هذه الأرقام.

وبعد ستة أشهر من الاحتجاجات التي أطاحت بحكم الرئيس المخلوع عمر البشير بعد 30 عاما من الحكم الديكتاتوري، عززت التظاهرات الآمال في تحول ديمقراطي، إلا أن حلم السودانين في التغيير تحطم أمام الممارسات الديكتاتورية مثل إطلاق نار والتنكيل بالمعارضين والاعتداءات على المتظاهرين. وأدانت بريطانيا والولايات المتحدة عمليات قتل المتظاهرين، ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى إجراء تحقيق في الأحداث.

ورفض المجلس العسكري الانتقالي- بقيادة فريق أول عبد الفتاح البرهان- خلال أسابيع من المفاوضات القبول بسيطرة المدنيين على أغلبية الحكومة المؤقتة المقترحة، وهو مطلب المعارضة الرئيسي. ونتيجة لذلك، استمرت الاحتجاجات السلمية في الشوارع، مما أثار غضب المجلس جراء هذا التحدي. وتتوقع الصحيفة أن البرهان نفذ عملية فض الاعتصام بالقوة بإيعاذ من قوى إقليمية، واتهمت الصحيفة السعودية ومصر في هذا الجانب.

وسعى المجلس العسكري للسيطرة على المعلومات التي تنتقل إلى العالم الخارجي، عن طريق قطع الاتصال بالإنترنت وحظر صحيفي شبكة الجزيرة الإخبارية، إلا أن هذه المحاولات فشلت فشلا ذريعا. وزعم محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس المجلس العسكري أنه يستهدف "العناصر المارقة الإجرامية" الموجودة بين المتظاهرين. واتهمت الجارديان المجلس العسكري بتعمد قتل المتظاهري، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل لإثبات براءة المجلس من هذه التهمة وغيرها.

ودعت الجارديان في افتتاحيتها إلى ضرورة احترام المطلب الرئيسي لقوى المعارضة التي تمثلها إعلان قوى الحرية والتغيير، بنقل السلطة إلى حكومة مؤقتة بقيادة مدنية دون مزيد من التأخير. واعتبرت الصحيفة ذلك الإجراء خطوة لتحقيق الهدوء على المشهد السوداني ومن ثم وضع جدول زمني للانتخابات يتم تشارك فيها رقابة دولية.

ومثلت الوساطة التي قام بها رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد واستطاع خلالها التحدث بشكل منفصل إلى المعارضة والمجلس العسكري، خطوة أولى مهمة نحو استئناف الحوار بين الجانبين. والمطلوب الآن هو مزيد من الضغط على المجلس العسكري للحفاظ على سلمية المظاهرات، فمع استمرار شعور السودانيين بالرعب في الوقت الذي تجوب فيه القوات شبه العسكرية الخارجة عن القانون شوارع العاصمة، فإن البديل الخطير سيكون الانزلاق نحو حرب أهلية.

وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت هناك إرادة دولية داعمة للتحول الديمقراطي في السودان، وقالت إن الولايات المتحدة التي ألحت مرارا بإصلاح ديمقراطي في السودان على مدى سنوات، لم تتخذ أي خطوة مفيدة على الرغم من اللحظة الفاصلة التي يمر بها السودان الآن. كما إن الحكومة البريطانية لم تتحرك كذلك بشأن السودان، فقد أخبرت هارييت بالدوين وزيرة شؤون أفريقيا السفير السوداني لدى المملكة المتحدة أن بريطانيا "مرعوبة للغاية" من الأحداث في السودان، وطالبت بوقف "الهجمات البربرية". لكن الصحيفة تساءلت بنبرة ساخرة: هل هذا هو المطلوب من بريطانيا؟!

واختتمت الجارديان افتتاحيتها قائلة إن الاتحاد الأفريقي راضٍ عن ترك كل شيء لآبي أحمد، وبالتالي على ما يبدو قد يكون الأمر متروكا أيضا للداعمين الرئيسين للمجلس العسكري وهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، لكبح جماح المجلس العسكري.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة